الصمود في وجه متغيرات قطاع التوزيع – ضروريات مطلوبة من موزّعي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

بيان صحفي
تاريخ النشر: 27 نوفمبر 2011 - 07:35 GMT

غابريال شاهين، الشريك في بوز أند كومباني
غابريال شاهين، الشريك في بوز أند كومباني

يقف الموزعون في الشرق الأوسط على مفترق طرق، فبعد عقود من النمو الثابت، جاءت المنافسة من شركات للخدمات اللوجستية والتحركات التي تقوم بها شركات متعددة الجنسيات، لتضع نماذج أعمال كانت ناجحة في ما مضى على المحك. ونتيجة لذلك، سرعان ما أصبح قطاع التوزيع أقل ربحية وأكثر مجازفة، مما يستلزم تحولا في طبيعة العمل واستراتيجياته.

تصدى الموزعون لهذا التحدي حتى الآن عبر القيام بتحسينات تشغيلية، مثل خفض التكاليف، ومحاولة إضافة شركات متعددة الجنسيات الى قوائم عملائهم. لكن هذه الخطوات ليس لها اهمية كبيرة، وستعجز عن حل مشاكل الموزعين على المدى الطويل. وإذا قيّض لهؤلاء أن يواصلوا التمتع بالنجاح، فإنهم بحاجة إلى تغيير "هوياتهم" ونماذج عملهم، وذلك عبر اعتماد واحد من خيارين استراتيجيين حددهما خبراء بوز أند كومباني. وهكذا، يمكنهم أن يغيروا سياستهم التوزيعية فيقوموا بأمور مثل التركيز على قنوات محددة أو فصل الخدمات، او دمج العمليات رأسياً الأمر الذي يضيف المزيد من الأرباح التي تنتج عن مرحلة مبكرة مثل التصنيع أو مرحلة متأخرة مثل تجارة التجزئة.

يقول غابريال شاهين، الشريك في بوز أند كومباني: "مع تراجع الأرباح وارتفاع التهديدات التنافسية، هناك حاجة ملحة للموزعين لاختيار مسار جديد والشروع في إجراء التغييرات اللازمة لاستراتيجياتهم وعملياتهم" . ويضيف: "هناك ما يقرب من 575 موزعا في الشرق الأوسط، الامر الذي يجعل هذه الصناعة جاهزة للدمج والتوحيد. وفي حين أن التحسينات التراكمية أظهرت أنها مفيدة، فإنها لا تكفي للاستمرار في ضوء المشهد التنافسي المزدحم بشكل متزايد والتشريعات الحمائية. وعلى الموزعين أن يحددوا ما إذا كان نموذج أعمالهم في خطر في ظل الظروف الراهنة، وما إذا كان يمكن أن يواصل إرضاء توقعات المساهمين من أجل اتخاذ قرار بشأن مسار التقدم".

كما ذكرنا أعلاه، هناك خياران اساسيان تنصح بهما بوز أند كومباني الموزعين. الاول هو تغيير السياسة وإعادة تركيزها ضمن عملية التوزيع. فخلال توسيع نطاق نشاطاتهم، على الموزعين أن يأخذوا في عين الاعتبار ستة أبعاد يمكنهم السعي إليها منفردة أو مجتمعة، وفقا لتقييمهم قدراتهم.

وهي :   

تركيز الخدمة: بامكان الموزع فصل بعض جوانب سلسلة القيمة (على سبيل المثال، اللوجستيات والتسويق)، وخلق أفضل خدمة في فئتها ليقدمها بعد ذلك في السوق.

التركيز على قناة: يمكن للموزع الاحتفاظ بحجم كبير للأعمال عبر التركيز على قناة، وفي هذه الحالة تقدم هذه القناة خدمة شاملة لقنوات معينة. وتشكل شركة سيسكو كوربوريشن الأميركية  مثالا على موزع يعتمد التركيز على قناة، وهي بذلك أصبحت واحداً من أبرز موزعي الخدمات الغذائية في الولايات المتحدة. كذلك، قد يكون التركيز على التجارة التقليدية، مثل محلات البقالة التقليدية التي تشكل الغالبية العظمى من مشهد التجزئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا اليوم، أمراً ذا صلة بنشاط التوزيع في هذه المنطقة.

التركيز على فئة : الانتقال الى التركيز على فئة ينطوي على التخصص في مجال منتجات معينة حيث الدراية أمر ضروري. وخير مثال على ذلك هو شركة ماكيسون التي أصبحت من خلال تركيزها على الرعاية الصحية الشركة الخامسة عشرة من حيث الحجم في الولايات المتحدة.

هذه الخيارات الثلاثة الأولى تتطلب تعديلا للنماذج الاقتصادية، في حين أن الخيارات الثلاثة الآتية لا تتطلب ذلك.

التركيز على الشركات متوسطة الحجم: يمكن للموزعين استهداف شريحة فرعية من الشركات المتعددة الجنسيات – العنصر الجاذب هو شركات ذات إيرادات كافية لامتلاك تطلعات عالمية، ولكن عائدات قليلة لانشاء متجر في كل سوق. وتعتبر شركة قطر الوطنية للاستيراد والتصدير مثالا جيدا لاستخدام التركيز المتوسط الحجم بنجاح في المنطقة.

التركيز الجغرافي: ليس المقصود هنا التوسع الجغرافي، بل التركيز على مناطق جغرافية معينة. والذين يعتمدون التركيز الجغرافي يشكلون استثناء من حيث أنهم لا يحتاجون عموماً إلى الشعور بالقلق حيال حجم أعمالهم، بل عليهم فقط إدارة حساباتهم واعمالهم داخل المناطق الجغرافية التي يستهدفونها.

التركيز على العلامة التجارية الداخلية: يتيح التركيز على العلامة التجارية الداخلية للموزع تحديد الحاجات المحلية غير الملبّاة، والعثور على مصنّع لإنتاج المنتجات الملائمة تحت العلامة التجارية للموزع نفسه. وقد ذهب العديد من موزعي الشرق الاوسط وشمال افريقيا بالفعل في هذا الاتجاه باعتباره وسيلة لضمان نموهم.

وعلق المدير الأول في بوز أند كومباني فيصل شيخ قائلا: "نظرا الى الحاجة الماسة لإعادة تركيز عملهم، على الموزعين  التفكير في كل الخيارات التي من شأنها أن تسمح لهم بزيادة حجم أعمالهم بسرعة. وقد يختار الموزعون الذين اكتسبوا بالفعل حجماً حاسماً للأعمال العمل منفردين، بينما على الذين ما زالوا بحاجة إلى زيادة حجم الأعمال النظر في إقامة شراكات وتحالفات مع الموزعين الموجودين، أو مع شركات متعددة الجنسيات".

أما الخيار الثاني فهو دخول جزء آخر من سلسلة القيمة، بالإضافة إلى التوزيع، علماً أنه ينطوي على مخاطر أكبر. وتتعلق هذه النصيحة الاستراتيجية الثانية بالدمج الرأسي - إما إلى الخلف باتجاه التصنيع وإما إلى الأمام باتجاه التجزئة - لإخراج الموزعين من موقف الوسيط ووضعهم في مكان يتيح لهم "امتلاك" شيء مستدام.

وبشكل ملموس اكثر، يمكن القول إن التكامل الرأسي يوفر فرصة لتعزيز الأرباح. فلكل دولار ربح في الصناعة الصيدلانية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، على سبيل المثال، يحصل المصنعون على 55 سنتا، وتجار التجزئة على 30 سنتا، والموزعون على 15 سنتا فقط، حتى ان الموزعين يحصلون على نسب اقل في صناعة الأغذية والمشروبات (8 ٪ للموزعين). ومن خلال التدخل في أجزاء أخرى من سلسلة القيمة، سوف تنال أرباح الموزعين دفعاً كبيراً.

يمكن للموزعين الذين يتقدمون في اتجاه التجزئة الاستفادة من معرفتهم في تخطيط المخزون وإدارة المستودعات وتفعيل شبكات الخدمات اللوجستية للحصول على الكفاءة. وكذلك، ينطلق الموزعون الذين يسيرون في الدمج الى الوراء في اتجاه التصنيع، مع بعض المزايا، مثل حجم التوزيع الذي يملكونه حالياً والذي يمكنهم من اختراق الأسواق بسرعة مع منتجات تخرج من خطوط التجميع الخاصة بهم. وتكون الكلفة الحدية للتوزيع عادة منخفضة جدا لأنهم يملكون شاحنات التسليم، والمستودعات وأنظمة التدفئة والتبريد. بالإضافة إلى ذلك، فإن شركات التوزيع التي تنطلق في عالم تصنيع المنتجات تحصل على موضع بارز لهذه المنتجات في المتجر، مستفيدةً من علاقاتها الوثيقة القائمة مع تجار التجزئة.

يقول شاهين: "إعادة الابتكار ممكنة، كما ثبت من خلال أمثلة ناجحة في الاسواق. إنما هناك احتمال كبير للفشل عند محاولة استيعاب قدرات جديدة، لذلك يمكن لبعض الموزعين ان يعتبروا هذه الاستراتيجية الثانية خيارا بعيدا جدا. وبغض النظر عن اي جزء من سلسلة القيمة يقرر الموزع دخوله، ستبقى هناك ثغرات. ولا يكون الموزعون ملمّين عادة باكتشاف الاماكن المثلى وبنية المخازن، علماً أن هذين هما عنصران أساسيان لنجاح تجارة التجزئة. وهم لا يملكون المهارة في استخدام آراء المستهلكين لتحديد السلع التي ينبغي ان تكون  في الاسواق أو كيف يحددون أسعارها".

وإذا دخل الموزّعون عالم التصنيع سيجدون أيضاً عددا مماثلاً من الثغرات. وسيحتاجون حكماً إلى إضافة قدرات البحث والتطوير، والقدرة على ايجاد مصادر المواد الخام، والقدرة على الإنتاج، ذلك أن تشغيل مصنع يتطلب مهارة عالية التخصص. ولئن امتلك الموزع بعض القدرات المطلوبة، فإنه لن يملكها كلها، وهذا ما أدركته شركة توزيع للمنتجات الصيدلانية في المنطقة عندما أرادت الشروع في تصنيع نسخ بلا أسماء تجارية لأدوية معينة.

تشكل مجموعة "باسمح" مثالاً في المنطقة لعملية الدمج التي تتجه رجوعاً نحو التصنيع. فقبل بضعة عقود، بدأت هذه الشركة السعودية التي قاربت من العمر 80 عاما، تصنيع منتجاتها الغذائية الخاصة بها تحت اسم العلامة التجارية "قودي". وتقدم اكسيوم تيليكوم مثالا للدمج في الاتجاه الأمامي، فبعدما بدأت كموزع للأجهزة النقالة، اصبحت الآن من أنجح متاجر التجزئة للهواتف الخليوية مع أكثر من 900 فرع في المنطقة.

يقول شيخ: "على الرغم من أن المرحلة مهيأة لعمليات الدمج والتوحيد التي يرجّح أن تكون مكثفة، فإن معظم موزعي الشرق الأوسط وشمال افريقيا لا يمكنهم - وليسوا بحاجة -  إلى تحويل أعمالهم بين ليلة وضحاها". ويضيف: "انهم بحاجة الى تقبّل فكرة ان السوق يتغير، وان يبدأوا التفكير في الطريقة التي تمكنهم من التكيف مع كل جديد، مع تحديد مدى السرعة التي يحتاجونها لسلوك مسار جديد بهدف ضمان استمرار الأرباح".

للقيام بذلك، يجب أن يحددوا مدى الخطر على نموذج أعمالهم القائم:

هل تملك الشركات المنتجة موزعين متعددين في السوق؟

الشركات التي لديها اكثر من موزع، يكون لديها بدلاء جاهزون تلجأ إليهم مما يجعل خطر ابتعاد الشركة المنتجة عن الموزّع أكبر.

هل سبق للموزّع أن خسر أياً من الشركات المنتجة الرئيسية التي يتعامل معها؟

هذا النوع من الخسارة يبقى في أذهان أفراد الإدارة والمساهمين، الأمر الذي يعزز تصورهم للمخاطر.

هل غالبية إيرادات الموزع مستمدة من عدد قليل من الشركات المنتجة؟

يعتبر الاعتماد الكبير على حفنة من العملاء غير آمن على الإطلاق. فإذا قطعت العلاقة مع الشركات المنتجة، فان الموزعين يلقون في كثير من الأحيان صعوبة في تغطية تكاليفهم الثابتة.

عند التأكد من حجم المخاطر، يجب على الموزّعبن أن يحددوا ما إذا كان نموذج أعمالهم القائم ما زال يلبي توقعات المساهمين، من خلال طرح الأسئلة الآتية:

ما هو العائد على رأس مال المستثمر  للمشروع؟

يقلص العائد المتراجع قيمة حقوق المساهمين، ويُنشئ وضعا يفضل فيه المساهمون إيداع أموالهم في المصارف.

اذا كانت عملية التوزيع تديرها عائلة، إلى أي مدى يُتوقّع اتساع قاعدة المساهمين؟

تخلق الأجيال الجديدة حتمية الحصول على مزيد من الأرباح. بدون عائد جيد ومتزايد لرأس المال المستثمر، ستجد شركات التوزيع صعوبة في الوفاء بالتزاماتها.

يقول شيخ: "بالنسبة الى بعض الموزعين، فإن الأجوبة على هذه الأسئلة تلقي الضوء على تحديات كبيرة على المدى القريب – وهؤلاء هم من ينبغي عليهم أن يدرسوا بجدية إمكانات التنويع، من خلال الانتقال إلى أجزاء جديدة من سلسلة القيمة أو القيام برهانات استراتيجية من خلال مبادرات معينة مثل امتلاك حصص في مشاريع مشتركة. إلا أن أحداً لا يستطيع، في أي حال، أن يكون مسترخياً. بل يجب على الشركات اتخاذ بعض الخطوات الأولية على الأقل لإعداد أنفسها لاعتماد بعد جديد في إطار عملها في التوزيع".

ليس كل موزع في موقف ضعيف ينبع من الاعتماد على وجود شركة منتجة واحدة يوزّع لها وتتعلق كل أصوله بها، ولكنّ موزعين كثراً يعتمدون على مصادر دخل باتت بعد عقود من النمو المطرد، تبدو فجأة عرضة للخطر. هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات جريئة واستراتيجية. وسوف تتوقف الاستراتيجية الصحيحة على أصول الموزع وقدراته، فضلا عن الاخطار التي يواجهها. غير أن القرار الأهم المتعلق بأي مسار سيسلكه لا يمكن تأخيره على الإطلاق.

خلفية عامة

اشتراكات البيانات الصحفية


Signal PressWire is the world’s largest independent Middle East PR distribution service.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن