دعت فرنسا الرئيس السوري بشار الاسد الى تسليم السلطة الى حكومة انتقالية، بينما ربطت بريطانيا اي حل سلمي برحيله، وحذرته واشنطن من رفض التفاوض على مثل هذا الحل، وذلك في مواقف اعلنتها هذه الدول قبيل اجتماع لمجموعة اصدقاء سوريا في العاصمة الأردنية عمان.
وقال وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس "من الواضح تماما ان الهدف الرئيسي لهذا المؤتمر المقترح هو تشكيل حكومة انتقالية لسوريا تضطلع بالسلطة التنفيذية الكاملة."
ومضى يقول "موقف فرنسا هو... أنه يجب ان تكون هناك هيئة انتقالية تضطلع بالسلطة التنفيذية كاملة. هذا يعني في الحقيقة ان السلطات التي يتمتع بها الرئيس الان ستنقل الى الهيئة الانتقالية. هذا واضح."
وينعقد الاربعاء في عمان اجتماع مجموعة "اصدقاء سوريا" في محاولة للدفع باتجاه سعي واشنطن وموسكو الى عقد مؤتمر دولي لحل الازمة اصطلح على تسميته "مؤتمر جنيف 2" بمشاركة طرفي النزاع والمقرر عقده الشهر المقبل.
ويشارك في الاجتماع وزراء خارجية 11 دولة، تمثل المجموعة الاساسية ل"اصدقاء سوريا" وهي الاردن والسعودية والامارات وقطر ومصر والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا والمانيا وايطاليا، بحضور ممثلين عن المعارضة السورية.
وطالب رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية جورج صبرة الاربعاء المجتمع الدولي بفتح "ممر انساني" الى مدينة القصير الواقعة في محافظة حمص في وسط سوريا والتي تتعرض منذ ايام لهجمات متكررة من قوات النظام مدعومة من حزب الله اللبناني.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه إذا لم يكن الرئيس السوري مستعدا للتفاوض على حل سلمي لإنهاء الحرب الأهلية في بلاده فستبحث الولايات المتحدة ودول أخرى زيادة الدعم لمعارضيه.
وأضاف كيري في مؤتمر صحفي في العاصمة الأردنية عمان ان عدة آلاف من مقاتلي جماعة حزب الله اللبنانية يشاركون في الحرب في سوريا بدعم إيراني.
وتعليقا على الهجمات الأخيرة لقوات الأسد قال كيري انها حققت مكاسب ميدانية في الأيام القليلة الماضية لكنه أضاف انه يعتبر هذه المكاسب "مؤقتة للغاية".
ومن جهته، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الاردني ناصر جودة ان "موقف المملكة المتحدة منذ امد بعيد ان الاسد يجب ان يرحل وانه ليس بأمكاننا رؤية اي حل ينطوي على بقائه".
واضاف "إذا كان النظام (السوري) يعتقد ان بامكانه تحقيق انتصار عسكري والعودة إلى الوضع السابق، فانا أعتقد أنه يرتكب خطأ فادحا، خطأ كارثيا"، مشيرا الى انه "ينبغي أن يكون هناك حل سياسي، بغض النظر عن الوضع على الارض".
واوضح هيغ ان "مؤتمر جنيف 1 (...) يتحدث عن تشكيل حكومة انتقالية مع سلطات تنفيذية كاملة، تتشكل على أساس الموافقة المتبادلة".
وتابع "في النهاية، فان العامل الحاسم هو مدى استعداد النظام للتفاوض (...) حيث تريد روسيا بوضوح (مشاركة كل الاطراف المنخرطة بالنزاع) في عملية التفاوض ثم يأتي السؤال حول مدى جدية (النظام) ورغبته في هذا التفاوض".
من جانبه، اكد جودة ان "جهد اليوم ليس لملء فراغ دبلوماسي او سياسي بل هو لاستكمال مسعى يسعى الى الدخول في مسار سياسي يضمن انهاء حالة العنف التي نراها ويضمن وقف مسلسل سيل الدماء ويضمن عودة الاستقرار".
واستضافت المدينة السويسرية في 30 حزيران/يونيو 2012 مؤتمرا دوليا نتج عنه اتفاق جنيف الذي يدعو الى وقف العنف في سوريا ووضع مسار لحكومة انتقالية بصلاحيات كاملة، دون التطرق بشكل مباشر الى مصير الرئيس الاسد الذي تنتهي ولايته في العام 2014.
ويشكل مصير الاسد العقدة الاساسية في اي تفاوض حول حل سياسي. اذ ترفض المعارضة اي نقاش في حل النزاع الذي اودى باكثر من 94 الف شخص، قبل تنحي الاسد عن السلطة.
من جهته، يرفض النظام السوري الذي يعتبر ان مقاتلي المعارضة ارهابيون"، اي حديث عن استقالة الاسد من منصبه، ويشدد على ان اي حوار يجب ان يجري من دون شروط وبعد القاء السلاح.
كما تبدو مواقف الدول الكبرى على تعارض في ما يتعلق بالازمة السورية، اذ تطالب واشنطن وباريس ولندن برحيل رأس النظام في سوريا، في حين تشدد موسكو ابرز الداعمين الدوليين للرئيس الاسد، على بقائه في منصبه، مع استمرارها في تزويد قواته النظامية بالسلاح.
من هنا، يبدو عقد المؤتمر الذي اطلقت فكرته موسكو وواشنطن في محاولة لتقريب وجهات النظر حول النزاع المستمر منذ منتصف آذار/مارس 2011، مهمة معقدة.
يشار الى ان الهدف من مؤتمر "جنيف 2" هو التوصل الى تشكيل حكومة انتقالية "برضى متبادل" تتمتع ب "كامل الصلاحيات" مما يستبعد كما تقول المعارضة وداعموها اي دور للرئيس السوري بشار الاسد.
وبعد ان ذكر اعضاء في الائتلاف السوري لقوى المعارضة انه لم يتلق الدعوة للمشاركة في الاجتماع، وقال مسؤولون اردنيون ان المعارضة لن تحضر المؤتمر، اعلن سونير احمد من المكتب الاعلامي للائتلاف، ان رئيسه بالانابة جورج صبرة توجه الاربعاء الى عمان للمشاركة في مؤتمر "اصدقاء الشعب السوري".
وقال احمد لوكالة فرانس برس "وصلت الدعوة الى المؤتمر متأخرة الى الائتلاف الذي اكد مشاركته في الاجتماع".
واضاف ان الائتلاف "اكد حضوره، وسيمثله رئيس الائتلاف بالانابة جورج صبرة الذي هو في الطائرة حاليا متوجها الى عمان".
من جهته، شن السفير السوري في عمان بهجت سليمان الاربعاء هجوما على ما اسماه مجموعة "اعداء سوريا".
وقال سليمان في مؤتمر صحافي عقده في مبنى السفارة السورية في عمان ان "ما تواجهه سوريا هي حرب كونية عدوانية إرهابية، يقودها من سموا أنفسهم بأصدقاء سوريا ضد الدولة السورية بشعبها وجيشها وقيادتها وهذا ما دفع بالدولة السورية للدفاع عن نفسها، وخوض حرب دفاعية مقدسة في ظل حملات إعلامية ظالمة لم يشهد لها التاريخ مثيلا".
ووصف السفير السوري مؤتمر مجموعة "اصدقاء سوريا" بأنه "مؤتمر أصدقاء إسرائيل ومؤتمر أعداء سوريا".
واضاف مخاطبا مجموعة أصدقاء سوريا ان "من يريد إنهاء المأساة في سوريا يحتاج أول ما يحتاج الى التوقف عن تسليح وتدريب العصابات الارهابية المسلحة في سوريا، ويحتاج الى التعاون مع الدولة السورية الوطنية الشرعية، كما فعل ويفعل أصدقاء سوريا الحقيقيون، ويحتاج الى التوقف عن اتهام ما يسمونه النظام السوري بالتسبب في تدمير سورية وذبح الشعب".
من جهته، رأى حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية للاخوان المسلمين وابرز احزاب المعارضة في الاردن في بيان بان "هذه الاجتماعات العبثية تعطي فرصة للنظام السوري المدعوم من قوى اقليمية طائفية وقوى دولية لمزيد من القتل والتدمير في الوقت الذي يفرض فيه حظر على وصول السلاح الى الشعب السوري المدافع عن حريته وكرامته وحقه في اختيار النظام المؤتمن على مصالحه".
واكد الحزب على موقفه "الرافض للتدخل العسكري بكل أشكاله ومن مختلف مصادره بما في ذلك التدخل المدان من حزب الله اللبناني وجمهورية ايران".
ودعا الى "حل عربي لإنقاذ سوريا والحفاظ على وحدة شعبها وترابها وتمكين شعبها من تقرير مصيره بإرادته الحرة".
وقتل اكثر من 94 الف شخص نصفهم من المدنيين في سوريا منذ اذار/مارس 2011 بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.