قال جنوب السودان يوم الجمعة انه سيسحب قواته من منطقة هجليج النفطية المتنازع عليها مع السودان بعد أكثر من أسبوع من سيطرته عليها الامر الذي ادى الي تراجع الدولتين عن شفا حرب شاملة.
وقال السودان انه "حرر" المنطقة بالفعل وعرض التلفزيون الحكومي لقطات لمئات الاشخاص الذين احتشدوا في شوارع الخرطوم وهم يرددون الهتافات ويلوحون بالاعلام.
وكانت سيطرة جنوب السودان على المنطقة أثارت احتمال اندلاع اول حرب علنية بين دولتين افريقيتين مستقلتين منذ خاضت اثيوبيا حربا ضد اريتريا التي كانت حديثة الاستقلال في الفترة بين عامي 1998 و 2000.
وتصاعد التوتر منذ انفصال جنوب السودان واعلانه الاستقلال في يوليو تموز بموجب اتفاق سلام أبرم في عام 2005 واستحوذ على معظم احتياطات النفط المعروفة في البلاد.
ولم تتفق الدولتان بعد بشأن ترسيم الحدود بشكل كامل وأدى الخلاف بينهما بالفعل الى وقف كل انتاج النفط تقريبا الذي يقوم عليه اقتصاد الدولتين.
وقال وزير الاعلام في جنوب السودان للصحفيين في العاصمة الجنوبية جوبا ان رئيس الجنوب سلفا كير أمر بالانسحاب غير المشروط للقوات خلال ثلاثة أيام.
وقال بارنابا ماريال بنجامين انه في ضوء أوامر سلفا كير "تعلن جمهورية جنوب السودان انه صدرت أوامر لقوات الجيش الشعبي لتحرير السودان بالانسحاب من بانثو (هجليج)."
وأضاف ان الانسحاب ياتي استجابة لنداءات زعماء العالم "لتهيئة الاجواء لاستئناف الحوار مع السودان". وكان الامين العام للامم المتحدة بان جي مون دعا الجنوب للانسحاب يوم الخميس.
ومضى قائلا ان جنوب السودان يعتقد مع ذلك ان هجليج التي يسميها كثير من الجنوبيين بانثو هي اراض تابعة له ويريد تقرير مصيرها من خلال التحكيم الدولي.
وفي السودان قال وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين ان القوات المسلحة تمكنت من "تحرير بلدة هجليج" وتطهيرها من قوات جنوب السودان.
واضاف الوزير في كلمة بثها التلفزيون ان القوات المسلحة السودانية مستعدة لمواصلة العملية حتى نهايتها حتى يطمئن شعب السودان.
واوضح ان القوات المسلحة تحركت للحفاظ على ما تبقى من المنشات النفطية.
وبعد الاعلان انطلقت احتفالات في العاصمة السودانية حيث تسببت انباء سيطرة الجنوب على هجليج في باديء الامر في صدمة كبيرة للكثيرين.
وخلال تجمع حاشد حضره الوف الاشخاص اشاد الرئيس عمر حسن البشير بما وصفه بانه انتصار عظيم للقوات المسلحة السودانية.
وقال ان رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان يقول انهم انسحبوا من هجليج مضيفا ان ذلك لم يكن انسحابا. ومضى قائلا ان السودانيين دخلوا هجليج بعد ان هزموهم ودخلوها بالقوة موضحا ان الجنوبيين ما زالوا يفرون.
وقال ان جنوب السودان هو الذي بدا الحرب لكن السودانيين هم الذين حددوا نهايتها.
وكانت القوى العالمية حثت جنوب السودان على الانسحاب من هجليج اثر الاجتياح الذي وصفه بان جي مون بانه اعتداء على سيادة السودان.
وفي اشارة على الاثر الاقتصادي الذي قد يترتب على التصاعد الاخير في التوتر قال فيليب أجوير المتحدث باسم جيش جنوب السودان في وقت سابق يوم الجمعة ان القصف الجوي السوداني أدى الى اشتعال النار في منشأة المعالجة المركزية في هجليج الخميس.
واضاف أن طائرة "من طراز ميج قصفت المنشات النفطية أمس في هجليج وأصيبت احدى المنشات.. منشأة المعالجة المركزية التي تفصل الماء عن النفط الخام" مضيفا "اشتعلت فيها النيران أمس وهي تحترق" الان.
وتحول صعوبة وصول الصحفيين المستقلين الى مناطق الصراع النائية بالسودان دون التحقق من المزاعم المتناقضة في الغالب الصادرة عن جميع الاطراف.
وحقل هجليج حيوي لاقتصاد السودان لانه ينتج نصف انتاج الدولة البالغ 115 الف برميل يوميا والذي بقي تحت سيطرته عندما انفصل الجنوب.
وقال مسؤول نفطي يوم الاربعاء ان السودان خسر حوالي 40 الف برميل يوميا من الانتاج بسبب القتال.
وكان جنوب السودان الذي لا يطل على سواحل بحرية قد أوقف بالفعل انتاجه البالغ 350 الف برميل يوميا بسبب خلاف مع الخرطوم بشأن المبلغ الذي يتعين عليه ان يدفعه لتصدير النفط عبر السودان من خلال خطوط انابيب وميناء على البحر الاحمر ومنشات أخرى. وكان جزء كبير من نفط الجنوب يمر عبر منشات المعالجة في هجليج حتى اغلاقها.