الامم المتحدة تتهم القوات السورية بارتكاب جرائم تنفيذا لاوامر عليا والدبابات تقتحم حي بابا عمرو في حمص

تاريخ النشر: 23 فبراير 2012 - 10:32 GMT
دبابة سورية تم تدميرها في حمص يوم 20 فبراير شباط
دبابة سورية تم تدميرها في حمص يوم 20 فبراير شباط

قالت الامم المتحدة يوم الخميس ان القوات السورية قتلت بالرصاص نساء وأطفالا عزل وقصفت مناطق سكنية وعذبت محتجين مصابين في المستشفيات بناء على أوامر من "أعلى المستويات" في الجيش والحكومة.

ووجدت لجنة تحقيق تابعة للامم المتحدة يرأسها البرازيلي باولو بينهيرو أن قوات المعارضة التي يقودها الجيش السوري الحر ارتكبت أيضا انتهاكات شملت القتل والخطف "وان كانت لا تقارن بمستوى" ما ارتكبته القوات الحكومية.

واعلنت لجنة التحقيق الدولية أن الحكومة السورية "اخفقت في حماية شعبها". وكتبت اللجنة التي التقت 136 شخصا جديدا منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي لدى تقديم تقريرها السابق، "منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، ارتكبت قواتها انتهاكات خطيرة ومنهجية وكبيرة لحقوق الانسان".

وقالت مصادر المعارضة السورية ان مدرعات القوات التابعة للرئيس السوري بشار الاسد دخلت حي بابا عمرو معقل المعارضة السورية في حمص يوم الخميس بعد 20 يوما من القصف المتواصل الذي خلف مئات القتلى والجرحى ودمارا هائلا.
وقال النشط أبو عماد لرويترز من المدينة "دخلت الدبابات منطقة جوبر في جنوب بابا عمرو."
وقال نشطاء في وقت سابق الخميس ان قوات الاسد امطرت بالصواريخ وقذائف المورتر حي الانشاءات وحي بابا عمرو حيث يتحصن فيما يبدو مقاتلون من الجيش السوري الحر المعارض رغم اشتداد القصف. وفي حي الخالدية دعت المساجد السكان الى الاحتماء بينما كانت قذائف المورتر تسقط على المنطقة.
وقال عبد الله الهادي من المدينة "الانفجارات تهز حمص كلها. ارحمنا يا الله."
وكان من بين قتلى يوم الاربعاء صحفيان أجنبيان بعد تكثف الهجوم للقضاء على المقاومة في حمص احدى معاقل الانتفاضة ضد حكم الاسد.
ووصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مقتل الصحفيين وهما المصور الفرنسي ريمي اوشليك والامريكية ماري كولفن التي تعمل لدى صحيفة صنداي تايمز البريطانية بأنه "اغتيال" وقال ان حكم الاسد يجب ان ينتهي.
وأضاف ساركوزي "كفى. النظام يجب ان يرحل وما من سبب يمنع السوريين من حقهم في ان يعيشوا حياتهم ويختاروا مصيرهم بارادتهم. لو لم يكن هناك صحفيون لازدادت المجازر سوءا."
وطالبت فرنسا وبريطانيا بتوفير العلاج على وجه السرعة لثلاثة صحفيين غربيين اخرين أصيبوا في الهجوم على منزل في حمص.
وفي الولايات المتحدة أيد المرشحان الجمهوريان المحتملان لانتخابات الرئاسة ميت رومني ونيوت جينجريتش فكرة تسليح المعارضة السورية.
وقال رومني ان الولايات المتحدة عليها التضامن مع الحلفاء لمساعدة مقاتلي المعارضة. وقال "علينا ان نتعاون مع السعودية ومع تركيا لنقول 'عليكم أنتم ان تقدموا نوعية السلاح المطلوبة لمساعدة المقاتلين داخل سوريا'."
ولمح البيت الابيض الذي يعارض حتى الان التدخل العسكري في سوريا الى أنه في حالة استحالة الحل السياسي فربما يتعين بحث خيارات أخرى.
وتم انتشال اكثر من 60 جثة لمقاتلين ومدنيين يوم الاربعاء من حي بابا عمرو الذي تسكنه أغلبية سنية وهو معقل للمعارضة بعد قصف وقع مساء أمس. وقال نشطاء ان نحو 21 قتلوا في وقت سابق يوم الاربعاء.
وقال أبو عدي وهو نشط في حمص لرويترز "حلقت طائرات الاستطلاع عاليا بعد ذلك بدأ القصف."
وأظهرت لقطات فيديو وضعها ناشطون من المعارضة على الانترنت المباني المدمرة والشوارع المهجورة وأطباء يعالجون المدنيين الجرحى في أحوال بدائية في حي بابا عمرو الهدف الرئيسي لغضب الاسد.
ومن المتوقع ان يهيمن الوضع الانساني المتفاقم في حمص وبلدات محاصرة اخرى على محادثات "أصدقاء سوريا" التي ستجرى في تونس والتي تضم الولايات المتحدة ودولا اوروبية وعربية وتركيا ودولا اخرى تطالب الاسد بوقف اراقة الدماء والتخلي عن السلطة.
وقتل الصحفيان الاجنبيان حين سقطت صواريخ أطلقتها القوات الحكومية على المنزل الذي كانا فيه بالمدينة بعد ان تسللا عبر الحدود اللبنانية الى حمص.
وقال جون ويذرو رئيس تحرير صنداي تايمز ان كولفن وزملاءها استهدفوا عن عمد.
وقال ويذرو لتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) "انهم كانوا قطعا يعلمون بوجودها هناك من تقاريرها ومن رسائلها الاذاعية. والسؤال هو هل كان بوسعهم استخدام وسائل تكنولوجية أو اي وسائل أخرى ليعرفوا بالضبط أين كانت تختبيء هي والصحفيون الاخرون.."
واستطرد "يبدو لي انه من المنطقي تماما افتراض انهم استهدفوهم."
وفي اخر رسالة بعثت بها كولفن وصفت البؤس داخل حي بابا عمرو.
وقالت في الاذاعة البريطانية ان النساء والاطفال يتكدسون في الاقبية يتملكهم الخوف وان طفلا في الثانية من العمر مات امامها.
وفي الهجوم نفسه أصيب أيضا المصور البريطاني بول كونروي والصحفية الفرنسية اديت بوفييه -وهي صحفية حرة تسللت الى سوريا لاعداد تقرير لصحيفة لو فيجارو الفرنسية والمصور وليام دانييلز ومقره باريس.
وقال نشطاء ان بوفييه (31 عاما) تتلقى العلاج في مستشفى ميداني سيء التجهيز في حي بابا عمرو المحاصر بمدينة حمص والتي تتعرض لقصف من الجيش السوري منذ أكثر من ثلاثة أسابيع تقريبا.
وقال عضو في جماعة أفاز -وهي جماعة حقوقية عالمية تعمل مع الصحفيين والنشطاء داخل سوريا- "هناك خطورة كبيرة من أن تنزف (بوفييه) حتى الموت دون رعاية طبية عاجلة. نحاول باستماتة نقلها للخارج نعمل كل ما في استطاعتنا في بيئة خطيرة للغاية."
وقال وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه انه "يتحتم" على الجيش السوري وقف اطلاق النار للسماح بدخول المساعدات الانسانية سريعا. مضيفا أن رد فعل الحكومة السورية غير كاف بشأن اصابة بوفييه التي قالت تقارير انها تواجه خطر الموت متأثرة بجراحها.
وأضاف في تصريح للصحفيين "الوضع مروع. تحمل فرنسا السلطات السورية المسؤولية عن حياة مواطنينا وعن حياة مصابينا."
واستدعت وزارة الخارجية البريطانية السفير السوري في لندن للمطالبة بأن يتلقى المصور البريطاني الذي اصيب في الهجوم العلاج.
وقتل عدة مئات في عمليات القصف اليومية من جانب قوات الحصار التي تستخدم المدفعية والصواريخ ونيران القناصة ودبابات تي-72 السوفيتية الصنع.
ويخشى السكان ان تلقى مدينة حمص من قوات الاسد نفس المعاملة التي لقيتها مدينة حماة قبل 30 عاما في عهد والده حافظ الاسد حينما قتل أكثر من عشرة الاف شخص.
ويقول ناشطون ان الجيش يمنع وصول الامدادات الطبية وان الكهرباء تقطع 15 ساعة يوميا. والمستشفيات والمدارس ومعظم اماكن العمل والمتاجر مغلقة كما ان المكاتب الحكومية مغلقة ايضا.
وفي اطار الجهود لجلب مواد اغاثة للمدنيين الذين يتضورون جوعا ويعانون من الهجوم في حمص اجرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر محادثات مع الحكومة السورية أمس للترتيب لوقف القتال.
وقالت الامم المتحدة أمس ان مسؤولة الشؤون الانسانية فاليري اموس ستتوجه الى سوريا قريبا في محاولة لتأمين دخول عمال المساعدات لتوصيل مساعدة عاجلة للمحاصرين في مناطق الصراع في البلاد.
ودعا الرئيس السوري الى استفتاء على دستور جديد يوم الاحد تعقبه انتخابات تعددية يقول انها استجابة لمطالب الاصلاح. وتؤيد حليفتا الاسد روسيا والصين هذه الخطوة لكن قوى غربية رفضتها كما دعت المعارضة السورية للمقاطعة.
وعلى الرغم من أن البعض يقول ان التأييد للاسد يتهاوى فان اخرين يقولون انه يمكن ان يصمد لشهور اخرى كثيرة قبل أن ينضم الى الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والرئيس المصري السابق حسني مبارك والرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي والرئيس اليمني علي عبد الله صالح في قائمة من الزعماء المخلوعين في دول "الربيع العربي".
كما أن هناك مخاوف من احتمال تحول الصراع الى حرب أهلية طائفية تمتد في أنحاء منطقة الشرق الاوسط المضطربة.

 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن