اعلن الرئيس المصري محمد مرسي حالة الطوارئ ولمدة ثلاثين يوما في ثلاث محافظات تشهد منذ ايام اضطرابات خلفت عشرات القتلى والجرحى، وذلك في خطوة لقيت ترحيبا من جبهة الانقاذ المعارضة.
وقال مرسي في كلمة بثها التلفزيون الرسمي "قررت اعلان حالة الطوارئ في محافظات بورسعيد والسويس والاسماعيلية ثلاثين يوما اعتبارا من بعدم منتصف هذه الليلة".
واضاف انه قرر كذلك حظر التجول في هذه المحافظات "طوال مدة اعلان حالة الطوارئ من التاسعة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالي".
ولوح مرسي بمزيد من الاجراءات في حال تطلب الموقف ذلك على حد تعبيره، وذلك من اجل استعادة الامن.
وأكد مرسي أن أحكام القضاء واجبة الاحترام من الجميع وليست موجهة أو منحازة لفئة بعينها، وحماية حقوق هذا الشعب واجب أصيل من واجبات الرئيس، وذلك في إشارة إلى أحكام بالإعدام على المتورطين في ما بات يعرف بـ"مجزرة" بورسعيد.
وأضاف أن "ما شهدناه من أعمال عنف واعتداء على المنشآت وترويع المواطنين ممارسات غريبة على المصريين وثورتهم".
واعتبر مرسي أنه لا بديل عن الحوار بين أبناء الشعب المصري، مضيفا أنه سيدعو "قادة القوى السياسية" إلى حوار وطني الاثنين، وأن "بيانا سيصدر من رئاسة الجمهورية" بهذا الشأن في وقت لاحق الليلة.
وقد رحب متحدث باسم جبهة الانقاذ الوطني التي تمثل المعارضة الرئيسية في مصر بخطوات الرئيس مرسي لاعادة الامن وقال انه يريد مزيدا من التفاصيل بشأن دعوة الحوار التي وجهها مرسي الى القوى السياسية.
وقال داود لرويترز "نحن نرى بطبيعة الحال ان الرئيس يغيب عنه المشكلة الحقيقية على الارض ألا وهي سياساته." لكنه اضاف "دعوته لتطبيق قانون الطواريء خطوة صحيحة نظرا لما يحدث اي البلطجة والاعمال الاجرامية."
وجاءت قرارات مرسي بعد ثلاثة ايام من العنف والاشتباكات بين الشرطة ومحتجين في محافظات عدة سقط خلالها نحو 47 قتيلا واكثر من 600 جريح.
وخلفت احدث اعمال العنف خمسة قتلى سقطوا في اشتباكات بين الشرطة ومُحتجين في مدينة بورسعيد أثناء تشييع 33 مُحتجا قُتلوا السبت وسط موجة عنف زادت من التحديات التي تواجه الرئيس الاسلامي محمد مرسي الذي وجه كلمة الى الشعب مساء الاحد.
وقال مدير مستشفيات بورسعيد عبد الرحمن فرج لرويترز إن 426 شخصا أصيبوا باختناق بسبب استنشاق الغاز المسيل للدموع بينما أُصيب 38 بالرصاص وطلقات الخرطوش.
وقتلت طلقات نارية كثيرين من ضحايا يوم السبت خلال احتجاجات بعد قرار محكمة يمهد للحكم بإعدام 21 أدينوا في قضية مقتل أكثر من 70 معظمهم من مشجعي فريق كرة القدم بالنادي الأهلى القاهري بعد مباراة مع نظيره المصري البورسعيدي في المدينة.
وقال مصدر عسكري ان كثيرا من الناس في بورسعيد لديهم اسلحة نارية. لكن ليس من الواضح من المسؤول عن سقوط القتلى والجرحى.
وردد المشاركون في الجنازة الجماعية للقتلى يوم الأحد هتافات تدعو للانتقام أو تناويء مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين منها "بالروح بالدم نفديكي يا بورسعيد" و "يا الله يا الله اقلب مرسي واللي معاه." وكان اقوى الهتافات "ارحل.. ارحل".
وفي القاهرة أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع على المحتجين الذين رشقوها بالحجارة في اشتباكات استمرت لليوم الرابع على التوالي. ووقعت اشتباكات مماثلة في مدن أخرى.
ويقول المتظاهرون إن جماعة الإخوان المسلمين تستأثر بالسلطة بعد عامين من الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك قبل عامين.
ويتهم المحتجون مرسي الذي انتخب في يونيو حزيران بخيانة أهداف الثورة التي اطاحت بمبارك.
ومنذ بدء الاحتجاجات يوم الخميس قتل 47 شخصا معظمهم في بورسعيد على الطرف الشمالي لقناة السويس وفي مدينة السويس على الطرف الجنوبي للقناة.
ويضيف العنف مزيدا من الأعباء الثقيلة على مرسي وهو يحاول إحياء الاقتصاد المتداعي وتهدئة المشاعر قبل انتخابات مجلس النواب التي من المقرر أن تجرى خلال الشهور القليلة المقبلة والتي يفترض أن تعزز الديمقراطية.
وكشفت أعمال العنف عن مدى الانقسام في البلاد. ويتهم الليبراليون ومعارضون آخرون مرسي بعدم تنفيذ تعهداته الاقتصادية ويقولون إنه لم ينفذ تعهداته بأن يكون رئيسا لكل المصريين.
ويقول مؤيدو مرسي إن معارضيه لا يحترمون الديمقراطية التي منحت مصر أول رئيس منتخب في انتخابات حرة ويسعون للإطاحة به بسبل غير ديمقراطية.
وقال محمد سامي أحد المحتجين في ميدان التحرير "حتى الآن لم يتحقق أي هدف من أهداف الثورة... الأسعار ترتفع.. دماء المصريين تراق في الشوارع بسبب الاهمال والفساد ولأن جماعة الاخوان المسلمين تحكم مصر من أجل مصالحها."
وعلى جسر قصر النيل المؤدي لميدان التحرير رشق شبان الشرطة بالحجارة التي أطلقت بدورها غازات مسيلة للدموع لإعادتهم إلى الميدان مهد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك بعد 18 يوما من اندلاعها.
واندلعت الاشتباكات في شوارع أخرى قرب التحرير. وأعلنت السفارتان الأمريكية والبريطانية القريبتان من الميدان إغلاق أبوابهما اليوم أمام التعامل مع الجمهور.
ونشر الجيش الذي أدار شؤون البلاد لفترة انتقالية بعد إسقاط مبارك قواته من جديد في شوارع مدينتي بورسعيد والسويس لإعادة النظام في المدينتين.
وكانت السويس شهدت أعمال عنف أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص في اشتباكات مع الشرطة يوم الجمعة.
ودعا وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الذي يشغل أيضا منصب القائد العام للجيش البلاد إلى التكاتف وقال إن الجيش لن يمنع الاحتجاجات السلمية لكنه دعا المتظاهرين إلى الحفاظ على الممتلكات العامة.
ويشعر كثير من المصريين بالإحباط لتزايد المظاهرات التي أضرت بالاقتصاد وبحياتهم.
وقال كمال حسن (30 عاما) وهو سائق سيارة أجرة مشيرا إلى المتجمهرين في ميدان التحرير بالقاهرة "هؤلاء ليسوا ثوارا.. إنهم بلطجية يدمرون البلد."
ودعا مجلس الدفاع الوطني المصري الذي يرأسه مرسي ويضم رئيس الحكومة والسيسي وقادة عسكريين آخرين إلى "حوار وطني موسع تقوده شخصيات وطنية مستقلة" لمناقشة الخلافات السياسية وضمان اجراء انتخابات برلمانية "نزيهة وشفافة".
ورحبت جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة بالعرض بحذر. وصرح خالد داود المتحدث باسمها لرويترز بأن الجبهة تطالب بضرورة وضع جدول أعمال واضح وتقديم ضمانات بتنفيذ أي اتفاق يجري التوصل إليه.
وكانت الجبهة هددت في وقت سابق يوم السبت بمقاطعة الانتخابات البرلمانية ودعت لمزيد من الاحتجاجات يوم الجمعة المقبل إذا لم تلب مطالبها. وتطالب الجبهة بتعديل الدستور وتشكيل حكومة إنقاذ وطني واستعادة النظام وإلا فانها ستطالب بالعمل بدستور عام 1971 وإجراء انتخابات رئاسة مبكرة.
وانتقد المعارضون مرسي أيضا لعدم ظهوره ومخاطبة الشعب وسط أحداث العنف. وقال التيار الشعبي الذي يقوده السياسي الناصري حمدين صباحي ما سماه حالة الصمت التي تلزمها الرئاسة والحكومة خلال أحداث الساعات الثماني والأربعين الماضية. وقال التلفزيون الرسمي يوم الأحد إن مرسي سيوجه كلمة للشعب الليلة. لكن متظاهرين في التحرير هتفوا "ارحل".
وتشهد الفترة الانتقالية في مصر خلافات سياسية وتوترات في الشوارع أبعدت المستثمرين وكثيرا من السياح عن البلاد مما حرم الاقتصاد من مصادر حيوية للعملة الصعبة.
وألحق الاضطراب ضررا بالغا بالجنيه المصري الذي واصل هبوطه أمام الدولار خلال الأسابيع الماضية على الرغم من جهود البنك المركزي لوقف هبوطه والحفاظ في نفس الوقت على احتياطي العملات الأجنبية التي انخفضت لمستويات حرجة.
وأثارت أحداث العنف الأخيرة مزيدا من القلق لدى المستثمرين.
وستصدر محكمة جنايات بورسعيد الحكم في قضية استاد بورسعيد في جلسة التاسع من مارس آذار بما في ذلك بشأن 52 متهما آخرين يواجهون السجن أو البراءة.
وقابل مشجعو الأهلي اكثر الاندية المصرية شعبية الحكم بفرحة غامرة.