تدور اشتباكات عنيفة الاحد في عدد من احياء حلب بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية التي بدات السبت هجوما لاستعادة السيطرة على المدينة بدون ان تحقق اي تقدم، فيما قالت المعارضة انها ستبدأ قريبا محادثات حول تشكيل حكومة انتقالية.
وافاد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن فرانس برس ان "محاولات الجيش النظامي للسيطرة على مدينة حلب مستمرة"، مشيرا الى ان "المعارك تتركز في حيي صلاح الدين وسيف الدولة ومدخل مخيم الحندرات للاجئين الفلسطينيين الذي تقع بالقرب منه قاعدة للدفاع الجوي".
ولفت الى وصول المعارك الى وسط مدينة حلب وتحديدا حلب القديمة حيث "يحاول الجيش النظامي استرجاع حي باب الحديد" الذي يسيطر عليه المقاتلون المعارضون.
وافاد الناشط الميداني ابو علاء الحلبي وكالة فرانس برس ان الاشتباكات بين الجيش النظامي والمقاتلين المعارضين "وصلت اليوم الى احياء باب النصر وباب الحديد والمدينة القديمة".
واوضح ان هذه الاحياء هي عبارة عن "حارات أثرية وازقة ضيقة جدا تضم أسواقا مسقوفة وخانات وتتميز بكثافة سكانية كبيرة وبالتالي يستحيل اقتحامها قبل قصفها من بعيد"، مشيرا الى انها تشكل ايضا "قلب مدينة حلب التاريخي".
وقال الناشط الاعلامي ابو هشام الحلبي لفرانس برس انه "نحو الرابعة فجرا حاول رتل من دبابات الجيش النظامي بالقرب من ملعب الحمدانية اقتحام حي صلاح الدين لكن الجيش السوري الحر فاجاهم وهاجمهم على الاتوستراد الفاصل بين الحمدانية وصلاح الدين ودمر دبابة واستطاع ايقاف الهجوم".
ولفت الى ان "حي هنانو يشهد حالات نزوح كثيفة خصوصا بعد الاخبار التي تناقلتها وسائل الاعلام عن حشودات نظامية لاقتحام الاحياء وارتكاب مجازر في حلب".
من ناحيتها، اوردت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان "قواتنا الباسلة تكبد المجموعات الارهابية المسلحة في حي صلاح الدين بحلب خسائر فادحة"، بحسب ما نقلت عن مصدر رسمي في المحافظة.
ولفت المصدر الى ان "حريقا نشب في احد اقبية الابنية السكنية نجم عنه انفجار مصنع للعبوات الناسفة في الحي كانت تستخدمه المجموعات الارهابية ما ادى الى مقتل الارهابيين الذين كانوا في المبنى".
والقت الجهات المختصة في حي الاذاعة، بحسب سانا، القبض على مجموعة ارهابية مسلحة مؤلفة من اربعة اشخاص.
وفي ريف دمشق، تنفذ القوات النظامية حملة مداهمات في منطقة الشيفونية بمحيط مدينة دوما ومعضمية الشام والسبينة، بحسب المرصد الذي اشار الى سقوط مقاتل معارض في الهامة ومدني في عربين.
وفي مدينة حمص وسط البلاد، يتعرض حي الخالدية لقصف عنيف من قبل القوات النظامية السورية، في حين اقتحم مقاتلون معارضون "مبنى نقابة المهندسين في حي باب هود وسط مدينة حمص بعد اشتباكات مع القوات النظامية ادت الى مقتل اثنين من المقاتلين المعارضين الذين حطموا مجسما للرئيس السابق حافظ الاسد وصورة للرئيس الحالي بشار الاسد.
و لفت المرصد الى ان اشتباكات تدور بالقرب من قيادة الشرطة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين، اسفرت عن سقوط مقاتل معارض.
وجنوبا، تدور اشتباكات عنيفة في بلدة الشيخ مسكين في درعا، بينما اشتبك مقاتلون معارضون مع دورية امنية في قرية السيد حمود في الحسكة ما اسفر عن مقتل وجرح عناصر الدورية.
وقال المرصد ان "اشتباكات عنيفة تدور قرب مقر الجيش الشعبي في مدينة ادلب (شمال غرب)، بينما قتل مدنيان بعد منتصف ليل السبت الاحد اثر القصف الذي تعرضت له بلدة حيش في ريف ادلب.
من جهتها ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية ان القوات النظامية في حماه (وسط)، اقتحمت العوينة وحيالين والشيخ حديد وبريديج في سهل الغاب "وسط إطلاق نار كثيف ومحاصرة كفرنبودة من كل المداخل وقصفها بالرشاشات الثقيلة واقتحام قرية المغير وهدم العديد من المنازل".
وحصدت اعمال العنف في سوريا امس 168 قتيلا هم 94 مدنيا و33 من المقاتلين المعارضين بالاضافة الى ما لا يقل عن 41 من القوات النظامية.
حكومة انتقالية
الى ذلك، طلبت المعارضة السورية يوم الأحد من حلفائها في الخارج امداد الجيش السوري الحر بالأسلحة الثقيلة لمواجهة "آلة القتل" الخاصة بالرئيس السوري بشار الأسد وقالت إنها ستبدأ قريبا محادثات حول تشكيل حكومة انتقالية لتحل محله.
وقال عبد الباسط سيدا رئيس المجلس الوطني السوري في مؤتمر صحفي "الدعم الذي نريده هنا هو الدعم النوعي للثوار. نريد سلاحا نستطيع به إيقاف الدبابات والطائرات. هذا هو ما نريد."
وكان سيدا يتحدث في الوقت الذي كانت تدور فيه معارك بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية المدعومة بالدبابات وطائرات الهليكوبتر في شوارع حلب المدينة التجارية في سوريا.
وقال سيدا إن إمدادات الأسلحة ستجعل السوريين قادرين على الدفاع عن أنفسهم في مواجهة "آلة القتل" التابعة للأسد.
وقال أيضا إن المعارضة ستجري محادثات خلال أسابيع لتشكيل حكومة انتقالية. وأضاف أن مثل هذه الحكومة ستدير البلاد خلال الفترة بين الإطاحة بالأسد وإجراء انتخابات ديمقراطية.
وأضاف سيدا أن غالبية أعضاء الحكومة الانتقالية ستكون من المعارضة لكنها قد تضم ايضا بعض أعضاء حكومة الأسد الحالية.
وقال سيدا لقناة سكاي نيوز العربية التي تتخذ من أبوظبي مقرا في مقابلة أذيعت اليوم الأحد "من دون شك هذه الحكومة لابد أن... تشهد النور قبل مرحلة السقوط في سبيل أن تطرح نفسها بوصفها البديل في المرحلة القادمة."
ومضى يقول "هناك بعض العناصر من النظام القائم ممن لم تتلطخ أياديهم بدماء السوريين ولم يشاركوا في قضايا الفساد الكبرى.. حينئذ أيضا سنتشاور مع مختلف الفصائل.. لابد أن يكون هناك توافق وطني على مثل هؤلاء طبعا مع مراعاة شق الكفاءة بالدرجة الأولى."
لكن انتقادات تتعلق بمدى شرعية المجلس الوطني السوري ربما تعقد من جهوده لتشكيل حكومة انتقالية.
ومن الواضح انه يؤيد الجيش السوري الحر لكنه لم يكن يدعمه صراحة في الماضي بصورة دائمة.
وواجه المجلس في بعض الأحيان صعوبة كبيرة في التغلب على الانقسامات الداخلية واتهم منتقدون المجلس الذي يتخذ من اسطنبول مقرا بأنه منفصل عن الواقع وبأن تركيا تؤثر عليه أكثر مما ينبغي وانه لا يمثل المعارضة بشكل كامل.
ولم يحدد سيدا على وجه الدقة - في زيارة لأبوظبي لمقابلة مسؤولين من الإمارات العربية المتحدة - موعد تشكيل الحكومة الانتقالية وصرح في مؤتمر صحفي في الساعات الاولى من اليوم بأنه بحث الفكرة مع الشيخ عبد الله بن زايد ال نهيان وزير خارجية الإمارات.
وفي الأسبوع الماضي قال العميد مناف طلاس وهو أحد كبار الضباط المنشقين الذين فروا من سوريا إنه سيحاول المساعدة على توحيد صفوف المعارضة السورية المنقسمة داخل البلاد وخارجها للاتفاق على خارطة طريق لنقل السلطة.
وقال سيدا إنه رحب بانشقاق طلاس لكنه قال إن العميد لا يمكن ان يشارك في المراحل الأولى من تنظيم حكومة انتقالية.
وأضاف "الحوار والتنسيق يجب أن يكونا أولا مع الفصائل الموجودة فعليا على الأرض مع الجيش الحر والحراك الثوري.. وفي ظل هذا السياق إذا كان هناك أدوار لأشخاص انشقوا ومن ضمنهم طلاس يمكن أن يكون ولكن بشرط توافق السوريين."
واستبعد سيدا احتمال أن يصبح طلاس رئيسا للحكومة الانتقالية قائلا "يجب أن تقود هذه الحكومة شخصية وطنية نزيهة توافقية ملتزمة بأهداف الثورة منذ بدايتها."