اعلنت مصادر دبلوماسية في مقر الامم المتحدة في نيويورك ان روسيا عرقلت الاحد صدور اعلان عن مجلس الامن يدين المجزرة التي وقعت في مدينة الحولة السورية، وطالبت بعقد اجتماع طارىء لمجلس الامن قبل صدور اعلان من هذا النوع.
واضافت المصادر نفسها ان هذا الاجتماع قد يعقد الاحد.
وكانت بريطانيا وفرنسا عرضتا صدور اعلان يدين مجزرة الحولة التي ادت الى مقتل نحو مئة شخص بينهم 32 طفلا يومي الجمعة والسبت.
الا ان روسيا طالبت بتمكين رئيس بعثة المراقبين في سوريا الجنرال روبرت مود من الكلام امام مجلس الامن لشرح ما حصل قبل صدور الاعلان.
واستخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) الى جانب الصين ضد مشروعي قرارين يدعوان الى اتخاذ إجراءات اكثر صرامة ضد دمشق. كانت روسيا قد القت فيما سبق باللوم على الحكومة ومقاتلي المعارضة في أعمال العنف.
وتتهم المعارضة السورية القوات الحكومية بارتكاب المجزرة الامر الذين نفته السلطات السورية.
وافاد مصدر دبلوماسي تركي ان وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو التقى الاحد رئيس المجلس الوطني السوري المعارض المستقيل برهان غليون الذي دعا المجتمع الدولي الى التدخل "لوقف المجازر" في سوريا.
وقال دبلوماسي تركي لوكالة فرانس برس ان غليون قال لوزير الخارجية التركي خلال اللقاء "ان نحو 1500 مدني قتلوا منذ دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ بموجب خطة كوفي انان" في الثاني عشر من نيسان/ابريل.
واضاف المصدر ان غليون "حث المجتمع الدولي وخصوصا (الموفد الدولي والعربي الى سوريا كوفي) انان على التحرك الفوري لوقف المجازر".
وكان غليون دعا في مؤتمر صحافي عقده في اسطنبول الاحد الشعب السوري الى "خوض معركة التحرير" معتمدا على قواته الذاتية في حال فشل المجتمع الدولي في اتخاذ قرار بشأن سوريا تحت الفصل السابع لمجلس الامن.
وقال غليون "اذا فشل المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته تحت الفصل السابع لن يكون هناك من خيار امام الشعب السوري سوى تلبية نداء الواجب وخوض معركة التحرير والكرامة، معتمدا على قواته الذاتية وعلى الثوار المنتشرين في كافة انحاء الوطن وعلى كتائب الجيش الحر واصدقائه المخلصين".
وقال البيت الأبيض الأحد انه روعته أنباء يوثق في صحتها عن وقوع هجمات وحشية على نساء وأطفال في الحولة ووصف هذه الأفعال بأنها دليل جديد على أن الحكومة السورية غير إنسانية وغير شرعية.
وقال متحدث باسم البيت الأبيض "هذه الأفعال تمثل صورة حقيرة لنظام غير مشروع يرد على الاحتجاجات السياسية السلمية بوحشية لاإنسانية لا توصف."
وفي مواجهة غضب دولي متزايد بشأن مقتل 109 أشخاص على الأقل في بلدة الحولة المضطربة اتهمت سوريا مقاتلي المعارضة يوم الأحد بارتكاب المذبحة التي قتل خلالها عشرات الأطفال.
وأحدثت صور جثث أطفال مخضبة بالدماء وقد سجيت في صفوف بعد مذبحة الحولة يوم الجمعة صدمة على مستوى العالم وأبرزت فشل خطة وضعتها الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار منذ ستة اسابيع بهدف وقف العنف.
وألقت السلطات السورية باللوم على "إرهابيين" في المذبحة التي تعد واحدة من أسوأ المذابح خلال الانتفاضة الممتدة منذ 14 شهرا ضد الرئيس بشار الأسد والتي أسفرت عن سقوط عشرة آلاف قتيل على الأقل.
وقال المتحدث باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي للصحفيين في دمشق إن نساء واطفالا ورجالا طاعنين في السن قتلوا بالرصاص مشيرا الى أن هذا ليس من سمات الجيش السوري.
وقال نشطاء معارضون إن قوات الأسد قصفت بلدة الحولة بعد احتجاج ثم اندلعت مناوشات بين القوات ومقاتلين معارضين سنة.
وذكر نشطاء أن قوات الشبيحة الموالية للمؤسسة الحاكمة التي تهيمن عليها الأقلية العلوية قتلت عشرات الضحايا بالرصاص من مسافة قريبة.
وقال ميسرة الحلوي إنه رأى جثث ستة اطفال ووالديهم في منزل منهوب بالبلدة.
وقال الحلوي وهو ناشط معارض بالهاتف من المنطقة إن منزل أسرة عبد الرزاق كان اول منزل دخله وأضاف أن جثث الأطفال وضعت في كومة فوق بعضها البعض وكانت اما مذبوحة او مصابة بالرصاص من مسافة قريبة.
وأردف قائلا إنه ساعد في جمع اكثر من 100 جثة في اليومين الماضيين أغلبها لنساء واطفال ومضى يقول إن آخر جثث كانت لستة افراد من أسرة الكردي وهي لاب وخمسة ابناء اما الأم فمفقودة.
وقال نشطاء معارضون إن القوات السورية قتلت بالرصاص رجلين في مظاهرة نظمت يوم الأحد احتجاجا على مذبحة الحولة. وتحولت جنازتا الرجلين الى مظاهرتين.
وأظهرت لقطات بثها نشطاء في ضاحية يلدا بدمشق حشدا من مئات الأشخاص يشاركون في جنازة أحد الرجلين ويهتفون "الشعب يريد إسقاط النظام."
وأحصى المراقبون المدنيون والعسكريون التابعون للأمم المتحدة جثث 32 طفلا دون سن العاشرة بين 92 قتيلا على الأقل في الحولة يوم السبت. وقال نشطاء إنه عثر على المزيد من الجثث منذ ذلك الحين. وأكد المراقبون استخدام المدفعية التي لا تتوفر سوى لقوات الأسد لكنهم لم يحددوا كيف قتل الضحايا.
واتهم كوفي عنان مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الى سوريا وبان جي مون الأمين العام للأمم المتحدة الحكومة السورية باستخدام المدفعية في مناطق سكنية.
وقالا في بيان مشترك يوم السبت "هذه الجريمة المروعة والوحشية التي تنطوي على استخدام عشوائي وغير متناسب للقوة انتهاك صارخ للقانون الدولي والتزامات الحكومة السورية بوقف استخدام الأسلحة الثقيلة في المراكز المأهولة والعنف بكافة اشكاله."
وتلقي الدول الغربية والعربية المعارضة للأسد باللوم على دمشق.
واتهم مجلس التعاون الخليجي جنود الأسد بالافراط في استخدام القوة وحث المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته لوقف سفك الدماء اليومي في سوريا.
وتحدثت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون في بيان يوم الأحد عن "فعل شائن ارتكبه النظام السوري ضد شعبه". وقال رئيس البرلمان الأوروبي إن هذا يمكن أن يرقى الى كونه جريمة حرب.
وقالت فرنسا إنها ستدعو الى اجتماع لمجموعة اصدقاء سوريا التي تتكون من دول غربية وعربية معارضة للأسد.
وقالت بريطانيا إنها ستستدعي السفير السوري بشأن المذبحة وإنها ستدعو الى اجتماع لمجلس الأمن الدولي.
وطلبت الإمارات العربية المتحدة عقد اجتماع عاجل لجامعة الدول العربية.
ومن المقرر أن يطلغ الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان مجلس الأمن الدولي على أحدث التطورات ويرجح أن يشير الى تقارير مراقبي المنظمة الدولية في الحولة لتحديد الطرف المسؤول.
ورغم أن خطة وقف إطلاق النار التي تفاوض عليها عنان فشلت في وقف العنف فإن المنظمة الدولية تقترب من استكمال نشر قوة المراقبين العزل المكونة من 300 فرد والمكلفة بمراقبة وقف اطلاق انار.
وتدعو الخطة الى وقف اطلاق النار وسحب القوات من المدن وبدء حوار بين الحكومة والمعارضة.
وتصف سوريا الانتفاضة بأنها مؤامرة "إرهابية" تدار من الخارج في إشارة مبطنة الى دول الخليج التي تريد تسليح المعارضة.
واتهمت الأمم المتحدة قوات الأسد ومقاتلي المعارضة على حد سواء بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان بما في ذلك الإعدام دون محاكمة والتعذيب.