تسافر وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون يوم الخميس للقيام بجهود دبلوماسية جديدة تهدف الى وقف اراقة الدماء في سوريا لكن لا يوجد مؤشر يذكر على ان ادارة الرئيس باراك اوباما مستعدة للخروج على اسلوبها الذي يقوم على عدم التدخل.
ومحادثات كلينتون يوم السبت في الرياض مع وزراء خارجية دول خليجية سوف ترتكز على اقتراح سلام من كوفي عنان المبعوث الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية. وهي أحدث جهود للوساطة من اجل التوصل لنهاية بالطرق الدبلوماسية للقتال المستمر منذ أكثر من عام بين قوات الرئيس بشار الاسد ومعارضي حكم عائلته الممتد منذ عدة عقود.
ويتوقع ان تستخدم كلينتون اجتماعا خاصا بشأن سوريا في اسطنبول يوم الاحد للضغط على المعارضة المنقسمة لكي توحد صفوفها. وبدون هذه الخطوة لا توجد فرصة تذكر لان يتمكن معارضو الاسد من الاطاحة به بدون تدخل عسكري أوضح الغرب مرارا انه لا يريده.
وبينما تحدثت تقارير عن قبول الاسد خطة انان المكونة من ست نقاط من حيث المبدأ فان القتال استمر في سوريا يوم الاربعاء عندما قصفت القوات الحكومية مدنا في انحاء البلاد واقتحمت قرى مما أجبر الالاف على الفرار.
وقال مايكل اوهانلون الخبير العسكري بمعهد بروكينغز ان اسلوب حكومة اوباما ازاء الازمة في سوريا -- التي لديها جيش قوي وتتمتع بموقع استراتيجي بين تركيا واسرائيل حليفتي الولايات المتحدة -- سوف يستمر في ان تكون سمته "القلق والتحرك ببطء".
وفي الوقت الراهن على الاقل فان البيت الابيض يبدو مهتما بدرجة أكبر بمخاوف من ان أي تدخل عسكري يمكن ان يجذب الولايات المتحدة الى صراع فوضوي اخر في الشرق الاوسط أكثر مما يهتم بدعوات منتقدين جمهوريين مثل جون ماكين الذي يطالب بموقف امريكي ذي صبغة عسكرية أكثر.
وقال اوهانلون "اذا وصل الاسد الى نقطة تحول وأحرز بالفعل تقدما ضد المقاتلين فانني أعتقد انه ستكون هناك فرصة جيدة لان (يفوز) دون ان يواجه الكثير من الضغط الاميركي."
ويأتي استئناف الجهود الدبلوماسية فيما يواجه الاسد ضغوطا متزايدة من الغرب ومن دول عربية بل ومن روسيا حليفته القوية. وتقول الامم المتحدة ان 9000 شخص قتلوا في الانتفاضة السورية التي بدأت العام الماضي.
ودعا يوم الاربعاء وزراء خارجية الجامعة العربية -- التي علقت عضوية سوريا بسبب العنف -- الى وضع خطة انان للسلام موضع التنفيذ لكن الدول العربية مازالت منقسمة بشأن كيف يمكن للعالم الخارجي ان يشارك في جهود الحل.
وكان التحرك العالمي بشأن تنحي الاسد محدودا بدرجة كبيرة واقتصر على الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية في تناقض كبير مع الحملة الجوية التي قام بها حلف شمال الاطلسي وأطاحت بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في انتفاضة مماثلة العام الماضي.
وبحث الرئيس باراك اوباما تقديم امدادات طبية ودعم في مجال الاتصالات للمعارضة السورية مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان هذا الاسبوع.
وربما تدعم الولايات المتحدة تقديم مساعدات "غير فتاكة" للمعارضة في اجتماع اسطنبول الاسبوع القادم.
لكن لم يدر الحديث عن تسليح قوات المعارضة.
وقال جو هوليداي وهو خبير أمني في معهد دراسات الحرب "تحاول الولايات المتحدة ايجاد طريقة مسؤولة للمساعدة باستخدام العقوبات والدعم المعنوي."
وأضاف "لكنه كان توازنا بين ضبط النفس وتحقيق النتيجة التي تريدها وهي اجبار الاسد على الرحيل."
وأثار اجتماع دولي مماثل بشأن سوريا عقد الشهر الماضي في تونس وحضرته كلينتون تساؤلات بشأن المدى الذي يمكن ان تحققه الدبلوماسية.
وتهدد الازمة الدبلوماسية السورية بأن تخيم على الايام الاخيرة لكلينتون في الخارجية الامريكية بعد ان قالت انها لن تستمر في الخدمة بعد ان تنتهي فترة اوباما الحالية في كانون الثاني/يناير 2013 . وكان ينظر الى كلينتون على انها كانت مؤيدة للتدخل في ليبيا لكنها شعرت بمزيد من القلق بشأن سوريا.
ومن بين المؤيدين القلائل لتسليح المعارضة السورية السعودية ودول سنية اخرى في الخليج تعارض بشدة تحالف سوريا مع ايران الشيعية خصمها اللدود.
ومن المرجح ان تستمع كلينتون في الرياض الى نداءات تطالب برد أكثر شدة ازاء العنف في سوريا عندما تلتقي مع زعماء سعوديين بينهم وزير الخارجية الامير سعود الفيصل.
وهناك دول عربية اخرى أكثر قلقا تخشى من ان اندلاع حرب أهلية شاملة يمكن ان يمتد الى ما وراء حدود سوريا.
ومع ارتفاع عدد القتلى فان موقفهم يمكن ان يتغير مثل التأييد الذي يحصل عليه الاسد من حلفائه الروس والذي يمكن ان يقل. وتشتري دمشق من روسيا اسلحة بمليارات الدولارات وتستضيف منشأة للامداد والصيانة هي أكبر قاعدة بحرية لروسيا خارج الاتحاد السوفيتي السابق.
وأيدت روسيا خطة عنان الجديدة للسلام التي لا تدعو صراحة الاسد الى التنحي.
وقال دانييل سيوار الاستاذ بجامعة جونز هوبكنز وزميل معهد الشرق الاوسط "المفتاح لجعل الدبلوماسية تنجح هو روسيا."
واشارت تقارير الى ان الاسد قبل خطة عنان التي تدعو الى سحب الاسلحة الثقيلة والقوات من المدن والبلدات والسماح بدخول المساعدات ودخول الصحفيين. لكن توجد شكوك على نطاق واسع في انها ستصبح حقيقة.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية الاميركية طلب عدم نشر اسمه "سمعنا الاسد يقدم الوعود ويتقاعس عن تنفيذها مرات عديدة في السابق."
وفي غياب جهود دبلوماسية ناجحة أو تدفق اسلحة من الخارج فان المعارضة في سوريا التي تعاني من سوء التسلح ستستمر على الارجح في الكفاح ضد قوات الاسد الافضل تسليحا.
وقال هوليداي الخبير الامني وهو ضابط مخابرات امريكي سابق "بدون مشاركة منهجية أو تدخل فانني لا أعتقد ان المعارضين سيصلون الى النقطة التي يمكنهم فيها هزيمة جيش الاسد".