صدر مؤخراً عن دار اكتب للنشر كتاب "رؤية من داخل الإخوان: الإخوان المسلمون على طريق النجاة" للكاتب محمد صبري سالم الصباغ، ويقول المؤلف أن الشهيد حسن البنا كان يؤكّد دوما على أن جماعته ليست حزبا سياسيا ، بل هى فكرة تجمع كُل المعانى الإصلاحية ، وتسعى إلى العودة إلى الإسلام الصافى ، واتخاذ منهجا اصلاحيا شاملا للحياة يقوم على التربية ، والتّدَرّج فى إحداث التغيير المنشود .
كان الإمام الشهيد يضع أمام أتباعه هدفين رئيسيين: تحرير الوطن من كُل سُلْطان أجنبى، وأن يقوم فى هذا الوطن الحُر دولة إسلامية حُرّة ، وإقامة دولة قوامها العلم والتربية السليمة والجهاد.
كان البنا كما جاء في الكتاب يَحْرص على أن يَتحَلّى أتباعه الذين يتصدون لنيل شرف الدعوة بعدة صفات منها مدى الإيمان بالدّعْوَة وأهدافها، العمل على نشر الدعوة وتوضيحها بشتى الوسائل والوصول بها إلى كُل المجالات والشرائح، والتعامل الجيد معها، أن يكونوا نماذج وقُدْوَة صالحة لما يدعون إليه الناس، والتمسّك بكتاب الله والعمل به .
أن يكونوا صفّا مُترابطا ويدا واحدة وقلبا واحدا، واتجاها واحدا، وأن يحرصوا فى المجتمع على ائتلاف القلوب، واجتماع الكلمة ووحدة الأمة، التضحية والصبر على ما يلقونه من مُعَوّقات وأذى ، ويحتسبوا ذلك فى سبيل الله ، مُتجرّدين لله فى دعْوتهم ، ومُتبَرّئين من كُل عجب أو غُرور.
اختار الإمام القاهرة لتكون نُقْطة انطلاق لترسيخ فكرة "عالمية الدعوة" والتأسيس للدولة الإسلامية الكُبرى، فاهتم أول ما اهتم بنشر الدعوة بين صُفوف الطلبة، وكان يرى أن الطالب هو أحق إنسان بالرعاية والعناية والحرص عليه، وأن يُبَثّ إليه ما فى العقل والقلب، وكان يقول أن التحاق طالب واحد بالجماعة أنفع للدّعْوَة من دخول بلد بأسْرها فيها .
عَلِمَ الإمام يوما أن كلية الحقوق قرّرَت على طلبة السنة الأولى دراسة مائة حديث نبوى اختارتها، فتفجرت ينابيع الفكر الدّعوى لدى الإمام عن فكرة سديدة تخدم الدّعو ، وتجمع بها مزيدا من الأنصار ....قام بجمع هذه الأحاديث المائة وشرحها شرحا رائعا، وقام بنشرها فى مجلّة الإخوان، وقام أعضاء الجماعة من الإخوان بعرض هذا العدد من المجلّة على طلبة الكلّية، فأقبلوا عليها وتهافتوا على اقتنائها، وبتلك الوسيلة العبقرية اكتسبت الدعوة عددًا غير قليل من طلبة كُلّية الحقوق .
كان الإمام الشهيد يرى أن مُسْتقبل الدعوة في أيدي الشباب المُثقّف المُتعلّم ، فشكّل مجلس إدارة أسمّاه " لجنة الطّلَبة " نُمَثّل فيه كل كُلّية بطالب واحد، وكان لهذه اللجنة أثرا طَيّبا فى ازدياد الأنصار ، وإنجاز أعمال عظيمة مكّنَت لرسُوخ الدّعْوَة فى مصر ، وانتشارها فى المجالين العربى والإسلامي، ومواجهتها للاستعمار الغربى ، وللغزو الفكرى الروسى الشيوعى منذ 1936 حتى الآن