كانت المدينة الفتية بجمالها الأخاذ ومياهها اللازوردية تشكو غياب زوارها ومرتاديها من السائحين الذين تقلص عددهم بشكل لاتخطئه العين بعدما القت الاحداث السياسية والخلافات بين القوي الوطنية في القاهرة بظلالها الكئيبة علي المدينة التي تعتمد في حياتها علي السياحة فهجرها السائح الذي لايدري ان شرم الشيخ تبعد مايزيد علي450 كيلو مترا عن قلب الاحداث السياسية الملتهبة بالعاصمة.. وهي بعيدة تماما عن نيران الخرطوش والمولوتوف والحجارة وكسر الرخام.. وغير ذلك من الوسائل التقليدية التي تخرج في المظاهرات والاعتصامات المصرية.. تلك التي لاتكاد تنفض حتي تعود مرة اخري بعناوين ومسميات مختلفة.. وكأننا في كرنفال استعراضي لأسماء المظاهرات والمليونيات والتي بسببها هرب السائح من مصر بكاملها.
وباتت شواطيء البحرالاحمر بمياهه الزرقاء الصافية شبه خالية من مرتاديها والخيام الثابتة المصنوعة من ا البوص ا علي شواطئه تحرقها اشعة الشمس ولا تجد من يستظل بظلها.. والمياه تتهادي مع تموجات الرياح الناعمة بلا ضجيج او اصوات الا صوت الامواج التي يسبح معها السكون الذي يلف المكان.. والعاملون بمراكز الغطس ذ الذين كانوا لايعرفون من قبل وقتا للراحة ذ باتوا نادرا ما يزورهم احد من الهواة.. بعد ان غابت المجموعات السياحية الكبيرة التي كانت تقبل علي هذه الرياضة الممتعة فتستمتع بجمال الغوص في الاعماق وتملي انظارها بالشعاب المرجانية النادرة. الركود طال كل شييء في المدينة الساحلية.. وبدت ملامحه في نظرات اصحاب المتاجر والمحال.. وكأن نظراتهم تستجدي المارة للشراء منهم.. وفي صوت سائق التاكسي وهو ينادي علي اي من يعبر امامه.. وفي الحاح اصحاب المقاهي بشارع خليج نعمة لجذب الاعداد الضئيلة جدا من السائحين التقليديين المعتادين علي زيارة المدينة او بعض المصطافين من المصريين.
و بدت ملامح الركود بوضوح شديد في كم اللافتات التي رفعت علي عدد غير قليل من المحال بمنطقة المشايةب التجارية التي كتب عليها محل للبيع او الايجار وهكذا يعتقد الزائر للمدينة ــ التي كانت لاتهدأ ولاتنام ــ وكأنها راحت تبيع متاجرها..! قال لنا مساعد الشيف بالفندق.. ونحن نتناول طعام الافطار بالمطعم الرئيسي.. وبجوارنا كثير من الموائد خالية امن قبل كان الزبائن ينتظرون في الصالة لحين وجود مائدة شاغرة.. وكانت نسبة الاشغال بالمطعم تتعدي105% من طاقة استيعاب المطعم.. كانت كميات الجبن التي نقدمها في طعام الافطار تزيد علي3 قوالب من كل نوع مثل الرومي او الشيدر او الفلمنك وغيرذلك.. اما الآن فنصف قالب من كل صنف لايكاد ينفد.. وكانت كمية اللحم البقري في الغذاء تصل الي75 كيلو جراما بجانب اللحوم الاخري من الطيور والاسماك وغيرها من الاطعمة.. اما الآن فلا تتعدي الكمية30 او25 كيلو جراما وربما زادت الكميات قليلا لو كان هناك مؤتمر مثل هذا المؤتمر الذي احدث رواجا بالفندق حاليا.
وفي المساء قال النادل عندما سألته: هل تأثر راتبك الشهري بسبب انخفاض اعداد السائحين ورواد الفندق.. ؟! فكانت اجابته نحن لانعتمد علي رواتبنا بقدر ما نعتمد علي الحوافز التي نتقاضها والتي ترتبط بحجم العمل الذي يتعلق بالطبع بعدد النزلاء. فكلماء زاد عدد النزلاء زاد حجم عملنا الذي نتقاضي عليه حوافز تصل في بعض الاوقات الي مايزيد علي قيمة الراتب.. ويمكنك ان تكتشف حجم الانخفاض الحادث في الدخل.. أما الراتب الشهري الاساسي فلم يتاثر. الجميع هنا في شرم الشيخ يعيشون علي امل عودة السياحة.. فهم ينتظرون عودة الغائب.. ولم يقطعوا الامل في الازدهار السياحي لان حياتهم ارتبطت بهذه الصناعة ومن لم يستطيع الصمود امام حالة الركود التجاري فضل تصفية متجره بالبيع او طرحه للايجار الذي انخفضت قيمته ايضا الي النصف بعد ان تفهم بعض ملاك المتاجر حالة الركود.. فاستجابوا سريعا.. ومنعا لغلق المحل فضلوا تحصيل نصف القيمة الايجارية من المستأجرين.. ريثما يعود النشاط التجاري مرة اخري وتنتعش الحياة الاقتصادية من جديد.