تختلف الآراء حول تأثير الأحداث الداخلية والإقليمية على حركة وتطوّر قطاع المطاعم في لبنان وعلى المطبخ اللبناني المشهور بأطباقه الشهية والغني بتنوعها التي ترضي جميع الأذواق. فالبعض ينظر إلى أن قطاع المطاعم يتمتع بمناعة كبيرة متوازية مع مناعة المصارف اللّبنانية التي تتمتّع بالقدرة على مواجهة الصدمات مهما كانت كبيرة ومعقّدة، والبعض الآخر يرى أن هذا القطاع يتأثّر إلى حد كبير بالأزمات والتطوّرات التي تشهدها المنطقة، لكن الاثنين يتفقان على أن هذا القطاع مرّ بمرحلتين أساسيتين: الأولى هي مرحلة ما قبل شهر مايو من العام 2012، والثانية هي مرحلة ما بعد شهر سبتمبر من ذات العام. فأزمة هذا القطاع بدأت بالظهور الفعلي في شهر مايو 2012 وذلك بعدما بدأت بعض الدول الخليجية مقاطعة لبنان تدريجياً من خلال قرارات الطلب من رعايا هذه الدول عدم الذهاب إلى لبنان ودعوة الرعايا الموجودين في لبنان إلى العودة حالاً إلى بلدانهم بسبب عدم الاستقرار الأمني الذي يمرّ به البلد، الأمر الذي أسفر عنه تسجيل خسائر فادحة على مستوى هذا القطاع، بحيث سجّل رقم الأعمال في الفترة المتراوحة بين العام 2011 حتى شهر مايو 2012 انخفاضاً بين 20 و30 %.
بالرغم من كل الأحداث التي شهدها لبنان بين العام 2005 والعام 2006 ازدهر فتح المطاعم الجديدة في هذه الفترة حتى ناهز عددها الأربعمائة، لكن توقّف هذا الازدهار في شهر مايو 2012 مع غياب الرعايا العرب والمغتربون مما أدّى إلى انحسار الطلب ليقتصر فقط على المقيمين اللبنانيين الذين يعانون أيضاً من أزمة اقتصادية تتفاقم يوماً بعد يوم، حتى قطاع خدمة التوصيل المجاني تعرّض للخسائر، بحيث تراجعت نتائج هذا القطاع منذ شهر مايو إلى 60 %. أما المرحلة الثانية، فهي ما بعد فرض قانون منع التدخين في شهر سبتمبر 2012، الذي دعمته في البداية نقابة أصحاب المطاعم التي تقدّمت فيما بعد بدراسة إلى مجلس النواب تظهر أن المطاعم التي تقدّم الوجبات الأجنبية لم تتأثر بذلك القانون الذي قضى على المطاعم اللبنانية والمقاهي التي تعتمد في مردودها على النارجيلة، معتبرة أن هذا القانون هو الأقسى من نوعه على المطاعم عالمياً، فبعد شهر من دخوله حيّز التنفيذ خسرت المطاعم اللبنانية والأندية الليلية نحو 75 % من أرباحها، الأمر الذي دفع نحو الـ30 % من أصحاب المطاعم على اتّخاذ القرار برمي المفتاح وإقفال المطعم بينما اختار الـ70 % الآخرين المضي في تطبيق هذا القانون والإصرار على المحاولة في إقناع المعنيّين لتعديل هذا القانون.
قبل العام 2010 زادت بدلات إيجار المطاعم بشكل كبير ولم تتراجع حتى اليوم، فعلى سبيل المثال يبلغ بدل إيجار سنوي لمطعم في الأشرفية مساحته 300 متر مربع، 300 ألف دولار، وفي «الزيتونة باي» يصل الحد الأدنى إلى 400 ألف دولار سنوياً. يضاف إليها مصاريف الكهرباء والماء، هذا فضلا عن ارتفاع أسعار المواد الأولية خاصةً أن لبنان يستورد أكثر من 90 % من هذه المواد. أمام حالة الجمود التي أصابت هذا القطاع، قام العديد من أصحاب المطاعم اللبنانية ببيع امتيازاتهم إلى دول عربية، وكذلك لوحظت حركة ليلية في شوارع الحمرا، وجونيه، وفردان وانطلياس في حين غابت هذه الحركة في منطقة الجميزة التي أقفل أكثر من 80 % من أنديتها الليلية.