في حي سان خوستو بإحدى ضواحي بونيس آيريس، كان يقع لاكنديلا، مركز التدريب القريب الخاص بنادي بوكا جونيورز (1960-1990) الذي شهد تفتح موهبة الأسطورة دييغو مارادونا، وذلك قبل أن ينتقل النادي العريق بمنشآته إلى جوار بونبونيرا، ملعبه الحالي.
وبعد إهمال لاكنديلا سنوات عدة، نهض خورخي رافو، لاعب بوكا جونيورز السابق الذي احترف في ألمانيا وبلجيكا وفرنسا، واشترى الموقع.
وأراد أن "يستثمر" إجازته في التربية الرياضية، فأسس مركز إعداد عالٍ للاعبي كرة القدم يعتني بكل شيء يخص المحترفين.
لكن منذ العام 2007 عرف هذا المرفق "حجماً مضاعفاً" اذ تحول الى «لاماسيا الارجنتين» على بعد 1500 كلم من كاتالونيا مكان «لاماسيا برشلونة» واقترن بالوانه.
في برشلونة، نقل مركز إعداد اللاعبين الصغار الواعدين من جوار كامب نو إلى مكانٍ آخر عام 2006 يمتد على مساحة 137 ألف متر مربع، ويحتوي على منشآت عصرية تمكنه من استيعاب 83 لاعباً مقيماً تتراوح أعمارهم بين 11 و 18 سنة، والفكرة مستوحاة عموماً من مدرسة أياكس امستردام الدولية.
وكان قرار التوجه خارج الحدود، والأرجنتين تحديداً قد اتخذ في عهد خوان لابورتا والمدير الرياضي تشيكي بيغيرشتاين، أحد اعضاء فريق الأحلام الذي أعده النجم الهولندي يوهان كرويف.
لقد وضع بيغيرشتاين تصوراً أراد من خلاله نسخ نجاح مركز الإعداد الكاتالوني وشهرته في مكان آخر. وكانت الأرجنتين هدفاً مباشراً نظراً للقواسم المشتركة وآواصر العلاقة، كما يوضح ممثل برشلونة هناك دانيال فيتالي.
ودرست إدارة النادي الجدوى انطلاقاً من مكتب تمثيلي في بوينس آيريس قبل التوسع بالتعاون مع رافو ونادي لوخان القريب من العاصمة بوينس آيريس.
وخلص الاتفاق لأن يصبح النادي الأرجنتيني فرعاً لبرشلونة (فوتبول كلوب برشلونة جونيورز لوخان).
إنه «لاماسيا 2» الذي يحتضن حالياً 180 لاعباً بين سن التاسعة والـ 17، ويبلغ عدد العاملين فيه 45 شخصاً من مختلف الاختصاصات، بينهم اختصاصي نفسي.
ويوفر المركز - المدرسة المنامة لـ 30 تلميذاً يقصدون مدرسة دون بوسكو المجاورة، وبالتالي هم تحت العناية على مدى 24 ساعة كاملة تحت إشراف مساعدين تربويين.
وفي البرنامج اليومي (من الثلاثاء إلى الجمعة)، متابعة الدروس العلمية صباحاً ثم تدريب لمدة 90 دقيقة بعد الظهر، إتمام الفروض المدرسية مساء ثم تناول العشاء واستراحة قصيرة حرة قبل الخلود الى النوم.
ويضم «لاماسيا 2» ثلاثة ملاعب عشبية بحالة ممتازة، وملعباً أصغر مقفل (عشب اصطناعي)، وأربعة ملاعب (قياس 40 x 25م عشب اصطناعي) للتدريب على مساحات صغبرة، إلى منشآت ومرافق مناسبة.
ويلفت رافو إلى أن كل ذلك خضع لورشة لتأهيل في عام 2007.
وتركت في المكان ملصقات وصور كبيرة من عصر بوكا جونيورز، "ليطلع الأولاد على عراقة الموقع ويتأثروا إيجاباً".
ويعتبر رافو أنه مع تطبيق مناهج برشلونة "لدينا أفضل مركز إعداد خاص في الأرجنتين، إنه أفضل من أي مرفق تابعٍ لنادٍ في الدرجة الأولى".
وأينما تجولت تلاحظ شعار برشلونة، وذلك تحفيزاً لتلامذة «لاماسيا 2» على حد تعبير رافو، وأملاً في «تكوين ميسي آخر»، خصوصاً أن النجم الأرجنتيني قصد كاتالونيا في سن الثانية عشرة والتحق بـ «لاماسيا برشلونة».
يضيف رافو: "نسعى لإنجاح خلطة تجمع تقنية الكرة الأرجنتينية وسحرها بالمنهجية الأوروبية. إنه مشروع متطلب، لا نضمن شيئاً لكننا ندرك المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقنا، نرعى أولاداً وكأنهم أبناؤنا.
يخضع للاختبار سنوياً بين 1500 و1800 صبي يجري انتقاؤهم من مختلف أنحاء البلاد، ويؤخذ 18 منهم فقط وفق صفوف أو مراحل، المربون والمعلمون كلهم ارجنتينيون، يطبقون ما يعلم في حصص التدريب في كاتالونيا».
يخوض فريق لوخان بطولة محلية مناطقية، فضلاً عن نحو 30 مباراة ودية مع فرق شابة أو من الفئات العمرية التابعة للأندية الكبرى في الأرجنتين والبرازيل.
والهدف إرسال أفضل البارزين في كل فئةٍ عمرية إلى برشلونة، هناك 100 لاعب تخرجوا اختير خمسة منهم لمنتخب الشباب، وانضم اللاعب أنجيل بيز إلى الفريق الأول في نادي شاكاريتا جونيورز (درجة ثانية).
ويدرك رافو أن الجميع يتملكه حب كرة القدم، لكنه يتطلع إلى الشهرة والغاية الأساس امتهان الاحتراف سعياً إلى الثروة.
غير أن القائمين على هذه الأكاديمية «يزرعون» في نفوس الطلبة أن كرة القدم "أساساً تنقل قيماً معنوية وأخلاقية".
من ينجح في عالم الاحتراف يكون سلك الطريق المخطط لها، وإن فشل يستفيد من تلقيه دروساً تعينه في حياته اليومية، منها حسن السلوك وآداب التعامل في المجتمع مثل التصرف الجيد وكيفيته خلال الجلوس إلى الطاولة خلال دعوات عامة ورسمية، فمثلاً قد يصبح أحدهم بطلاً مع برشلونة وتقوده مناسبة ما لمصافحة بابا الفاتيكان أو ملك إسبانيا.
والمثير أن وراء سياج الملعب يتسمر عشرات من أهالي التلامذة اللاعبين يراقبون بصمت، ويحلمون أن يكتسب أولادهم قيم برشلونة: احترام الآخرين والرؤساء والالتزام والتعاضد.
لمتابعة أحدث أخبارنا عبر صفحتنا على موقع فايسبوك، اضغط هنا وابق على اطلاعٍ بأحدث المستجدات، كما يمكنك متابعتنا على تويتر بالضغط هنا.