قال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية في دولة قطر سمو الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ان العديد من الدول العربية لم تعط الاهتمام الكافي في بناء ركائز التنمية التي تضمن العيش الكريم لجميع المواطنين، مشيرا الى أن النمو الذي شهدته بعض البلدان العربية كان من نصيب فئة معينة. واضاف الشيخ حمد في كلمة خلال جلسة عمل بعنوان «إيجاد فرص عمل على نحو مستدام» على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي ان سوء توزيع ثمار التنمية وارتفاع نسب البطالة والامية والفقر زادت التوتر بين الحاكم والمحكوم وان ما تشهده المنطقة العربية حاليا ما هو الا تعبير عن حالة السخط على فرص العمل والفقر والاجور المنخفضة.
وقال ان هذه الاضطرابات تدفع الى مراجعة السياسات الاقتصادية وحق المواطنين في اختيار الاسلوب الاقتصادي الامثل لادارة عملية التنمية، داعيا الدول العربية الى اعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة والبحث عن نموذج انمائي جديد يتماشى مع تطلعات الشعوب. ولفت الشيخ حمد الى تشابه دول العالم العربي في الموارد وقواعد الانتاج وبالتالي في التحديات التي برزت جليا منذ بداية القرن الحادي والعشرين وعلى راسها شح المياه وادامة استهلاك الموارد الطبيعية وتدهور البيئة والفقر وتنويع مصادر الدخل وهجرة العقول العربية الا ان اكثر التحديات الحاحا تبقى الاخفاق في خلق المزيد من فرص العمل. واعتبر ان هذه التحديات والاخفاقات كانت المفجر الاساسي للثورة في تونس ومصر وليبيا واليمن و سوريا، مؤكدا ان ايجاد فرص عمل على نحو مستدام تمثل اهم تحديات التنمية قبل وبعد الازمة وخلال العقود القادمة.
وقال ان محركات النمو الاقتصادي في العالم العربي خلال العقود الثلاثة والمتمثلة في الاستثمارات الموجهة الى النفط والسياحة والعقارات وسوء ادارة الخصخصة ادت الى تخفيض عدد العاملين. وبين الشيخ حمد ان انخفاض مرونة التوظيف في الدول العربية لها جانبان الاول يتمثل بضعف استجابة القطاع الخاص في توظيف العمالة الوطنية للتغيرات في معدلات النمو الاقتصادي والثاني انحسار الحيز المالي للعديد من الدول وتراجع الاستثمارات العامة. وقال ان التعاون الاقتصادي بين الدول العربية ما زال دون الطموحات والطاقات التي أظهرتها الشعوب العربية في مستهل ثوراتها حيث أثبتت الشعوب قدرتها على تحقيق طموحاتها واهدافها وعلى جذب الدعم العالمي لقضاياها. وأضاف ان السوق العربي وخصوصا في شمال افريقيا من اهم الاسواق الواعدة في البلدان النامية عموما حيث تتوفر الثروات الطائلة من المعادن والنفط اضافة الى وجود الاراضي الزراعية الشاسعة والفرص الكامنة في قطاعي السياحة والخدمات. ولفت الى ان ترجمة معدلات النمو الى فرص عمل يمكن تحقيقها على مستويين الاول هو تطوير البنى التحتية وراس المال البشري والتركيز على الاستثمارات الانتاجية خصوصا في القطاع الصناعي والزراعي والسياحي.
اما المستوى الثاني فقال انه يتمثل بالتعاون بين جميع الاطراف العربية وتكامل جهودها من خلال توسيع القاعدة الانتاجية واضافة طاقات انتاجية جديدة بتقنيات كثيفة لاستخدام العمالة تراعي التوزيع الجغرافي لقوة العمل على مستوى الوطن العربي. واشار الشيخ حمد الى ان الاضطرابات والازمات التي تواجه العالم لم تظهر كافة تداعياتها بعد وتدفع بالاستثمار نحو الاسواق العربية مما يتطلب توفير البيئة الاقتصادية والتجارية المواتية للاستفادة من الفوائض المالية التي تحققها بعض الدول العربية وتوجيهها نحو الاستثمارات المنتجة. وختم الشيخ حمد بالدعوة الى دور اكبر للحكومات في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي والسيطرة على التضخم وتقوية المؤسسات لتحقيق معدلات نمو مرتفعة تحدث اثارا ايجابية في القضاء على بؤر التوتر والاضطرابات الاجتماعية ويسهم في اقامة علاقة صحيحة بين الحاكم والمحكوم.
وقال ان تحقيق اهداف التنمية الاقتصادية والتوزيع العادل للثروة سوف يمهد الارضية المناسبة لارساء حياة ديموقراطية سليمة تتيح للشعوب العربية حياة كريمة تكفل لها الحق في امتلاك ارادتها وصياغة مستقبلها والتفاعل بايجابية مع التطورات المتسارعة التي تشهدها.