باتت الفاكهة والحليب تحل مكان المشروبات الغازية والحلويات ... فيعتاد الجنود الجدد في بعض القواعد العسكرية الأميركية على تناول أطعمة صحية حتى يصبحوا جنودا أكثر كفاءة، هم الذين كانوا لا يزالون قبل بضعة أسابيع من مستهلكي المأكولات الجاهزة والسريعة.
في أحد مقاصف معسكر فورت بينينغ في ولاية جورجيا (الجنوب)، يمر الجنود حاملين بنادقهم بنظام أمام اطباق الفطور المعروضة وسط صمت تام.
المجندون يبلغون بالكاد العشرين من عمرهم وهم يعكسون صورة مجتمع مصاب بالبدانة يتجه أكثر فأكثر إلى عدم الحركة، ويستفيدون من مساعدة ثمينة جدا لاختيار وجبة متوازنة.. فالبطاقات الخضراء والصفراء والحمراء تشير إلى القيمة الغذائية للأطعمة.
فهنا العنب والتفاح والشمام المقطع مسبقا مع بطاقة خضراء. أما البيض المخفوق الذي يبقى دائما متوافرا، فقد زود ببطاقة صفراء تماما كما اللحم المقدد إذ هو مصنع من الحبش وليس من الخنزير المشبع بالدهون. لكن الحلويات اختفت والبطاقات الحمراء النادرة لا نجدها إلا مع الأجبان.
بعد ساعة من التمارين البدنية في الهواء الطلق في حين أن الشمس لم تشرق بعد، تكون أطباق الجنود ممتلئة بما توفر. ويبدو أن الجنود تعلموا الدرس، فراحوا يتناولون الفواكه واللبن والحبوب.
قبل أن ينخرطوا في صفوف الجيش، كان هؤلاء يقصدون مطاعم الوجبات السريعة "من أربع إلى سبع مرات أسبوعيا. الأمر الذي يعني استهلاكا كبيرا للدهون"، على ما يقول مستهجنا الجنرال مارك هرتلينغ المسؤول عن هذا البرنامج في قيادة التدريب والعقيدة.
وكان سلاح البر قد انطلق في هذا البرنامج بعدما لاحظ أن اللياقة البدنية للمجندين قد تدهورت منذ حوالى عشر سنوات عندما ارتفعت نسبة البدانة بين الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و 24 عاما من 14% إلى 23%.
ويشرح الجنرال هرتلينغ أنه "في أواسط التسعينات، تخلت غالبية المدارس الابتدائية والثانوية في الولايات المتحدة عن الحصص الإلزامية للتربية البدنية. وفي الفترة الزمنية نفسها ومع انتشار ألعاب الفيديو، راح الناس يستخدمون أصابعهم في اللعب بدلا من الركض والقفز".
وللطعام غير المغذي دوره في الحد من نطاق التجنيد. وهو يتناول فطوره بين الجد، يأسف هرتلينغ قائلا أن اليوم "ثلاثة أرباع الأشخاص الذين هم في سن الالتحاق بالجندية، لا يستطيعون ذلك نظرا لعدم تحصيلهم التعليم اللازم على خلفية ماض إجرامي أو مشاكل عقلية. أما ربع هؤلاء فلا يستطيعون الالتحاق لأنهم لا يملكون اللياقة البدنية المناسبة".
من جهته يلفت روبرت بودنيك القيم على مطعم المعسكر إلى أن مجندا واحدا من أصل خمسة يحتاج إلى خسارة بعض الوزن، بعد دخوله إلى السلك العسكري.
ويبدو النظام الغذائي العسكري الجديد فعالا. فيشير هذا الأربعيني صاحب الساقين الطويلتين الذي ما زال يتصبب عرقا بعد انتهائه من التمارين الصباحية، "شاهدت مجندين وقد خسروا 35 كيلوغراما خلال تلقيهم التدريب".
بالنسبة إلى وجبات الظهر والمساء، استثنيت منها نهائيا البطاطا المقلية والبيتزا والنقانق. إلى ذلك حظرت المشروبات الغازية، فتوجه المجندون إلى مشروبات الطاقة.
وهذا البرنامج الذي لا يشمل في الوقت الحالي سوى القواعد العسكرية حيث يتلقى المجندون تدريباتهم، لا يصبو إلى "السيطرة على نمط عيش هؤلاء إنما يشكل محاولة لتوجيههم"، بحسب ما يؤكد هرتلينغ.
وبعدما أنهى إلى جانب 200 من زملائه وجبته وسط الصمت المسيطر، يقول الجندي ريد ريفشلاغر (20 عاما) "صحيح أننا لا نستهلك وجبات سريعة، لكن الطعام المطبوخ هنا لذيذ وأشعر بأنني أمتلك طاقة إضافية".