هل تتحمل الدولة الأردنية مسؤولية أحداث معان؟

تاريخ النشر: 09 يونيو 2013 - 10:43 GMT
قامت السلطات الأردنية، باستخدام الحل الأمني وزج بالشرطة إلى المدينة، لإعادة الهدوء إليها.
قامت السلطات الأردنية، باستخدام الحل الأمني وزج بالشرطة إلى المدينة، لإعادة الهدوء إليها.

ترفض الحكومات الأردنية المتعاقبة ما يردده نشطاء الحراك الشعبي والمعارضة من أن انفجار الغضب الشعبي في مدينة معان الجنوبية مرده تقاعس الدولة عن القيام بدورها، وهو ما تتمسك به حكومة عبدالله النسور التي تدفع بأنها تقوم بدورها في احتواء الأزمة، من خلال العديد من الإجراءات التي تصفها بـ «الناجعة». وتشهد مدينة معان منذ أزيد من شهر مواجهات عشائرية وجهوية بعد أحداث دامية شهدتها جامعة الحسين سقط ضحيتها ثلاثة أشخاص، الأمر الذي أدى تفاقم بفعل اللجوء الرسمي إلى الحلول الأمنية المحضة.

ويرى المتخصص في علم النفس الاجتماعي، مراد فياض، أن تركيز الدولة على التعامل الأمني مع أحداث المدينة وعدم اللجوء إلى الحوار، فضلاً عن غياب التنمية الحقيقية وارتفاع نسب البطالة، أدى إلى تعزز شعور الانعزال العام في المنطقة، وهي القناعة التي ترددها ألسنة الناس في «معان»، ما يستدعي البدء بخطة تنمية عميقة في المنطقة تستهدف التأثير في الوعي المناطقي لمصلحة الوعي الوطني الذي يأتي عبر انتهاج ديمقراطية حقيقية على المستوى الوطني.

مخاطبًا مجلس النواب قبل أيام، سرد وزير الداخلية حسين المجالي، الإجراءات الحكومية في مدينة معان التي تتعرض لمشكلات اجتماعية واقتصادية صعبة ومعقدة، ذات جذر سياسي، موضحًا أن «هذه الإجراءات تسعى للحفاظ على النظام والهدوء في المدينة، بعد إطلاق نار على كسارات، أفضى في ما بعد إلى حرق بنوك وبريد ومراكز شرطة وغيرها، من قبل نحو 20 شخصًا».

الأحداث العاصفة التي هزت مدينة معان لعدة أيام الأسبوع الماضي، شملت إغلاقات إجبارية للمحلات، وإعلان حالة العصيان المدني في المدينة، دفعت وفق منظور الحكومة للحل الأمني إلى الزج بالشرطة إلى المدينة، لإعادة الهدوء إليها، وهو ما اعتبره سكان المدينة، نقطة ضعف وعجز سياسي عن حل مشكلات المدينة التي لا تنفصل عن مشكلات الأردن عمومًا، واتهم أهالي معان ونوابها، الحكومة بالتقصير.

ويرى المعاني سليم الساكت، أن مسؤولية ما يجري في «معان»، سواء من حيث ضعف الرقابة والتقصير الأمني كمعالجات وقائية، أو ما بعد وقوع المحظور، واندلاع أعمال العنف هناك، هو «مسؤولية الحكومة». وبينما يؤكد رئيس الوزراء عبدالله النسور أمام مجلس النواب، أن قضية معان «تعالج بالقوة العقلانية»، قال رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري إن قضية معان «لا تعالج إلا بحكمة، وتدرج»، وقال: «كانت هناك دلائل وإشارات لوصولنا إلى هذا الوضع، وكان يجب العمل على امتصاص الأمر، ولابد أن يكون بنفس الدقة والحكمة». ويؤكد المصري، أن ما يحدث الآن «أسبابه كثيرة، أحدها عدم تطبيق القانون بدقة على الجميع، وفهم الإصلاح والحرية والديمقراطية بطريقة خاطئة». وأضاف: «إن رأي الأكثرية لا يعني سحق الأقلية، أو التقليل من شأنها، ولكن الذي يثري هو رأي الأكثرية».

ويعتبر المصري، قانون الصوت الواحد سببًا أيضًا، معتبرًا أنه حول العشيرة إلى «وحدة سياسية» في التعامل مع المشاكل، إضافة إلى صعوبة الوضع المعيشي، «فثارت الأمور في وجه البلد وهي أمور خطيرة». ويحذر المصري من «التلاعب» بفسيفساء الأردن، مشيرًا إلى أن الأردنيين «شعب متجانس رغم المحاولات، التي بذلت لجعل الفسيفساء تظهر على السطح في الدول الأخرى، ما أسفر عن العراك والاقتتال، إلا أن هناك من يحاول أن يخلق فسيفساء أردنية غير موجودة أصلاً».

وقال المصري إنه في إطار معالجة الأوضاع في معان «اصبح من الضروري أن تعالج الأمور بحكمة»، مضيفًا أن «التهاون لا يفيد، وأيضًا العنف الشديد لا يفيد، بعد أن تأخرنا في المعالجة». وعبر عن اعتقاده بأن «هناك تراكمات في نظرة الناس إلى عدالة الحكومة، وصرامة التطبيق للقانون، حيث يرون أنها تراجعت، وهذا الشعور ليس وليد اللحظة، وإنما هو جراء تراكم منذ عدة سنوات، أوصلتنا إلى هذه المرحلة».

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن