فيما استمرت الشرطة الفرنسية في حملة مطاردة منفذي الهجوم على "شارلي إبيدو" افادت مصادر امنية ان الشقيقين كانا معروفين لدى واشنطن ومدرجين على قوائم الارهاب. وقد اتشحت فرنسا بالسواد حدادا، قام اوباما بزيارة مفاجئة للسفارة الفرنسية معزياً.
الشقيقان مدرجان على قوائم الارهاب واحدهما تدرب في اليمن
قالت مصادر اميركية واوروبية قريبة من التحقيقات في الهجوم على مقر صحيفة شارلي إبيدو الفرنسية الخميس إن أحد شقيقين يشتبه بتورطهما في الهجوم زار اليمن في 2011 للتدرب مع متشددين تابعين للقاعدة.
واضافت المصادر أن سعيد كواشي (34 عاما) أقام في اليمن لعدة اشهر تدرب خلالها مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وهو احد انشط اذرع القاعدة.
وتلاحق الشرطة الفرنسية سعيد وشقيقه شريف (32 عاما) في اعقاب الهجوم على مقر "شارلي إبيدو" في باريس.
والمشتبه بهما هما إبنان فرنسيان لأبوين ولدا في الجزائر.
وكان الاثنان تحت مراقبة الشرطة.
واودع شريف السجن 18 شهرا عن محاولة السفر الي العراق قبل عشر سنوات للقتال مع خلية اسلامية.
وقال مسؤول يمني على دراية بالموضوع ان الحكومة اليمنية كانت على علم بصلات محتملة بين سعيد كواشي وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وانها تحقق في هذه الصلات المحتملة.
وقالت المصادر انه بعد ان عاد سعيد كواشي الي فرنسا من اليمن بدا ان الشقيقين تجنبا أي انشطة ربما تجتذب اهتمام اجهزة الامن والمخابرات الفرنسية.
واضافت انه في الاشهر السابقة على هجوم الاربعاء لم تكن وكالات مكافحة الارهاب الفرنسية تعتبر الرجلين هدفين لهما اولوية.
وقالت مصادر حكومية اميركية إن سعيد كواشي وشقيقه شريف وضعا في اثنيتن من قواعد البيانات الامنية الاميركية وهما قاعدة بيانات شديدة السرية لمكافحة الارهاب تحتوي على معلومات بشان 1.2 مليون مشتبه به محتمل والثانية قائمة أصغر كثيرا "لحظر الطيران" يحتفظ بها مركز مراقبة الارهابيين.
وذكرت محطة تلفزيون إيه بي سي نيوز ان الشقيقين موضوعين في قوائم قاعدتي البيانات منذ "سنوات".
وقال ديف جولي المتحدث باسم مراكز مراقبة الارهابيين انه لا يمكن ان يؤكد أو ينفي ان الشقيقين وضعا في قوائم قواعد بيانات مكافحة الارهاب.
واضاف قائلا "الكشف عن ادراج او عدم ادراج فرد في قواعد بيانات مركز مراقبة الارهابيين من شأنه ان يلحق ضررا كبيرا بقدرة الحكومة على التحقيق والتصدي للارهاب."
وقالت المصادر ان سعيد كواشي وصل الي اليمن اثناء وجود أنور العولقي أحد ابرز الزعماء الروحيين والتنظيميين للقاعدة في جزيرة العرب وواعظ بارز اميركي المولد ينشر رسالة الجماعة المتشددة الي جمهور من الاوروبيين والمتحدثين بالانجليزية. ولم يتضح ما اذا كان سعيد كواشي قد اقام اي اتصال مع العولقي الذي قتل في ايلول/ سبتمبر 2011 في ضربة شنتها طائرة بدون طيار ينسبها الكثيرون الى وكالة المخابرات المركزية الاميركية.
ويعتقد محققون ان وفاة العولقي قد تكون ساهمت في قرار الشقيقين الابتعاد عن الانظار لكن محققين اخرين يقولون ان من السابق لأوانه الوصول الي مثل هذه النتيجة.
ويحاول المحققون تحديد اهمية أي صلات للشقيقين بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب او اي جماعة اسلامية متشددة اخري.
والطوق يضيق حول المشتبه بهما
وتكثفت عمليات البحث في شمال فرنسا عن المشتبه بهما في الهجوم على "شارلي ايبدو" في حين ارتدت فرنسا ثوب الحداد مؤكدة وحدتها في مواجهة اعتداء اشاد به تنظيم "الدولة الاسلامية" ولم تعلن اي جهة مسؤوليتها عنه بعد.
واعلن عن مشاهدة منفذي الهجوم الذي اودى بحياة 12 شخصا في قلب باريس في منطقة بيكاردي شمال باريس ظهر الخميس، حيث تم فرض حالة الانذار القصوى بين اجهزة مكافحة الارهاب.
وكانت قوات التدخل في الشرطة والدرك تمشط المنطقة التي تحلق فوقها مروحيات بحثا عن شريف وسعيد الكواشي، في حين عرضت شاشات التلفزيون صور الدوريات المسلحة والحواجز التي تقوم بتفتيش السيارات.
واوضح مصدر امني لوكالة الصحافة الفرنسية ان وحدات النخبة في الشرطة والدرك الوطنيين "تتمركز للتحقق من اهداف في هذه المنطقة" حيث تم التخلي عن السيارة التي استخدمها المشبوهان.
وشاهد مدير محطة للوقود في جنوب مدينة فيليه-كوتريه الاخوين شريف وسعيد كواشي (32 و 34 عاما) اللذين ولدا في باريس ويحملان الجنسية الفرنسية صباح الخميس. وبعد ان وقع ضحية سرقة "تعرف رسميا" الى الرجلين "الملثمين وفي حوزتهما بندقية كلاشنيكوف وقاذفة صواريخ ظاهرتين"، وفقا للمصدر نفسه.
ولم يعد لدى المطاردين سيارة على الارجح لكن يخشى ان تكون عملية التمشيط طويلة ومعقدة في منطقة تبلغ مساحتها مئات الكيلومترات المربعة وتنتشر فيها الغابات.
وتعززت فرضية الارهاب الاسلامي بعد العثور في سيارة المشتبه بهما التي تركاها في باريس الاربعاء على علم جهادي وعشرات قنابل المولوتوف.
شريف كواشي جهادي معروف من اجهزة مكافحة الارهاب الفرنسية. وقد حكم عليه في 2008 بالسجن ثلاث سنوات بينها 18 شهرا مع وقف التنفيذ بتهمة المشاركة في شبكة تجنيد مقاتلين للتوجه الى العراق والقتال الى جانب تنظيم "القاعدة".
ووضع سبعة اشخاص من اوساط المشتبه بهما قيد الحجز الاحتياطي بعد توقيفهم ليلا. وسلم رجل في الثامنة عشرة من العمر يشتبه في انه متآمر معهم نفسه للشرطة.
واجواء التوتر الشديد هذه التي ذهب بعض المعلقين والسياسيين الى وصفها بحالة "حرب"، وبعد ان عنونت صحيفة لوموند "11 سبتمبر فرنسي" تفاقمت مع مقتل شرطية شابة واصابة موظف بلدي في اطلاق نار حصل في وقت مبكر الخميس في مونروج بضواحي باريس الجنوبية. وكلف قضاة متخصصون في مكافحة الارهاب بالتحقيق في اطلاق النار.
واوضحت النيابة في بيان ان القرار اتخذ "نظرا للظروف الراهنة"، ولكن لم تثبت بعد اي علاقة بين اعتداء الاربعاء على المجلة الساخرة واطلاق النار الذي وقع الخميس. ويجري البحث عن شخص يرتدي سترة واقية من الرصاص ويحمل بندقية رشاشة.
وفي موازاة ذلك عم الحداد الوطني فرنسا غداة ما اعتبر هجوما على حرية الصحافة والتعبير.
ولزم الفرنسيون عند الظهر تماما دقيقة صمت لم يقطعها سوى قرع اجراء الكنائس تكريما لذكرى الضحايا.
وتوقفت حركة النقل العام في باريس خلال دقيقة الصمت التي لزمتها المدارس ايضا وتوقف الموظفون في العديد من الشركات والمكاتب عن العمل.
ونظمت تظاهرات ومسيرات تضامن الخميس في العالم اجمع، من بروكسل الى كينشاسا مرورا بجنيف وهونغ كونغ والقدس، بمشاركة رسامي كاريكاتور عبروا عن المهم وتضامنهم مع الصحيفة.
ووقف نواب البرلمان الاوروبي دقيقة صمت تكريما لضحايا الاعتداء على شارلي ايبدو.
وفي جنيف احتشد حوالي 500 شخص دفاعا عن حرية التعبير في العالم. وفي هولندا، نظمت مسيرات صامتة شارك فيها الالاف في نحو عشرين بلدة حمل فيها المشاركون لافتات كتب عليها "انا شارلي" وشموعا واقلاما.
وصلى البابا فرنسيس من اجل ضحايا الهجوم "الوحشي"، وقال خلال القداس اليومي الذي كرسه لراحة نفس الضحايا "ان هجوم الامس في باريس يدعونا للتفكير في كل هذه الوحشية، هذه الوحشية البشرية، هذا الارهاب، سواء كان ارهابا معزولا او ارهاب دولة. هذه الوحشية التي يبدو الانسان قادرا على ارتكابها"
وفي لندن، حيث نكس العلم البريطاني الخميس على مبنى الحكومة، تم تعزيز الدوريات والتدابير الامنية على الحدود مع فرنسا وفي المرافىء.
وقال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على تويتر "نقف الى جانب شعب فرنسا بعد اعمال القتل الرهيبة في باريس".
وقالت وزيرة الداخلية تيريزا ماي ان بريطانيا قدمت لفرنسا "كل مساعدة ضرورية"، اثر اجتماع ازمة.
واعلن كاتب في "شارلي ايبدو" الخميس ان الصحيفة الساخرة ستصدر الاسبوع المقبل كما هو مرتقب رغم الاعتداء. وقال باتريك بيلو لوكالة فرانس برس ان صدور الصحيفة سيتم كما هو مرتقب الاربعاء المقبل قائلا "سنستمر بالعمل، كلنا متفقون على ذلك".
والاعتداء على شارلي ايبدو دفع باكثر من مئة الف شخص الى التجمع بشكل عفوي ضد الارهاب في شوارع البلاد مساء الاربعاء واثار استنكارا في مختلف انحاء العالم.
وفي ليل (شمال) حمل اطفال مدرسة مسلمة الخميس امام الكاميرات اوراقا كتب عليها شعار "ليس باسمي". لكن المسلمين في فرنسا يتخوفون من اعمال انتقامية ضدهم.
ومنذ مساء الاربعاء، تعرضت عدة مساجد لهجمات في فرنسا بحسب مصادر قضائية الخميس، اشتبه بان بعضها تم بدافع الانتقام بعد الاعتداء على الصحيفة الساخرة. واعرب ممثلون عن الطائفة المسلمة في فرنسا عن خشيتهم من ردود فعل انتقامية.
ودعا ممثلو مسلمي فرنسا "أئمة مساجد" البلاد الى "إدانة اعمال العنف والارهاب بأشد الحزم" اثناء خطبة الجمعة للرد على الهجوم على شارلي ايبدو.
ودان وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف الخميس "باشد العبارات اعمال العنف او انتهاك حرمة" المساجد.
وصرح كازنوف للصحافيين "لن نسمح باي عمل او تهديد يطال دور عبادة كما لن نسمح باي عمل عدواني ضد فرنسيين على خلفية اصولهم او ديانتهم. فليعلم كل الذين يرتكبون مثل هذه الاعمال انهم سيلاحقون ويعتقلون ويعاقبون ايضا".
وحذرت الرباط من كره الاسلام، وقال المتحدث باسم الحكومة مصطفى الخلفي ان تفادي الخلط بين الاسلام والارهاب مسؤولية جماعية وينبغي قطع الطريق على كل من يمكنه ان يؤجج مشاعر الكراهية ازاء الاسلام.
وكثف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الحريص على الوحدة الوطنية غداة الهجوم على شارلي ايبدو مباحثاته مع القادة السياسيين المدعوين الى مسيرة كبيرة الاحد في باريس اكدت المعارضة اليمينية مشاركتها فيها، في حين استبعدت منها الجبهة الوطنية التي اعترضت زعيمتها مارين لوبن على ذلك معتبرة ان "الوحدة الوطنية لم تعد موجودة".
واستقبل هولاند في قصر الاليزيه سلفه ومنافسه اليميني السابق نيكولا ساركوزي الذي قال بعد اللقاء "انها حرب معلنة على الحضارة، والحضارة عليها مسؤولية الدفاع عن نفسها".
وسيستقبل الرئيس الاشتراكي الجمعة زعيمة الجبهة الوطنية (يمين متطرف) مارين لوبن وكذلك زعماء احزاب سياسية اخرى.
وبثت الشرطة خلال الليل صور الشقيقين كواشي وتمكن المحققون من الاستدلال اليهما بعد العثور على بطاقة هوية سعيد في سيارة تركها المهاجمون بعد الاعتداء.
ووجه الهجوم ضربة قاسية لهيئة تحرير الصحيفة الساخرة مع مقتل اربعة من ابرز رساميها وهم شارب وكابو وتينيوس وولينسكي المعروفين في فرنسا.
واجمعت كل الصحف الصادرة في فرنسا واوروبا على ادانة "الوحشية" والحرب ضد الحرية" و"اغتيال الحرية" و"الابتزاز المقزز" على صفحاتها الاولى الخميس.
وفي حين نظم تجمع تضامني حاشد بمشاركة الالاف مجددا مساء الخميس في ساحة الجمهورية في باريس اعلن محامي شارلي ايبدو ان الصحيفة ستصدر الاربعاء المقبل مليون عدد بدلا من ستين الفا.
وأعلن وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف عن انعقاد اجتماع وزاري اوروبي اميركي الاحد حول الارهاب اكد مسؤول اميركي ان وزير العدل الاميركي اريك هولدر سيشارك فيه.
وأعلن رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر الخميس في ريغا عزمه على اقتراح برنامج جديد لمكافحة الارهاب على الدول الاعضاء "في الاسابيع المقبلة".
اوباما يزور السفارة الفرنسية معزياً
وقام الرئيس الاميركي باراك اوباما بزيارة مفاجئة الي السفارة الفرنسية في واشنطن الخميس لتقديم التعازي والتعبير عن التضامن مع الشعب الفرنسي بعد هجوم دموي في باريس.
وبعد وقت قصير من عودته من رحلة الي فينيكس وصل اوباما في موكب سيارات الي السفارة الفرنسية للتوقيع في سجل التعازي. وانضم اليه هناك السفير الفرنسي جيرار أرو.
وكتب اوباما في سجل التعازي انه ينقل مواساة الولايات المتحدة وتضامها مع الشعب الفرنسي.
وكتب يقول "كحلفاء على مر القرون نقف متحدين مع اخوتنا الفرنسيين لضمان تحقيق العدالة والدفاع عن اسلوب حياتنا. ونحن نمضي قدما معا نعرف ان الارهاب يتعارض مع الحرية والمثل التى نناضل من اجلها.. المثل التي تنير العالم."