تجمع مئات المحتجين في ميدان التحرير بالقاهرة لليوم السادس يوم الأربعاء مطالبين الرئيس محمد مرسي بإلغاء إعلان دستوري يقولون إنه يمنحه سلطات دكتاتورية.
وبعد خمسة شهور على تولي مرسي الذي كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين وفي مشاهد تعيد إلى الأذهان الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك العام الماضي أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على متظاهرين كانوا يقذفون الحجارة بعد مظاهرات شارك فيها عشرات الالاف أمس احتجاجا على الإعلان الذي يعطي مرسي سلطات موسعة ويحصن قراراته من الطعن أمام القضاء.
ويقول محتجون إنهم سيبقون في التحرير حتى إلغاء الاعلان الدستوري مما يثير اضطرابات جديدة في بلد يقع في قلب الربيع العربي ويوجه ضربة جديدة لاقتصاد يعاني بالفعل.
ومن جانب آخر قال قضاة إن محكمة النقض ومحكمة استئناف القاهرة قررتا يوم الاربعاء تعليق العمل بهما لحين سحب الإعلان الدستوري.
وقال قضاة بمحكمة النقض للصحفيين بعد حضورهم جمعية عمومية طارئة للمحكمة إن الجمعية قررت تعليق العمل وإن بيانا سيصدر لاحقا متضمنا القرار.
وقال قضاة بمحكمة استئناف القاهرة إن محكمتهم اتخذت قرارا مماثلا.
ويتفاوض قضاة كبار مع مرسي بشأن كيفية الحد من سلطاته بينما يريد المحتجون منه حل الجمعية التأسيسية التي تضع مسودة دستور جديد ويهيمن عليها الإسلاميون والتي حصنها مرسي من الحل بحكم المحكمة.
ويرجح أن يتناول أي اتفاق لتهدئة الشارع القضيتين لكن سياسيين معارضين قالوا إن قائمة المطالب قد تتسع كلما طال أمد الأزمة. ويريد الكثير من المتظاهرين أيضا إقالة الحكومة التي تجتمع يوم الاربعاء.
وقال محمد سيد أحمد وهو عاطل منذ عامين ويبلغ من العمر 38 عاما "يريد الرئيس خلق دكتاتورية جديدة."
وأضاف "نريد إلغاء الاعلان الدستوري والجمعية التأسيسية ليتم تشكيل واحدة جديدة تمثل كل الشعب وليس فصيلا واحدا."
ويشعر الغرب بالقلق من التوتر في بلد أبرم معاهدة سلام مع إسرائيل ويحكمه الإسلاميون الان. ودعت الولايات المتحدة التي تقدم مساعدات عسكرية كبيرة للجيش المصري إلى "حوار ديمقراطي سلمي".
وقتل شخصان في أعمال عنف منذ صدور الإعلان الدستوري بينما تستمر مناوشات بين المحتجين وقوات الشرطة منذ أيام قرب التحرير. ونشبت أعمال عنف في مدن أخرى.
وفي محاولة لتهدئة التوتر مع القضاة طمأن مرسي مجلس القضاء الأعلى بأن المواد التي تمنح قراراته حصانة في الإعلان الدستوري لا تنطبق إلا على "أعمال السيادة" وهو حل وسط تقدم به القضاة أثناء المحادثات.
ويقصر هذا الحصانة على أمور مثل إعلان الحرب لكن خبراء قالوا إن هناك مجالا كبيرا للتأويل. والقضاة أنفسهم منقسمون ولم يؤيد القضاء بهيئاته الأوسع الاقتراح حتى الان وبدأ بعض القضاة إضرابا للاحتجاج على الاعلان الدستوري.
ومصير الجمعية التأسيسية مثار خلاف بين الاسلاميين ومعارضيهم منذ شهور وانسحب منها ليبراليون ومسيحيون عدة قائلين إن أصواتهم لا تسمع فيها.
وقوض هذا الأمر عمل الجمعية المنوط بها صياغة الدستور الذي بدونه لن تكون سلطات الرئيس محددة بشكل دائم ولن يمكن انتخاب برلمان جديد.
ويتولى مرسي حاليا السلطتين التنفيذية والتشريعية. وينص إعلانه الدستوري على أن قرارات الرئيس لا يمكن الطعن عليها لحين انتخاب برلمان جديد. ويتوقع أن تجرى انتخابات برلمانية في أوائل العام المقبل.
وقال باسم كامل وهو نائب ليبرالي سابق في البرلمان المنحل الذي سيطر عليه حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للاخوان "إذا لم يستجب مرسي للشعب سترفع الجماهير سقف مطالبها إلى إسقاطه."
وأضاف أن مظاهرة يوم الثلاثاء أظهرت أن المصريين "أدركوا أن الاخوان لا يريدون الديمقراطية لكنهم يستخدمونها كأداة للوصول إلى السلطة ثم يتخلصون منها."
وتحصين قرارات الرئيس والجمعية التأسيسية من الطعن أمام المحاكم صفعة للقضاء الذي لم يخضع لإصلاح يذكر منذ عصر مبارك. وفي كلمة ألقاها يوم الجمعة أثنى مرسي على القضاء في المجمل لكنه أشار إلى عناصر فاسدة يرغب في اجتثاثها.
وقال مصدر رئاسي إن مرسي أراد إعادة تشكيل المحكمة الدستورية العليا التي أصدرت في وقت سابق من العام الحالي حكما ببطلان مجلس الشعب مما أدى إلى حله.
ويتفق الإسلاميون ومعارضوهم بشكل عام على أن القضاء بحاجة لاصلاحات لكن خصوم مرسي يرفضون أسلوبه.
ووجهت المحاكم سلسلة من الضربات لمرسي والاخوان. وتم حل الجمعية التأسيسية الأولى التي كان يهيمن عليها الإسلاميون أيضا وأعيقت محاولة قام بها مرسي في أكتوبر تشرين الأول لاقالة النائب العام.
ونص الإعلان الدستوري على منح مرسي سلطة إقالة النائب العام وتعيين نائب عام جديد وهو ما أقدم عليه بالفعل.
المحكمة الدستورية العليا تتهم مرسي بالهجوم عليها وتطالبه بأدلة
واتهمت المحكمة الدستورية العليا الأربعاء الرئيس المصري محمد مرسي بالهجوم عليها وطالبته بأدلة على اتهامه لها بتسريب الاحكام قبل صدورها ودعته إلى موافاتها بما توافر لديه من أدلة على هذا الاتهام "الخطير".
وقال رئيس المحكمة ماهر البحيري في بيان تلاه أمام الصحافيين "ان تيارا بعينه"، في اشارة إلى الاسلاميين، شن حمله هجوم على المحكمة وروج معلومات "كاذبة" عنها "لكن الحزن الحقيقي الذي ألم بقضاتها حين انضم السيد رئيس الجمهورية في مباغتة قاسية ومؤلمة الى حملة الهجوم المتواصلة على المحكمة الدستورية (..) وسبق ان ناشدته المحكمة بما توافر لديه من ادلة على هذه الجريمة الا انها لم تتلق ردا".
واكد البحيري ان "تيارا بعينه (...) يكيلون الاتهامات وينثرون الشائعات بقصد ايقاع الاغتيال المادي والمعنوي" للمحكمة الدستورية العليا "متوسلين في ذلك تلويث صورتها (..) وتلويث سمعة وشرف قضاتها".
واضاف "لم يكن صحيحا ولا صدقا بحل محض افتراء وكذب" اتهامات هذا التيار للمحكمة الدستورية بان حكم حل مجلس الشعب "جاء بالاتفاق مع اخرين من اجل اسقاط مؤسسات الدولة"، متابعا "لم يكن صحيحا ولا صادقا القول بان المحكمة تنتهك الدستور والقانون وتفصل في الدعاوى على هواها السياسي ولم يكن صحيحا ولا صادقا الادعاء بان قضاة المحكمة الدستورية يتم اختيارهم من بين الموالين للنظام السابق، وكان نتاج افتراء صارخ ما روج له اتباع هذا التيار من ان المحكمة سوف تنظر دعوى تطعن على تولي رئيس الجمهورية منصبه وسيحكم فيها بالعزل ووجه الكذب المكشوف انه لا توجد في حوزتها اية دعوى في هذا الخصوص".
واكد البحيري في بيانه ان "المحكمة الدستورية ابت في ما مضى ان تتدني الى مستوى اصحاب هذه الهجمة التي احكموا حلقاتها في كل اتجاه واختارت ان تترفع عن الرد على هؤلاء الذين سمحت ضمائرهم الميتة بالطعن في تجرد المحكمة".
وقال "لكن الحزن الحقيقي الذي الم بقضاة هذه المحكمة حين انضم السيد رئيس الجمهورية في مباغتة قاسية ومؤلمة الى حملة الهجوم المتواصلة على المحكمة الدستورية وهو من اكتسب شرعية ولايته رئيسا عندما قام باداء اليمين الدستوري امامها".
واوضح أن الرئيس المصري اتهم المحكمة الدستورية ب "تسريب احكامها قبل ان تصدر" في الخطاب الذي القاه الجمعة الماضي غداة اصداره الاعلان الدستوري الذي فجر اعنف ازمة سياسية في البلاد منذ توليه السلطة قبل خمسة اشهر.
وتابع رئيس المحكمة الدستورية العليا "سبق للمحكمة مناشدة رئيس الجمهورية ان يوافيها عن ما نما الى عمله عن تفاصيل هذا الاتهام وما توافر من ادلة عن هذه الجريمة وهو اتهام جد خطير".
وتابع "الا ان هذا الطلب لم يكن محل استجابة من احد ولم تتلق المحكمة ردا في هذا الشان حتى الان"، مضيفا "تؤكد المحكمة انه لن يرهبها تهديد او ووعيد او ابتزاز ولن تخضع لاي ضغوط تمارس عليها في اي اتجاه مهما بلغت قوتها وحدتها وهي مستعدة لمواجهة ذلك كله مهما كانت التكلفة باهظة".