اكدت اسلام اباد الجمعة انها يمكن ان تنهي تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وذلك ردا على الاتهامات الاميركية لاستخباراتها ب"تصدير العنف" الى افغانستان.
وصرحت وزيرة الخارجية الباكستانية هينا رباني خار ان بلادها يمكن ان تنهي تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة اذا واصلت الاخيرة اتهامها بدعم مجموعات ارهابية.
وقالت خار لمحطة تلفزيون خاصة "بعثنا بالرسالة التالية الى الولايات المتحدة: ستخسرون حليفا. لا يمكنكم فقدان دعم الشعب الباكستاني".
واضافت "اذا اختاروا ان يفعلوا ذلك فسيكون على حسابهم".
وادانت خار، التي تولت وزارة الخارجية الباكستانية قبل شهرين واجتذبت الانظار لحداثة سنها ومظهرها الجذاب، الاتهامات الاميركية وقالت انها "لا تتماشى مع روح الشراكة" بين البلدين.
وصرحت لتلفزيون جيو الباكستاني الخاص من نيويورك حيث تشارك في اعمال الجمعية العامة "من غير المقبول ما يصدر من تصريحات تعنف وتهين حليفا وشريكا على الملا".
واضافت "يجب ان يكون واضحا بالنسبة لمواطنينا ان بلادنا لا تعتمد لا عسكريا ولا اقتصاديا على الولايات المتحدة".
غير ان التهديد الباكستاني لم يثن الولايات المتحدة على تأكيد موقفها اذ قال جاي كارني المتحدث بلسان البيت الابيض الجمعة "نحن نعرف ان شبكة حقاني مسؤولة عن الهجوم على سفارتنا في كابول" في الثالث عشر من ايلول/سبتمبر، وعن هجمات اخرى.
واضاف المتحدث في مؤتمر صحافي "نعرف ان شبكة حقاني تزاول نشاطاتها انطلاقا من مخابئ لها في باكستان، وان الحكومة الباكستانية لم تتخذ اجراءات ضد تلك المخابئ، وهو الامر الذي يقلق منذ امد طويل الولايات المتحدة، وقد بحثناه مع باكستان سواء في السر او العلن".
وفيما يبدو مواصلة من واشنطن لتصعيد الضغوط على اسلام اباد قال كارني "من المهم جدا ان تقطع الحكومة الباكستانية كافة الصلات التي قد تربطها (بالشبكة الحقانية) وتتخذ اجراءات قوية وفورية ضد تلك الشبكة حتى لا تشكل بعد الان خطرا على الولايات المتحدة او على الباكستانيين انفسهم".
وجاء حديث خار بعد اتهام رئيس اركان الجيوش الاميركية الادميرال مايكل مولن الخميس الاستخبارات العسكرية الباكستانية بتصدير التطرف العنيف الى افغانستان عبر اياد تابعة لها محذرا من احتمال اقدام الولايات المتحدة على اجراءات من جانبها لحماية قواتها.
وفي ادانة لا سابق لها لباكستان، قال مولن ان اكبر جهاز للاستخبارات العسكرية الباكستانية (آي اس آي) يدعم فعليا شبكة حقاني المتهمة بالوقوف وراء الاعتداء على السفارة الاميركية في كابول في وقت سابق هذا الشهر.
واضاف مولن الذي كان يتحدث امام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ ان "شبكة حقاني تعمل كذراع حقيقية لوكالة الاستخبارات العسكرية" الباكستانية.
واتهم شبكة حقاني بالقيام، بدعم من الاستخبارات الباكستانية، بتفجير شاحنة هذا الشهر استهدف قاعدة حلف شمال الاطلسي في افغانستان ما اسفر عن اصابة 77 اميركيا، فضلا عن الهجوم الذي استمر 19 ساعة على السفارة الاميركية في كابول، والهجوم الذي استهدف فندق انتركونتننتال في العاصمة الافغانية في حزيران/يونيو.
ويأتي تحذير الاميرال مولن هذا بعد سلسلة من التحذيرات الجدية اطلقها مسؤولون اميركيون كبار بسبب عدم تحرك اسلام اباد في مواجهة شبكة حقاني، مع التلويح باتخاذ الولايات المتحدة عملا احاديا.
وقال مولن "اذا واصلوا قتل قواتنا فإننا لن نقف بلا حراك".
وقد نفذت الاستخبارات المركزية الاميركية غارات بطائرات بدون طيار استهدفت القاعدة وغيرها من المتشددين الاسلاميين في المناطق القبلية بشمال غربي باكستان، وهي الضربات التي لا تعترف بها الولايات المتحدة علنا.
وتكتسب التحذيرات الاميركية ثقلا خاصا بعد ان قامت الولايات المتحدة بتصفية اسامة بن لادن في عملية نفذتها قوات اميركية خاصة في العمق الباكستاني في بلدة ابوت اباد في الثاني من ايار/مايو حيث كان زعيم القاعدة متواريا قرب كبرى الاكاديميات العسكرية الباكستانية ما سبب حرجا للباكستانيين واثار غضبهم ايضا.
اذ ان الولايات المتحدة لم تطلع باكستان مسبقا بالعملية التي نفذتها القوات الخاصة ليلا حتى لا تتسرب المعلومات الى الدائرة المقربة من بن لادن.
كما اعرب وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا في حديث امام مجلس الشيوخ ايضا عن خيبة امله ازاء توفير باكستان ملاذات امنة للحقانيين في باكستان مؤكدا تعهد الولايات المتحدة حماية جنودها.
ولم يوضح بانيتا، الذي اشرف على الهجوم على بن لادن بينما كان يرأس الاستخبارات المركزية الاميركية، الخطوات التي تعتزم بلاده القيام بها -- مع تكهنات بقيام الولايات المتحدة بتوسيع ضرباتها باستخدام الطائرات بدون طيار بل وربما القيام بعمليات على غرار عملية اغتيال بن لادن.
وبينما تبدو باكستان والولايات المتحدة باتجاه تصادمي، وعدت اسلام اباد هذا الاسبوع بالتحرك تجاه الحقانيين اذا وفرت واشنطن ما وصفته بمعلومات كافية، نافية في الوقت نفسه وجود نشاط لهذا الفصيل الطالباني المتصل بالقاعدة على اراضيها.
وقال مولن، الذي مال في السابق لاستخدام لغة اكثر دبلوماسية ازاء باكستان، لاعضاء مجلس الشيوخ ان اسلام اباد تجازف بشراكتها مع واشنطن فضلا عن مجازفتها بنفوذها الاقليمي "بخيارها اللجوء الى التطرف العنيف كأداة سياسية".
وتابع "لقد قوضوا بتصديرهم للعنف امنهم الداخلي فضلا عن وضعهم في المنطقة".
وقال انه بينما ابقت باكستان على صلات ببعض المتشددين كوسيلة لتحييد نفوذ غريمتها الكبرى الهند، فإن تلك المقامرة اثبتت فشلها.
وبهدف نزع فتيل التوترات في جنوب آسيا قال بانيتا انه يتعين على كل من باكستان والهند العمل على التوصل الى تسوية سلمية لمنطقة كشمير المتنازع عليها.
وتابع "الامر صعب سياسيا، غير اننا لن نتمكن من الوصول الى الاستقرار في المنطقة ما لم تتم تسوية القضايا بين باكستان والهند".
وفي اخر ظهور لمولن امام لجنة مجلس الشيوخ قبل ان يترك رئاسة الاركان هذا الشهر، اكد الاميرال الاميركي استمرار جهوده لبناء حوار مع الجيش الباكستاني.
ورغم ان تلك الجهود لم تسفر دائما عن نتائج ايجابية، قال مولن انه اسهم في الابقاء على خطوط الاتصال مفتوحة من خلال اكثر من 24 لقاء جمعه بنظيره رئيس الاركان الباكستاني اشفق كياني.
وكانت الولايات المتحدة قد اعلنت عقب اغتيال بن لادن في باكستان عن خفض تواجدها العسكري في البلاد بمقدار النصف من 300 جندي الى ما لا يزيد عن 150، بينما انهت تقريبا تدريب القوات الخاصة لوحدات باكستانية، حسبما صرح مسؤولون هذا الاسبوع.