تدور اشتباكات بين مقاتلي المجلس الوطني الليبي الانتقالي وقوات موالية للعقيد الفار معمر القذافي في بني وليد اليوم الجمعة، من دون اي معارك كبرى حتى الآن، فيما قال متحدث باسم المجلس ان الحكومة الانتقالية ستعلن في غضون ايام.
ومن موقع يبعد عدة كيلومترات عن وسط بني وليد (170 كلم جنوب شرق طرابلس) تسمع منذ الساعة الحادية عشرة تقريبا (09,00 ت غ) اصوات رصاص ودوي انفجارات وترتفع اعمدة الدخان من المدينة، بحسب ما افاد المراسل المتواجد في المكان.
وفي موازاة الاشتباكات داخل بني وليد يقوم مقاتلون بين الحين والآخر بقصف بني وليد من مواقع خارجها بصواريخ موجهة، فيما ترد عليهم القوات الموالية للقذافي بقصف عشوائي بصواريخ غراد.
ويواجه الثوار صعوبات في السيطرة على بني وليد منذ ان دخولها قبل ايام، وهي صعوبات تتمثل في المقاومة العنيفة التي يلقونها من قبل قوات القذافي.
واوضح احد هؤلاء الثوار عادل بنوير عضو اللجنة الاعلامية لثوار 17 فبراير ان "غياب التنظيم وليس قوة الداخل هو ما يمنعنا من السيطرة على بني وليد".
واضاف ان "مشكلتنا هي ان كتائب الثوار تدخل بني وليد ثم تخرج من دون تنسيق"، موضحا ان "ستين او سبعين بالمئة من القوات اتفقت على قيادة موحدة".
واكد عدد من الثوار لوكالة فرانس برس ان المتمردين سيختارون اليوم الجمعة قيادة موحدة لهم ليتمكنوا من شن هجوم "حاسم" على بني وليد التي يواجهون صعوبة في السيطرة عليها.
وقال هؤلاء الثوار انه "من المتوقع ان يعقد الجمعة اجتماع لكبار القادة الميدانيين لتشكيل قيادة موحدة قبل شن هجوم حاسم على المدينة".
وكان الثوار اعادوا الخميس تمركزهم في مواقع لهم خارج بني وليد كانت تعرضت للقصف بصواريخ غراد الاربعاء.
من جهته، اكتفى القائد الميداني ضو صالحين بالتاكيد لفرانس برس ان "هناك خطرا" في الموقع الذي يتمركز فيه مقاتلون وصحافيون على بعد كيلومترات قليلة من بني وليد.
واصيب اثنان على الاقل من مقاتلي المجلس الانتقالي بجروح اليوم، بحسب ما افاد شهود عيان.
ورغم اعلان مسؤولين في المجلس الانتقالي قبل يومين ان "معركة حاسمة" للسيطرة على بني وليد قد تنطلق خلال ساعات، فان اعداد المقاتلين والآليات على الارض لا تزال لا توحي بذلك.
وابلغ قادة ميدانيون فرانس برس في وقت سابق انهم اطلقوا حملة "اعداد وتنظيم" من اجل خوض "معركة حقيقة" في بني وليد، على ان يقوموا قبل اي هجوم كبير جديد بدراسة "طبيعة الارض" التي يقاتلون فيها.
وقال محمود جبريل رئيس المكتب التفيذي للمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا في مقابلة صحافية نشرت الجمعة، ان الكثير من الاطراف السياسية في ليبيا بدات التنافس على السلطة قبل الاوان وقبل استكمال تحرير الاراضي الليبية مشبها ذلك بالصراع على تقاسم "كعكعة قبل ان تدخل الفرن".
واوضح جبريل في حديثه لصحيفة الحياة التي تصدر في لندن اجري معه في نيويورك حيث يشارك في اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة، "كنت اتمنى ان يؤجل الصراع السياسي والمنافسة حتى انتهاء معركة التحرير والقاء القبض على القذافي وتحرير كامل التراب الليبي، وحتى يوضع الدستور لتحدد قواعد اللعبة السياسية فيتحول هذا الصراع الى صراع حضاري بمعنى الكلمة تحكمه قواعد دستورية محددة".
وتابع جبريل "بيد ان هذا ما لم يحدث للاسف. دخل كثيرون الى الحلبة ظنا منهم ان المعركة انتهت وانه آن الاوان لتقسيم الكعكة السياسية. وجهة نظري ان الكعكة السياسية لم تخبز بعد ولم تدخل الفرن، فالقذافي ما زال حرا طليقا يملك المال ويملك الذهب، وما زال يسيطر على بعض الاراضي الليبية العزيزة، وبالتالي ليست هناك كعكة للاقتسام بعد".
وهو يشير بذلك خصوصا الى سرت وبني وليد (شمال) اللتين لا تزالان بيد انصار القذافي اضافة الى بعض الجيوب في الجنوب يجري التفاوض مع انصاره فيها لتسليم اسلحتهم.
وشدد جبريل على ان الشباب هم عماد الثورة في ليبيا كما هو الحال في تونس ومصر.
الى ذلك، قال متحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي الليبي يوم الجمعة ان الحكومة الانتقالية في ليبيا ستعلن في غضون الايام القليلة المقبلة وستشمل 22 حقيبة وزارية.
وقال المتحدث عبد الحفيظ غوقة "صغرنا الحكومة باعتبار أن ما قدم كان يزيد على 36 حقيبة واربعة نواب لرئيس الحكومة المؤقتة وهذا امر غير مقبول بالنسبة للمجلس الوطني الانتقالي. يجب أن تكون حكومة مصغرة. حكومة أزمة. حكومة مؤقتة. يجب أن تكون اقل في العدد والتخصصات."
وأضاف "اتفقنا بالنسبة للعدد وبالنسبة لاهم الحقائب اتفقنا عندها سيكون (هناك) 22 حقيبة ونائب واحد لرئيس الحكومة."
ولم تثمر نقاشات سابقة في ليبيا لتشكيل حكومة انتقالية تكون أشمل. ولم يتضح بعد ما اذا كان المجلس الذي مازال مقره في مدينة بنغازي الشرقية قادرا على توحيد البلاد.
ومازالت قوات المجلس تقاتل للسيطرة على بلدتين خاضعتين لسيطرة الموالين للزعيم المخلوع معمر القذافي الذي سقط نظامه بعد الاستيلاء على طرابلس الشهر الماضي.
وأثارت المناقشات المطولة عن تشكيل حكومة جديدة تساؤلات بشأن قدرة المجلس على السيطرة على البلاد.
وقال رئيس الوزراء المؤقت محمود جبريل هذا الاسبوع ان الحكومة الجديدة ستعلن خلال عشرة ايام.
وقال غوقة ان رئيس الوزراء في الحكومة الجديدة لن يشغل حقيبة الشؤون الخارجية وأضاف "لا نريد الجمع بين المنصبين فرئيس الحكومة شيء ووزارة الخارجية شيء اخر... تم طرح اسم وتم التوافق عليه. ستعلن التشكيلة وستتضمن رئيسا للحكومة ووزيرا للخارجية. بعض الاعضاء سيستمرون مثل الاقتصاد او التعليم اما باقي الحقائب الرئيسية والسيادية جميعها ستتغير."
ويشغل عبد الله شامية منصب وزير الاقتصاد ويشغل سليمان السهلي منصب وزير التعليم.
وقال غوقة "ما زلنا في مرحلة التحرير. لاتزال الحرب دائرة. يجب ان يكون التركيز على أهم الملفات كالدفاع والامن والصحة."
وعلى الرغم من السيطرة شبه الكاملة على مجموعة من البلدات الصحراوية في عمق الجنوب الليبي فان قوات المجلس لم تنجح حتى الان في السيطرة على معقلين اكبر للموالين للقذافي الى الشمال هما بني وليد وسرت مسقط رأس القذافي.
ونفى غوقة تقارير أشارت الى انقسامات بين مسؤولي المجلس تعرقل الاتفاق على الحكومة الجديدة وقال "لا وجود لخلافات لكن في الرؤيا... لم يكن هناك خلافات الا حول اهمية الحقائب والاقتصار على أقل عدد من الحقائب حين تنتهي الازمة وتضع الحرب أوزارها."
كان المجلس قد أعلن الاسبوع الماضي أنه لن ينتقل الى طرابلس الا بعد أن تسيطر قواته على الاراضي الليبية بالكامل وهو ما يتناقض مع تعهده في وقت سابق بنقل الادارة المؤقتة الى العاصمة نحو منتصف سبتمبر ايلول.
وقال غوقة "اعلان التحرير بعد أن تتحرر سرت وبني وليد. اذا ما تحررت سرت وتمت السيطرة بالكامل... اذا تمت السيطرة على سرت وبني وليد واذا ما سيطرنا ايضا على جميع المنافذ الحدودية" وعبر عن اعتقاده بأن هذا سيحدث خلال بضعة ايام.