دخل لبنان في حالة من الشلل الثلاثاء مع قطع انصار المعارضة الطرق في مختلف المناطق بالاطارات المشتعلة والحطام في اطار اضراب عام تخللته اشتباكات مسلحة مع مؤيدي الحكومة، فيما وصفت الغالبية النيابية هذا التصعيد من قبل المعارضة بانه محاولة "انقلاب".
ويأتي تحرك المعارضة التي يقودها حزب الله الشيعي في ضوء استمرار الاعتصام المفتوح الذي تنفذه في وسط بيروت منذ كانون الاول/ديسمبر. كما يجيء قبل انعقاد مؤتمر "باريس 3" في 25 كانون الثاني/يناير والهادف الى مساعدة الحكومة اللبنانية في تقليص الدين العام.وقام مناصرو المعارضة منذ فجر الثلاثاء، باغلاق العديد من الطرق الرئيسية والفرعية في مختلف المناطق تلبية لدعوة المعارضة الى الاضراب العام.
واحرق المتظاهرون اطارات والقوا ترابا وحجارة في وسط الطرق في مناطق بيروت والاشرفية والحمراء وطريق المطار والمتن وحالات وجبيل والشمال والبقاع والجنوب. وعمد بعض المتظاهرين الى اغلاق الطرق باجسادهم عبر الاستلقاء في وسط الطريق كما في منطقة عمشيت (شمال بيروت).
وفي منطقة نهر الكلب (شمال بيروت) عمد مؤيدون لميشال عون الى اغلاق الاوتوستراد الساحلي في الاتجاهين على مرأى من عناصر الجيش اللبناني الذين لم يتدخلوا لفتح الطريق وحرصوا على عدم حصول اي احتكاك.
وفي الاشرفية (شرق بيروت) فتحت بعض المتاجر والمطاعم والمدارس ابوابها لكن حركة خفيفة سجلت في ظل اغلاق الطرق المؤدية اليها. ونفذ الجيش اللبناني انتشارا كثيفا لعناصره والياته فيما عززت قوى الامن الداخلي وجودها في مختلف المناطق.
وقالت مصادر في مطار بيروت الدولي ان عددا من شركات الطيران العربية والاجنبية ستعلق رحلاتها الى بيروت الثلاثاء بسبب الاضراب. وظل المطار مفتوحا رغم الاضراب لكن عددا قليلا من العاملين فيه حضر للعمل كما لم يتمكن الركاب من الوصول اليه او مغادرته. ولم تعلن شركة طيران الشرق الاوسط وهي شركة الخطوط الجوية اللبنانية ما اذا كانت ستعلق رحلاتها ام لا؟.
ونفذ الجيش انتشارا كثيفا لعناصره والياته فيما عززت قوى الامن الداخلي وجودها في مختلف المناطق.
اشتباكات وجرحى
وفي سياق متصل،
افادت قوى الامن الداخلي ان 15 لبنانيا على الاقل اصيبوا بجروح جراء اطلاق نار، فيما جرح اخرون كثيرون بسبب التراشق بالحجارة خلال مواجهات بين مناصري المعارضة والحكومة في مختلف المناطق.
واضاف المصدر ان الجرحى اصيبوا برصاص اطلقه مجهولون في مناطق عدة من دون ان يحدد اذا كانون ينتمون الى المعارضة او الموالاة.
وكانت الشرطة والتيار الوطني الحر بزعامة النائب ميشال عون اشارا في وقت سابق الى جرح ستة اشخاص باطلاق نار خلال عمليات اقفال الطرق.
كما اصيب اخرون بجروح خلال التراشق بالحجارة بين الجانبين، وراوح عددهم بين عشرة و15 شخصا.
اتهامات متبادلةوفي هذه الاثناء، وصفت الاكثرية النيابية الموالية للحكومة هذا التحرك بانه محاولة "انقلاب".
وقال رئيس حزب القوات اللبنانية المسيحي سمير جعجع، وهو احد قادة الاكثرية المنضوية في اطار ما يعرف بقوى 14 اذار، ان تحرك المعارضة "لا علاقة له بالديموقراطية وقد تحول الى ثورة فعلية وانقلاب".
واضاف ان "المؤسف ان القوى الامنية تحمي من يقطع الطرق وتمنع الناس من التوجه الى اعمالهم" في اشارة الى انصار المعارضة التي يقودها حزب الله الشيعي.
وقال جعجع ان "وسائل ارهابية بكل معنى الكلمة" يتم استخدامها، متسائلا "هل المسؤولون الامنيون يدركون ما يحصل ام هم متواطئون؟". وتابع ان "الوضع مؤسف وكل شيء ممكن وارد حين لا تقوم السلطة بدورها وحين يحصل تقاعس او تواطؤ من الاجهزة الامنية".
وكان النائب السابق فارس سعيد الذي ينتمي الى قوى 14 اذار اعتبر ان ما يجري "انقلاب واضح وصريح وليس اعتصاما".
واكد النائب اكرم شهيب من كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ان "قطع الطرق يدل على نوع من الخطة المبرمجة لتعطيل الحياة، ولا تستطيع القوى الامنية ان تكون على الحياد".
ومن جانبه، وصف الزعيم المسيحي المعارض ميشال عون الحكومة اللبنانية بانها "مجرمة"، قائلا ان "انصارها يرتكبون جرائم" بحق المعارضين ودعا عون في تصريح عبر قناة "المنار" الناطقة باسم حزب الله الى توقيف جميع من اطلقوا النار على ناشطي المعارضة.
من جهته، جدد النائب عن حزب الله حسين الحاج حسن مطالبته بحكومة وحدة وطنية وانتخابات نيابية مبكرة وقال ان "صم الاذان عن هذين الخيارين يعني خيارا ثالثا يتمثل في توالي التصعيد". واضاف "اذا لم يجر التوافق فان مسؤولية مصير البلد في رقبة الرئيس (فؤاد) السنيورة". ودعا افرقاء الاكثرية الى "قطع الريموت كونترول (جهاز التحكم عن بعد) الموجود في عوكر" (مقر السفارة الاميركية في لبنان) والتوقف عن ان يكونوا "ادوات" في يد الولايات المتحدة وفرنسا.
وكان قادة المعارضة وفي مقدمتهم الامين العام لحزب الله حسن نصر الله حثوا اللبنانيين على المشاركة في الاضراب والاستعداد لمزيد من الخطوات قد تعلن عنها المعارضة لدعم مطالبها.
وهون رئيس الوزراء فؤاد السنيورة من تحدي المعارضة لحكومته ودعا المواطنين الى تجاهل الدعوة للاضراب الذي اعتبر ان احد اهدافه "تخريب" جهود الحكومة لانجاح مؤتمر المانحين "باريس 3".