انتهت ليل الجمعة السبت 3 ايام فرنسية عصيبة خلفت عشرون قتيلا وعدد من الجرحى، وزادت حدة التوتر والعنف في المجتمع الفرنسي، وقد اقر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس بـ"اخفاقات" في منع الهجمات الارهابية عقب انتقادات شديدة واجهتها الحكومة والاجهزة المختصة. ونشر احد زعماء تنظيم القاعدة في اليمن تسجيلا صوتيا اشاد بالعملية.
وفيما تمكنت قوات الأمن الفرنسية المكلفة محاربة الارهاب من قتل الأخوين "كواشي" المشتبه بهما في الهجوم على مقر صحيفة "شارلي إبيدو" الجمعة حين اقتحمت مطبعة احتجزا بها رهينة، قتل اربعة اشخاص في عملية تحرير رهائن متجر أغذية "الكوشير" اليهودي في باب فنسان شرق باريس.
جاءت النهاية العنيفة للحادثين المتزامنين بعد عملية أمنية على نطاق لم يسبق له مثيل فيما تواجه فرنسا أحد أسوأ التهديدات لأمنها الداخلي منذ عقود.
وبعد أن قال احمدي كوليبالي محتجز رهائن متجر "الكوشير" بأنه من "تنظيم الدولة الاسلامية"، داعش، وبعد ان تبين ان الاشخاص المتورطين في الهجمات كانوا معروفين لدى الامن الفرنسي، وبعد انتقادات عنيفة للحكومة والاجهزة الامنية.
أقر رئيس الوزراء الفرنسي امانويل فالسب الاخفاق في منع الهجمات، وقال لشبكة "بي.أف.أم:" بالطبع كان هناك اخفاقات"، مضيفا :" لذلك يجب ان نقوم بتحليل وفحص كل ما حدث"،وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
اما الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند فقد حذر أن الخطر الذي تواجهه فرنسا التي توجد بها أكبر جالية للمسلمين وأكبر جالية لليهود في الاتحاد الأوروبي لم ينته بعد.
وقال أولوند في كلمة بثها التلفزيون "هؤلاء المختلون والمتعصبون لا علاقة لهم بالدين الإسلامي."
وأضاف "لم تنته التهديدات التي تواجهها فرنسا بعد."
وبعد الخسائر الكبيرة في الأرواح على مدى ثلاثة أيام متتالية تحاول السلطات الفرنسية تفادي الصعود في المشاعر الانتقامية المناهضة للمهاجرين.
وندد أولوند بقتل الرهائن الأربعة في متجر للأطعمة اليهودية في باريس وقال "حقا ارتكب عمل مروع معاد للسامية".
وقال مسؤولون إن الاخوين شريف وسعيد كواشي قتلا عندما اقتحمت قوات مكافحة الإرهاب مطبعة في بلدة دامارتان جويل شمال شرقي باريس حيث احتجز المشتبه بهما الرئيسيان في هجوم الأربعاء رهينة. وقال مسؤول إن الرهينة بخير.
وسمع دوي إطلاق نار من أسلحة آلية اعقبته انفجارات ثم هدوء بينما شوهد الدخان يتصاعد من سطح المطبعة. ووسط ضباب كثيف هبطت طائرة هليكوبتر على سطح المبنى في إشارة إلى انتهاء الهجوم. وقال مصدر حكومي إن الأخوين خرجا من المبنى وفتحا النار على الشرطة قبل قتلهما.
وقبل قتله قال أحد الاخوين لمحطة تلفزيونية إنه تلقى تمويلا من القيادي بتنظيم القاعدة في اليمن انور العولقي.
وقال في اتصال مع قناة بي.إم.إف التلفزيونية بثته بعد انتهاء الحصار "لقد أرسلني أنا شريف كواشي تنظيم القاعدة في اليمن. ذهبت الى هناك وأنور العولقي هو الذي قدم لي التمويل".
وكان العولقي من الشخصيات الرئيسية التي جندت عناصر للقاعدة وقتل في ايلول/ سبتمبر 2011 في هجوم بطائرة بدون طيار.
وبعد دقائق من اقتحام المطبعة أنهت الشرطة حصار متجر للأطعمة اليهودية في شرق باريس. وقتل أربعة رهائن إضافة الى المسلح الذي كان يحتجزهم.
وأجرى محتجز الرهائن احمدي كوليبالي هو الآخر اتصالا مع قناة بي.اف.ام قبل مقتله ليبايع تنظيم الدولة الإسلامية وقال إنه أراد الدفاع عن الفلسطينيين واستهداف اليهود.
وقال كوليبالي إنه خطط للهجمات بالاشتراك مع الاخوين كواشي وأكدت الشرطة أن الثلاثة ينتمون لنفس الخلية في شمال باريس.
وكانت الشرطة تبحث بالفعل عن كوليبالي (32 عاما) الى جانب امرأة تدعى حياة بومدين (26 عاما) بعد مقتل شرطية يوم الخميس. ولاتزال بومدين هاربة.
وفي المجمل قتل 20 شخصا ومحتجزو الرهائن الثلاثة منذ يوم الأربعاء.
وتعتزم فرنسا تنظيم تجمع حاشد للتعبير عن الوحدة والاحتجاج على العنف يوم الأحد. وينوي كل من المستشارة الألمانية انجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ورئيس وزراء ايطاليا ماتيو رينتسي ورئيس وزراء اسبانيا ماريانو راخوي ورئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر الحضور.
كما عبر الرئيس الأميركي باراك أوباما عن دعم الولايات المتحدة وقال "أريد أن يعرف الشعب الفرنسي أن الولايات المتحدة تقف معك اليوم وتقف معك غدا."
وأظهرت لقطات تلفزيونية لمتجر الأطعمة اليهودية في حي فنسان عشرات من ضباط الشرطة المدججين بالسلاح خارج مدخلي المتجر. وبدأ الهجوم بإطلاق النار وانفجار على الباب ثم بدأ خروج الرهائن.
وأظهرت صور لرويترز التقطت من مكان بعيد رجلا مذعورا يحمل طفلا بينما نقلتهما الشرطة لسيارة اسعاف. ونقل أخرون على محفات.
وحشدت السلطات الفرنسية قوة قوامها حوالي 90 ألف فرد منذ هجوم الأربعاء على شارلي إبدو وهي صحيفة كثيرا ما تتهكم على الإسلام والديانات الأخرى.
وقالت مصادر أمنية إن الأخوين المولودين في فرنسا من أصل جزائري كانا يخضعان للمراقبة ووضعا في قوائم أمريكية وأوروبية لحظر السفر جوا.
وأثار العنف تساؤلات عن حفظ الأمن ومراقبة المتطرفين والسياسات اليمينية المتطرفة والدين والرقابة في فرنسا التي مازالت تواجه صعوبات لاستيعاب الجالية المسلمة التي يبلغ قوامها خمسة ملايين نسمة.
وقال شاهد إن أحد المسلحين سمع اثناء هجوم الأربعاء وهو يقول "قتلنا شارلي إبيدو .. انتقمنا للنبي."
"قاعدة اليمن" تتبنى الهجوم على "شارلي ابيدو"
أكدت مصادر فرنسية أن تنظيم القاعدة في اليمن هو المسؤول عن الهجوم الذي استهدف صحيفة "شارلي ايبدو".
وقال الشيخ حارث النظاري، أحد زعماء التنظيم في الجزيرة العربية، في تسجيل صوتي نشره على صفحته بموقع التواصل الإجتماعي "تويتر" وتداوله عدد من الناشطين في "فيس بوك" و "تويتر": إن الهجوم جاء رداً على الإساءات المتكررة على "النبي صلى الله عليه وسلم" التي دأبت الصحيفة الفرنسية على نشر رسومات ساخرة تستهزئ فيها من النبي.
وأشاد النظاري بالعملية، ومجّد منفذيها، وهو ما اعتبرته مصادر استخباراتية، بأنه مؤشر على مسؤولية التنظيم عن العملية>
وقال النظاري أيضا في التسجيل الذي بث على موقع يوتيوب إن المهاجمين كانوا مجموعة من "جند الله المؤمنين" الذين لقنوا الفرنسيين "الأدب وحدود حرية التعبير".