شنت مجموعة من الصحف الغربية، وبخاصة الأمريكية منها، بالإضافة إلى عدد من الكتّاب، والمواقع الإليكترونية هجوما استهدف منظمة التعاون الإسلامي، بسبب إنجازها الأخير في صياغة قرار 16/18 الذي يقضي بمكافحة بث الكراهية، والتمييز، والحث على العنف على أساس ديني، فضلا عن نجاحها في تمرير القرار في مجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف في مارس الماضي، وفي الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة في يوليو الماضي, وهو ما أثار موجة من الغضب من قبل اليمين الأمريكي، الذي يرفض أية محاولة لرأب الصدع بين الثقافتين الإسلامية والغربية، خاصة مع تنظيم وزارة الخارجية الأمريكية لاجتماع ثان عقد في واشنطن لبحث تطبيق قرار 16/18، بعد عقد الاجتماع الأول في اسطنبول – يوليو الماضي – برئاسة مشتركة لأكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، والذي كان قد أعطى دفعة سياسية للقرار.
وما أن شاركت كلينتون في اجتماع واشنطن الذي عقد في 12ـ14ديسمبر 2011، حتى سن الكثيرون أقلامهم ضد باكورة التعاون بين المنظمة والإدارة الأمريكية الذي من شأنه أن يفضي في نهاية المطاف إلى وضع حد للحملة الإعلامية العدائية ضد المسلمين في الغرب، والرموز الإسلامية بشكل عام.
فمن المقالة التي نشرتها مجلة وول ستريت تحت عنوان (وزارة الخارجية ضد حرية التعبير) في الخامس من ديسمبر 2011، إلى المقالة التي نشرتها مجلة فوربس (هل ستصبح مجرما؟ الولايات المتحدة تدعم إجراءات الأمم المتحدة ضد حرية التعبير) والذي نشر أواخر ديسمبر الفائت، وغيرها من المواقع الإليكترونية، نجد أن هجوما محموما تحت غطاء الدفاع عن حرية التعبير قد اشتد وطيسه مع بوادر العمل لتفعيل قرار 16/18 الذي يتصدى لبث الكراهية على أساس التمييز الديني، وهو ما تعاني منه بالفعل الأقليات المسلمة تحت دعاوى حرية التعبير التي تشكل منفذا لعزل هذه المجتمعات، وتصويرها بأنها بؤر عدائية في أوساط مجتمعات منفتحة ومتحضرة.
وبمعزل عن ازدواجية المعايير التي تحول دون التطرق إلى الانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل، وإحجام الإعلام الأمريكي بكل أشكاله عن الإشارة إلى تلك الجرائم اليومية، ووقوع وسائل إعلام ضحية لما يعرف بالقانون العرفي، (معاداة السامية) لكل من تسوّل له نفسه الحديث عن تجاوزات الدولة العبرية، فإن حرية التعبير تصبح بالنسبة لهؤلاء حصان طروادة الذي يؤسس لثقافة الكراهية، والتي تفرز في نهاية المطاف ظاهرة أصبحت واقعا، وهو ما يعرف بالإسلاموفوبيا، والتي راح ضحيتها كثيرون كانت مروة الشربيني التي قتلها متطرف في محكمة في ألمانيا، المغدورة التي عكست بشكل رمزي حجم الكراهية المتراكمة والتي ولدت ملابسات جريمة كاملة ضد المرأة المسلمة المحجبة في أوروبا