رسم المبعوث الدولي الى سوريا الاخضر الابراهيمي الاثنين امام مجلس الامن صورة قاتمة للوضع في سوريا عشية افتتاح اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة، واعتبر ان الاصلاحات في هذا البلد لم تعد كافية "وما يجب القيام به هو التغيير".
وبعد ان قدم احاطة حول الاتصالات التي قام بها بشأن الوضع في سوريا امام اعضاء مجلس الامن ال15 ادلى بتصريح صحافي قال فيه "ارفض التصديق ان اناسا عقلاء لا يدركون انه لا يمكن العودة الى الوراء، لا يمكن العودة الى سوريا الماضي"، في اشارة الى النظام السوري الذي يواصل قمع الحركة الاحتجاجية المناهضة له منذ اذار/مارس 2011.
واكد الابراهيمي ان "القيام باصلاحات غير كاف، ما يجب القيام به هو التغيير" من دون تقديم ايضاحات اضافية.
واستبعد الموفد الدولي الى سوريا احراز "تقدم اليوم او غدا" لتسوية النزاع في سوريا التي اعتبر ان الوضع فيها "بالغ الخطورة ويتدهور يوما بعد يوم"، مضيفا ان "لا وجود لخطة كاملة" لتسوية النزاع حتى الان.
واوضح الابراهيمي انه "سيعود الى المنطقة" بعد ان يجري اتصالات خلال اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة التي تبدأ الثلاثاء، وقال "آمل في العودة لاحقا للقاء مجلس الامن ولاعرض له بعض الافكار حول كيفية التحرك مستقبلا".
ورغم اشارته الى "المازق" الذي تمر به سوريا، اعرب عن امله في "احداث اختراق في مستقبل غير بعيد".
وفي الكلمة التي القاها امام مجلس الامن اكد الابراهيمي ان ليس لديه حاليا "خطة عمل جديدة" لتسوية الازمة السورية، واشار الى المقترحات التي قدمها سلفه كوفي انان مشيرا الى ان خطة هذا الاخير تبقى "افضل سبيل" لحل الازمة، حسب ما نقل دبلوماسي عنه.
وقال الدبلوماسي الجزائري ايضا ان نظام الاسد يقدر بخمسة الاف عدد الاجانب الذين يقاتلون الى جانب المعارضة في سوريا وان دمشق تزداد قناعة بان الحرب الدائرة في البلاد هي "مؤامرة من الخارج"، بحسب ما قال لفرانس برس سفراء حضروا الاجتماع.
وصرح وزير الخارجية الالماني غيدو فيسترفيلي للصحافيين ان خطة انان تبقى صالحة "في مضمونها". وقال "لدينا خطة. انها خطة (انان) من ست نقاط تبناها مجلس الامن" مضيفا ان المانيا "تدعم عمل الابراهيمي".
واضاف ان المانيا "ستستمر في السعي للحصول على موقف موحد في مجلس الامن وتحريك عملية سياسية" في سوريا. وحاليا تعرقل روسيا والصين الجهود في مجلس الامن بعد ان استخدمتا الفيتو للحؤول دون تبني ثلاثة قرارات غربية للضغط على نظام دمشق.
واكد الابراهيمي ان تعذيب السجناء اصبح "امرا معهودا" وان السوريين باتوا يخشون التوجه الى المستشفيات التي يسيطر عليها النظام.
واوضح ان 1,5 مليون شخص فروا من منازلهم وان البلاد تواجه نقصا حادا في المواد الغذائية لان المحاصيل اتلفت بسبب المعارك بين قوات الجيش والمعارضة المسلحة.
وفي حين ان المعارك لا تزال محتدمة في سوريا، لا يعتقد دبلوماسيون ان فرص نجاح الابراهيمي في مهمته افضل من سلفه كوفي انان.
ولم ينجح انان في فرض تطبيق وقف لاطلاق النار قبل به نظريا الطرفان على ان يرفق بحوار سياسي.
ولدى استقباله الابراهيمي في دمشق في منتصف ايلول/سبتمبر اكد الاسد انه لا يزال يعتبر المعارضين السوريين بانهم "ارهابيون". ودعا الى الضغط على الدول الغربية والعربية التي تمول المعارضة وتسلحها. واعتبر المعارضون المسلحون ان مهمة الابراهيمي مصيرها الفشل.
ويتوقع ان يشارك اكثر من 120 من رؤساء الدول والحكومات والوزراء في نيويورك في الدورة ال67 للجمعية العامة للامم المتحدة.
ورغم عجز مجلس الامن عن التحرك بشأن الملف السوري بسبب معارضة بكين وموسكو لفرض عقوبات على دمشق، يتوقع ان يتم التطرق مطولا في نيويورك الى النزاع الذي اوقع 29 الف قتيل خلال 18 شهرا بحسب حصيلة للمرصد السوري لحقوق الانسان.
المعارضة الداخلية
الى ذلك، دعا ممثلون عن نحو عشرين حزبا وهيئة سورية من معارضة الداخل خلال مؤتمر عقد في دمشق الاحد وحضره خصوصا سفيرا روسيا وايران الى "وقف العنف فورا" من قبل طرفي النزاع وذلك "تحت رقابة عربية ودولية مناسبة"، بحسب بيان نشر الاثنين.
وجاء في البيان الختامي "للمؤتمر الوطني لانقاذ سوريا" الذي ضم 20 حزبا وهيئة معارضة لنظام الرئيس بشار الاسد ان "المؤتمر يدعو الى وقف العنف فورا من قبل قوى النظام والتزام المعارضة المسلحة بذلك فورا وذلك تحت رقابة عربية ودولية مناسبة"، من دون ان يحدد طبيعة هذه المراقبة.
واضاف البيان الختامي لمعارضة الداخل وابرز احزابها "هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي" ان "استراتيجية الحل الأمني العسكري التي انتهجها النظام للرد على ثورة الشعب المطالب بالحرية والكرامة والديموقراطية تسببت في تعميم العنف وخلقت بيئة ملائمة للعديد من الأجندات الخاصة".
ودعا المؤتمر المبعوث الدولي الخاص الى سوريا الاخضر الابراهيمي الى "الدعوة الى عقد مؤتمر دولي حول سوريا تشارك فيه جميع الاطراف المعنية تكون مهمته البحث في أفضل السبل السياسية للبدء بمرحلة انتقالية تضمن الانتقال الى نظام ديموقراطي تعددي".
كما دعا المؤتمرون "جميع أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج" المؤمنة ب"وحدة سوريا وسلامة أرضها وشعبها للعمل المشترك في سبيل ذلك، إذ أن التغيير المنشود لا يمكن أن يتم إلا بارادة السوريين أنفسهم وبأيديهم".
وطالب المؤتمر ايضا نظام الاسد "بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السوريين ومن بينهم الدكتور عبد العزيز الخير والأستاذ إياس عياش والأستاذ ماهر الطحان أعضاء المؤتمر" الذين خطفوا قبل ايام في دمشق في طريق عودتهم من مؤتمر في الخارج.
وكانت هذه الاحزاب والتيارات عقدت مؤتمرا مماثلا في ايلول/سبتمبر 2011 قرب دمشق، تلاه مؤتمر آخر في القاهرة في مطلع تموز/يوليو 2012.
وكان مؤتمر القاهرة اكد ان "الحل السياسي في سوريا يبدأ بإسقاط النظام ممثلا في بشار الاسد ورموز السلطة وضمان محاسبة المتورطين منهم في قتل السوريين".
كما اقر مؤتمر القاهرة "وثيقة توافقية تحدد الرؤية السياسية المشتركة للمعارضة السورية إزاء تحديات المرحلة الانتقالية ووثيقة العهد الوطني التي تضع الاسس الدستورية لسوريا المستقبل وهي العدالة والديموقراطية والتعددية".
وجدد المؤتمرون في دمشق الاحد التأكيد على هذه الوثائق، ولكن بيانهم الختامي خلا من اي دعوة صريحة للرئيس الاسد بالتنحي.
وكانت محاولة للتقريب بين هيئة التنسيق والمجلس الوطني السوري، الذي يضم ابرز تيارات المعارضة السورية في الخارج، باءت بالفشل.
واسفر النزاع في سوريا عن مقتل اكثر من 29 الف قتيل منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية السلمية ضد الرئيس بشار الاسد في آذار/مارس 2011 والتي تحولت شيئا فشيئا الى نزاع مسلح.
وفي لبنان اعلن مسؤول في الاجهزة الامنية ان السلطات اللبنانية اعتقلت خمسة سوريين في جنوب شرق البلاد، مما اثار غضب انصار مجموعة اسلامية تدعم التمرد السوري.
تواصل العنف
وميدانيا، تواصل الاثنين مسلسل العنف الدموي في سوريا حيث اسفرت اعمال العنف عن سقوط ثلاثين قتيلا بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان من بين القتلى خمسة اشخاص منهم ثلاثة اطفال من عائلة واحدة قتلوا في غارة جوية شنها الجيش السوري على حي في مدينة حلب حيث تدور منذ اكثر من شهرين معركة ضارية بين قوات النظام ومسلحي المعارضة.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "ارتفع الى خمسة عدد الشهداء الذين سقطوا اثر القصف الذي تعرض له حي المعادي، احد احياء حلب القديمة ومن الشهداء ثلاثة اطفال من عائلة واحدة"، مضيفا "لا يزال هناك بعض الاشخاص تحت الانقاض".
وبحسب المرصد فقد "تعرضت عدة احياء في مدينة حلب للقصف من قبل القوات النظامية السورية صباحا حيث استهدف القصف مبنين في حي المعادي" وفي ريف حلب "تعرضت بلدة حيان للقصف من الطيران ولم ترد ترد انباء عن وقوع خسائر".
واظهر فيديو بث على موقع يوتيوب انقاض مبنى انهار بالكامل في حلب، فيما قال ناشطون ان "عائلات بكاملها كانت تقيم فيه".
ويتعذر على وكالة فرانس برس التحقق من صحة الوقائع او شريط الفيديو من مصدر مستقل بسبب القيود المشددة التي تفرضها السلطات على وسائل الاعلام الاجنبية.
وفي مدينة حلب ايضا افاد المرصد ان "اشتباكات عنيفة تدور بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب الثائرة في حي الصاخور بعد تقدم القوات النظامية نحو حي سليمان الحلبي وتترافق الاشتباكات مع قصف عنيف من قبل القوات النظامية على الحي مما ادى لسقوط جرحى وتهدم في المنازل".
وبحسب المرصد شمل قصف قوات النظام السوري لقرى وبلدات يسيطر عليها المعارضون المسلحون الاثنين بلدات في محافظات حمص (وسط) حيث قصفت بلدات السعن وتيرمعلة والقصير ما اسفر عن مقتل امرأة وريف دير الزور (شرق) حيث سقط جرحى في قصف على قرى الحسينية والبغيلية.
وشمل القصف ايضا حماة (وسط) حيث سقط ايضا جرحى في بلدة ابو رمال ودرعا (جنوب) حيث قصفت مدينة داعل بينما قتل ستة جنود نظاميين في هجوم بعبوة ناسفة استهدف شاحنتهم في المحافظة.
المبعوث الدولي الى سوريا الاخضر الابراهيمي
