سافر الزعماء الفلسطينيون الى مدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية يوم الثلاثاء فيما وصفه مسؤولون بأنها محاولة أخيرة لانهاء الاقتتال بين الفصائل الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على إنهاء الحظر الذي تفرضه دول غربية على المساعدات للحكومة الفلسطينية.
وتخوض حركة المقاومة الاسلامية الحاكمة (حماس) منذ فوزها في انتخابات العام الماضي وحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس والتي هيمنت على الساحة الفلسطينية طويلا صراعا على السلطة تحول الى اعمال عنف سقط خلالها نحو 90 قتيلا منذ ديسمبر كانون الأول حين تحدث عباس عن اجراء انتخابات مبكرة.
وتمخضت محاولات سابقة لوقف الاقتتال والتوصل الى أرض مشتركة بين الجانبين عن اتفاقات هدنة قصيرة الاجل وتهديد عباس بالدعوة لاجراء انتخابات مبكرة وهو ما وصفته حماس بانه سيكون بمثابة انقلاب على الحكومة الفلسطينية المنتخبة.
ويزيد من جهود الوساطة السعودية تعقيدا رفض الولايات المتحدة واسرائيل قبول عباس بحكومة وحدة وطنية لا تعترف بالدولة اليهودية وتنبذ العنف وتقر اتفاقات السلام المؤقتة التي أبرمتها عام 1993 السلطة الفلسطينية التي تشكلت في الاراضي التي احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967 ويريد الفلسطينيون اقامة دولتهم فيها.
وقال جمال الشوبكي السفير الفلسطيني في السعودية ان الزعماء الفلسطينيين لن يغادروا مكة المكرمة دون التوصل الى اتفاق لان الوضع مأسوي على الارض والعالم كله سيدير ظهره للفلسطينيين اذا استمروا على هذا الحال.
وكرر نفس الموقف مسؤول في حكومة حماس قال "اذا لم نتوصل الى اتفاق في هذه المدينة المكرمة لن نفعل في اي مكان آخر."
ومن المنتظر ان تبدأ المحادثات الفلسطينية مساء الثلاثاء وتمتد الى الاربعاء.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية "نعد شعبنا" ببذل أقصى ما يمكن من جهد للتوصل الى اتفاق فلسطيني "لتشكيل حكومة وحدة."
وأدلى هنية بهذه التصريحات وهو يتجه الى حدود غزة مع مصر حيث من المقرر ان يستقل طائرة تقله الى السعودية. وأعرب عن تفاؤله بعودة الزعماء الى الاراضي الفلسطينية باتفاق يشفي الجروح وينهي التوترات ويعزز الوحدة الوطنية.
ومن المقرر ان يتوجه كل من الرئيس الفلسطيني وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس الذي يتخذ من العاصمة السورية دمشق مقرا له الى مكة كل على حدة.
وقال عباس الذي تلقى حرسه الرئاسي تدريبا ومعدات من الولايات المتحدة انه سيعطي المحادثات فرصة أخيرة لتشكيل حكومة ائتلافية مع حماس.
وصرح عزام الاحمد وهو مساعد كبير لعباس بان المحادثات تهدف الى اقناع حماس بقبول برنامج منظمة التحرير الفلسطينية وهو ما قد يتضمن اعترافا ضمنيا من حماس باسرائيل لانهاء المأزق الراهن.
وقال ان ذلك لن يتعارض مع شروط رفع الحصار وأبدى ثقته بأنه فور احترام حماس لاتفاقات منظمة التحرير الفلسطينية لن يطالب رباعي الوساطة بعد ذلك الحركة الاسلامية بالاعتراف باسرائيل.
وتضم لجنة الوساطة الرباعية التي ترعى عملية السلام في الشرق الاوسط الولايات المتحدة والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا.
ومن المقرر ان يصل مشعل وهنية الى مكة في وقت لاحق يوم الثلاثاء ومن المنتظر ان يؤديا العمرة قبل بدء المحادثات الفلسطينية مساء نفس اليوم.
وزادت حدة التوتر في غزة بعد فوز حماس على فتح التي هيمنت طويلا على الساحة الفلسطينية في انتخابات العام الماضي الأمر الذي دفع الغرب إلى قطع المساعدات عن الحكومة التي تقودها حماس ما لم تخفف موقفها.
ويبدو ان اتفاق وقف اطلاق النار الاخير ظل صامدا في القطاع الضيق المزدحم بالسكان حيث يعيش 1.5 مليون فلسطيني.
غير ان سكانا قالوا ان مسلحين اقتحموا مساء الاثنين المقر المحلي للقوة 17 المؤيدة لفتح في بلدة بيت حانون بشمال غزة وخطفوا ستة من افرادها.
والقى مسؤولو فتح باللوم على حماس في الهجوم. وامتنعت حماس عن قول ما اذا كانت تحتجز الافراد لكنها اتهمت القوة 17 باقامة نقطة تفتيش في بيت حانون ومحاولة احتجاز اعضاء في حماس.
وفيما أطلق كل جانب بعض النشطاء المنتمين للطرف الاخر احتجزوا رهائن اثناء الاقتتال قال مسؤولون قبل واقعة اقتحام مقر القوة 17 ان حماس ما زالت تحتجز تسعة من نشطاء فتح بينما ما زال 32 من نشطاء حماس في قبضة فتح.
ويبدو في حكم المؤكد أن الفشل في التوصل لاتفاق في مكة سيزيد أعمال العنف في شوارع غزة التي تموج بالتوتر.
ودعا هنية كل الفصائل الفلسطينية المتناحرة الى التزام الهدوء وتعزيز التفاهم الذي توصلت اليه حماس وفتح في اتفاق وقف اطلاق النار الاخير.
وتسعى السعودية الى وقف الاقتتال بين الفلسطينيين خشية ان يؤدي الى تصاعد التشدد في المنطقة وهو ما يعطي ايران الشيعية فرصة أكبر لزيادة نفوذها.
وتدعم ايران حركة حماس.
العاهل السعودي
واعرب العاهل السعودي عبدالله بن عبد العزيز عن امله في ان يتوصل اللقاء الذي سيعقده عباس مع مشعل الثلاثاء في مكة الى "اتفاق ملزم" يضع حدا للعنف بين الفلسطينيين.
وبحسب الوكالة السعودية جاء موقف العاهل السعودي في معرض رده على رسالة وجهها اليه الفلسطينيون المقيمون في السعودية.
وجاء في هذا الرد "آمل ان يسمع الإخوة الأشقاء من الفرقاء ما طالبتموهم به حين قلتم في رسالتكم +على جميع الأطراف مهما طال الزمن في التحاور بينهم ان لا يخرجوا من الديار المقدسة الا باتفاق ملزم وان يقسموا بالله وعلى كتابه الكريم وفي رحاب بيت الله على إيقاف هذا الاقتتال وايقاف شلال الدم الذي لا يخدم غير اعداء الأمة+".
وكان العاهل السعودي يرد على رسالة من فلسطينيي المملكة حملها اليه السفير الفلسطيني جمال الشوبكي وحملت تاييدا لدعوته الافرقاء الفلسطينيين الى اللقاء في مكة المكرمة من اجل انهاء الاقتتال الداخلي وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
ووعد رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية لدى مغادرته غزة الى مكة المكرمة "ببذل كل جهد للتوصل الى اتفاق حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية يعزز الوحدة".
وقال هنية للصحافيين "نعد ان نبذل قصارى جهدنا ونسعى بكل ما اوتينا من قوة للتوصل الى اتفاق فلسطيني على اساس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وعلى قاعدة وثيقة الوفاق الوطني". واضاف "ربما الملفات كثيرة وشائكة ومعقدة لكن امام ارادتنا ونية الاتفاق ستتم معالجها على قاعدة الوحدة الوطنية".
واكد هنية انه يتوجه الى مكة "ونحن متفائلون ان يتم التوصل الى اتفاق يضمد الجراح ويعزز وحدتنا ويرسخ الشراكة السياسية ويعيد من جديد بوصلة شعبنا تجاه معركته مع الاحتلال".
وطلب هنية "من ابناء شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة ان يستمروا في حالة الهدوء والا يسمحوا ان تعود مظاهر الاحتقان".
وتابع "نحن امام اختبار مهم امام شعبنا فلنحم التفاهمات الميدانية والامنية التي تم التوصل اليها بجهود اخواننا المصريين حتى نعود بشكل اكثر تفاؤلا نحو استمرار مسيرة هذا الشعب نحو الحرية والعودة والاستقلال".
واكدت حركتا حماس وفتح عشية الاجتماع عزمهما على انجاح الحوار بينما يسود هدوء نسبي في قطاع غزة لليوم الثالث على التوالي بعد اشتباكات عنيفة بين الحركتيين اسفرت عن سقوط 63 قتيلا خلال حوالي اسبوعين.