فاز محمود عباس في انتخابات الرئاسة الفلسطينية بنسبة 62.3 بالمئة بينما حصل اقرب منافسية، مصطفى البرغوثي على ما نسبته 19.80 بالمئة. وقد شككت حركة حماس بهذه الانتخابات واعتبرت ان التمديد كان من اجل التزوير.
عباس يفوز
اعلنت اللجنة المركزية العليا للانتخابات الفلسطينية ظهر الاثنين، ان نتائج فرز الاصوات في انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية التي جرت الاحد، اظهرت فوزا ساحقا لرئيس منظمة التحرير محمود عباس، وذلك بنسبة 62،3 بالمائة من اصوات الناخبين.
وطبقا للارقام التي اعلنتها اللجنة في مؤتمر صحفي في رام الله، فقد فاز عباس باصوات 483039 ناخبا، أي ما نسبته 62،32 بالمائة من الاصوات.
واشارت ارقام اللجنة الى ان الناخبين الذين ادلوا باصواتهم كانوا 775 الفا، من اصل مليون و 100 الف ناخب، وهو اقل بكثير مما اعلن عنه في السابق، أي 1،8 مليونا.
وجاء ترتيب المرشحين الستة الباقين كالتالي: مصطفى البرغوثي-مستقل 19،80 بالمائة، بسام الصالحي- حزب الشعب الفلسطيني 2،69 بالمائة، تيسير خالد- الجبهة الديمقراطية 3،5 بالمائة، عبد الكريم شبير- مستقل 0،76 بالمائة، سيد حسين بركة- مستقل 1،27 بالمائة، وعبد الحليم الاشقر- مستقل..
وشكلت الاصوات الباطلة ما نسبته 3،79 والاوراق البيضاء 3.02 في المائة.
حماس تشكك
وشككت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الاثنين في نتائج الانتخابات ، معتبرة أن "الغرض" من تمديد فترة الانتخابات كان "التلاعب والتزوير بعد أن كانت نسبة المقترعين متدنية جدا".
وأشار الناطق باسم الحركة مشير المصري في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى "خروقات كبيرة حدثت" في الانتخابات وخاصة "التلاعب في الساعتين التي تم التمديد فيهما".
وأوضح أن "السماح بالاقتراع بالبطاقة دون الرجوع إلى سجل الناخبين أو السجل المدني أتاح التلاعب والتزوير الكبير الذي كان بشهادة وكلاء المرشحين وبشهادة المراكز الحقوقية".
وأضاف أن "تمديد فترة الانتخابات مدة ساعتين يخالف القانون (قانون الانتخابات الفلسطيني) في مادته رقم 72 وكذلك السماح للمواطنين بالاقتراع بواسطة بطاقات الهوية فقط هي مخالفة لمواد القانون".
فوز ابو مازن يجدد الامل بالسلام
ويفتح فوز عباس الكاسح في الانتخابات باب الأمل في إحياء محادثات السلام مع اسرائيل بعد أعوام من إراقة الدماء.
وقال شمعون بيريز السياسي الاسرائيلي المخضرم لراديو الجيش الاسرائيلي قبل ساعات من اعلان النتائج الرسمية "انتُخب رجل معتدل. رجل ذكي. رجل خبير. لنمنحه فرصة."
وتابع بيريز "ثمة قيادة فلسطينية شرعية جديدة يقف قادتها بالتأكيد ضد الارهاب والحرب."
وفي إشارة أخرى للتغيير في الشرق الاوسط يتوقع أن تتولى السلطة في اسرائيل في وقت لاحق الاثنين حكومة اسرائيلية جديدة برئاسة ارييل شارون رئيس الوزراء تضم حزب العمل بقيادة بيريس كشريك رئيسي في الائتلاف.
وستمكن الحكومة الجديدة شارون من إستعادة الأغلبية في البرلمان للمرة الاولى منذ ستة أشهر وستساعده ايضا على المضي قدما في خطة الانسحاب من قطاع غزة وإجلاء المستوطنين اليهود لأول مرة من بعض الاراضي التي يريدها الفلسطينيون لاقامة دولتهم.
إلا أن أي قدر من التفاؤل بحقبة جديدة من الدبلوماسية يمكن أن يسود في هذا الشأن سوف يظل عرضة للخطر بسبب هجمات متشددين يرفضون دعوات عباس المتكررة لانهاء الكفاح المسلح. في الوقت نفسه لم يظهر الفلسطينيون ولا الاسرائيليون أي هامش لامكانية التوصل الى تسوية بشأن القضايا الأساسية في النزاع الناشب منذ عقود.
وأعلن عباس (69 عاما) فوزه بعدما كشفت استطلاعات الرأي عقب ادلاء الناخبين بأصواتهم فوزه بنسبة 65 في المئة في الانتخابات الرئاسية بالضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
ومن شأن الاقبال على الانتخابات الذي بدا جيدا رغم دعوة النشطين الاسلاميين للمقاطعة أن يعزز قدرة عباس على التغيير بعد وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر.
وقال الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر الذي قاد فريقا دوليا لمراقبة الانتخابات ان عباس حقق "فوزا رائعا غير عادي." ويتوقع أن تعلن النتائج النهائية في وقت لاحق الاثنين.
وقال كارتر بعد اجتماع مع عباس "سيتولى المنصب كرئيس جديد يوم الاربعاء... يتيح ذلك فرصة في رأيي من أجل مفاوضات سلام جديدة."
ووعد عباس بالسعي الى السلام مع اسرائيل ومكافحة الفساد المتفشي وتقوية عضد السلطة الفلسطينية المتداعية.
وقال عباس ان الفوز جميل إلا ان الأجمل منه هو الوفاء بالوعود. وتابع قائلا ان الجهاد الأصغر انتهى وان الجهاد الأكبر قد بدأ.
وقال مسؤولون اسرائيليون ان شارون سيسعى الى عقد اجتماع مع عباس خلال أيام. الا أن مساعدي عباس قالوا انه يريد تطمينات بأن الاجتماع سيكون أكثر من مجرد فرصة لالتقاط الصور.
وقال ايهود اولمرت نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي "لا أعتقد انه ستكون هناك أي تغيرات ملموسة في مواقفه الاستراتيجية" مشيرا الى تمسك الفلسطينيين بالقدس الشرقية وحق العودة للاجئين للاراضي التي تقوم عليها اسرائيل الآن.
وقال اولمرت لموقع "يديعوت احرونوت" على الانترنت "في هذا الخصوص من المحتمل أن نصل الى طريق مسدود سريعا جدا."
الا أن اولمرت تمسك بالأمل في أن عباس سيبذل جهدا لوقف الهجمات ضد الاسرائيليين "لانه يعتقد انها (الهجمات) ليست في صالح الفلسطينيين."
وتنظر اسرائيل الى عباس باعتباره رجلا يمكن إنجاز الامور معه. الا أنها انتقدت عزمه التعاون مع النشطاء وليس مواجهتهم كما انها تصر على ضرورة أن ينهي الهجمات الفلسطينية قبل بدء المحادثات بشأن الدولة.
ومن جانبه أشاد الرئيس الاميركي جورج بوش بنتائج الانتخابات وقال انها خطوة جوهرية من أجل الدولة وعرض مساعدة عباس في القيام بدفعة جديدة لعملية السلام فيما دعا اسرائيل الى تحسين الوضع الانساني للفلسطينيين.
وقالت حركة حماس انه يمكنها التعامل مع عباس الا انها شككت في مغزى الهامش الذي فاز به على ستة منافسين اخرين خاضوا الانتخابات الى جانبه.
تحديات تواجه عباس بعد فوزه الساحق
يرى المراقبون ان عباس، وبعد فوزه الساحق بالانتخابات الفلسطينية، سيواجه جملة من التحديات في سياق مساعيه لإحلال السلام وإقامة الدولة الفلسطينية وإجراء إصلاحات داخلية والنهوض بالاقتصاد الفلسطيني:
* العنف:
إنهاء العنف عنصر رئيسي بالنسبة للمفاوضات مع اسرائيل لكن النشطين الاسلاميين يرفضون دعوات عباس لانهاء الكفاح المسلح. بل يبدي مسلحون من حركة فتح التي يتزعمها فتورا لهذه النداءات.
واستمالة الناشطين هو البديل الذي يحبذه عباس.
لكن اذا فشل ذلك فلن يكون أمامه بدائل كثيرة غير استخدام القوة أو التخلي عن الأمل في إحراز تقدم في عملية السلام. وكان وقف للهجمات توسط فيه عباس عام 2003 قد إنهار خلال أسابيع.
وستكون المهمة أصعب بكثير اذا واصلت اسرائيل غاراتها على الضفة الغربية وغزة لكن ذلك في حد ذاته يتوقف في جانب منه على ما اذا كانت الهجمات ستستمر في دورة اراقة الدماء في الشرق الاوسط.
* المحادثات مع اسرائيل:
يتوقع كل من الفلسطينيين واسرائيل عقد قمة رفيعة المستوى بعد الانتخابات.
وقد أبدى شارون استعدادا للقاء عباس. وجرت آخر محادثات بينهما عام 2003 . وعرض شارون إمكانية التنسيق لتنفيذ خطته لإخلاء مستوطنات قطاع غزة لكن الفلسطينيين ما زالوا يخشون أن تكون الخطة مجرد حيلة لاحكام قبضة اسرائيل على الضفة الغربية.
ويصر عباس على أن التنسيق بخصوص غزة يتوقف على ما اذا كان ذلك خطوة واضحة لإجراء مفاوضات أوسع نطاقا على إقامة دولة فلسطينية. وقد يواجه خطر فقدان المصداقية اذا مضى قدما في العملية واكتفت اسرائيل بمجرد الكلمات والبيانات.
وتصر اسرائيل على عدم اجراء مفاوضات على قيام الدولة الفلسطينية ما لم تتوقف الهجمات وبخاصة هجمات المورتر والصواريخ على المستوطنات اليهودية في قطاع غزة والبلدات الواقعة بجنوب اسرائيل.
* الاصلاح الداخلي:
هناك مطالب قوية في الداخل والخارج لاصلاح السلطة الفلسطينية التي قوضها العنف المستمر منذ أربعة أعوام الى جانب سوء الادارة والفساد والمحسوبية.
ويتعين على الرئيس الفلسطيني تحدي الحرس القديم من المسؤولين وقادة حركة فتح ورؤساء أجهزة الامن الذين يحظون بنفوذ واسع ويتعرضون لضغوط من الجيل الاصغر الذين يرون أن صلتهم بالواقع منقطعة.
ومن الخطوات الرئيسية التي يتعين اتخاذها إحداث تعيينات بالحكومة وإجراء تغييرات لخفض قوى الامن.
ويتمثل خطر الفشل في التصدي للاصلاح في احتمال تجدد الاضطرابات التي اجتاحت غزة ومناطق في الضفة الغربية خلال الأشهر التي سبقت وفاة عرفات في الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر.
* الازمة الاقتصادية:
تشير تقديرات البنك الدولي الى ان متوسط دخل الفرد الفلسطيني تراجع خلال الفترة من عام 1999 الى عام 2003 بمقدار الثلث تقريبا الى ما يزيد قليلا على 1100 دولار سنويا. وارتفع معدل البطالة في الفترة نفسها من عشرة بالمئة الى 26 بالمئة.
وقد تقدم الجهات المانحة 500 مليون دولار سنويا للسلطة الفلسطينية بالاضافة الى المبلغ الحالي الذي يقدر بنحو 900 مليون دولار سنويا لكن ذلك يعتمد على إنهاء العنف والاصلاح الداخلي.
وأحد أكثر الاجراءات أهمية هو ما اذا كانت اسرائيل ستخفف القيود على حركة الافراد والسلع سواء داخل اسرائيل أو بين أجزاء الضفة الغربية وقطاع غزة.
لكن اسرائيل تقول ان ذلك لن يحدث مادامت ترى أن مثل هذه التحركات قد تشجع أيضا التفجيرات الانتحارية.—(البوابة)—(مصادر متعددة)