فيما حذرت الامم المتحدة من ان العراق ينزلق الى جحيم الطائفية ابدت دول وشخصيات خليجية مخاوفها من امتداد نيرانها الى الدول المجاورة.
الامم المتحدة
حذر مبعوث للامم المتحدة يوم الثلاثاء من ان العراق ينزلق "الى جحيم الطائفية" ودعا زعماء السياسة والدين العراقيين الى وقف العنف بعد انفجار سيارتين ملغومتين في سوق ببغداد ومقتل 88 شخصا.
وألقى نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الشيعي مسؤولية تفجير السيارتين الملغومتين على اتباع الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي أعدم الشهر الماضي بطريقة أثارت غضب الاقلية السنية التي ينتمي لها.
وقال الجيش الاميركي ان القوات العراقية والاميركية تسلك "نهجا متوازنا" في مهاجمة الجماعات المتشددة الشيعية والسنية على السواء في رد فيما يبدو على اتهامات رددتها الاقلية السنية التي كانت مهيمنة يوما على الحكم بان حكومة المالكي فشلت في قمع الميليشيات الشيعية التابعة لبعض حلفائها السياسيين.
وأعلن الجيش الاميركي ان نحو 600 من افراد جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر وضعوا في الحجز.
ويقول قادة اميركيون ان ملاحقة الميليشيات الشيعية هي أمر جديد وضروري لنجاح خطة أمنية جديدة في بغداد يدعمها نحو 20 ألف جندي أميركي اضافي.
ومن المتوقع ان يدافع الرئيس الاميركي جورج بوش عن ارسال مزيد من القوات الى العراق في خطاب حالة الاتحاد الذي يلقيه في وقت لاحق يوم الثلاثاء أمام الكونغرس الذي يهيمن عليه الان الحزب الديمقراطي المعارض.
وجاء في بيان للجيش الاميركي انه خلال 45 يوما الماضية استهدفت 52 غارة جيش المهدي بينما ركزت 42 غارة على المقاتلين السنة. ولم يذكر البيان متى احتجز 600 من اعضاء جيش المهدي ينتظرون الان تقديمهم للعدالة.
وقتل في تفجير السيارتين الملغومتين يوم الاثنين 88 شخصا وجرح 160 في سوق لبيع السلع المستعملة في منطقة الباب الشرقي المزدحمة بوسط بغداد التي تضم مواطنين وتجارا من السنة والشيعة.
وأدان أشرف قاضي مبعوث الامم المتحدة الهجمات ودعا رجال السياسة والدين الى وقف العنف "وانقاذ البلاد من الانزلاق أكثر من ذلك الى جحيم الطائفية."
وقال في بيان "هذه الاعتداءات المؤسفة تبرز من جديد الحاجة الملحة لان يرفض كل العراقيين العنف وان يختاروا معا طريق السلام والمصالحة."
ووعد المالكي بالحمل على كل الجماعات غير المشروعة بغض النظر عن الطائفة التي تنتمي لها في الحملة الامنية الجديدة في بغداد والتي يقول حلفاء شيعة كبار انها قد تكون الفرصة الاخيرة لتفادي انهيار الدولة الجديدة التي ظهرت بعد الغزو الاميركي للعراق عام 2003 .
ويرفض كثيرون في الكونغرس الاميركي الذي يهيمن عليه الان الديمقراطيون المعارضون خطة بوش لزيادة القوات الاميركية في العراق ويطالبون ببدء سحب القوات. لكن من غير المرجح رغم ذلك ان يعطلوا الخطة.
وأعلن يوم الثلاثاء عن مقتل جنديين أمريكيين.
وفي الاسبوع الماضي قتل 70 شخصا على الاقل في تفجير مزدوج وقع امام جامعة ببغداد والذي القى المالكي مسؤوليته ايضا على انصار صدام.
وقال المالكي في بيان ان "هؤلاء الارهابيين" يتصورون ان ذلك سيكسر ارادة شعب العراق ويذكي الصراع.
ويقول منتقدو المالكي ان المحاولات السابقة لاعادة الاستقرار الى العاصمة العراقية فشلت بسبب احجامه عن معالجة مشكلة جيش المهدي. وتقول وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ان جيش المهدي أصبح الان يشكل أكبر خطر على السلام في العراق متفوقا على المقاتلين الاسلاميين السنة انصار القاعدة.
وجاء في البيان الاميركي ان القوات العراقية المدعومة بقوات اميركية احتجزت 16 من القيادات الكبرى لجيش المهدي في العمليات الاخيرة من بينهم خمسة من حي مدينة الصدر معقل الميليشيا الشيعية في بغداد كما قتلت أحدهم.
الخليج
وفي هذا السياق، حذر مراقبون ومشاركون في مؤتمر الدوحة للتقريب بين المذاهب الاسلامية الذي استضافته الدوحة من انعكاس للاقتتال السني الشيعي في العراق على دول الخليج حيث تعيش مجموعات شيعية كبيرة، خاصة في ضوء تعاظم النفوذ الايراني.
وقال المفكر الكويتي عبد الله النفيسي على هامش المؤتمر الذي اختتم اعماله الاثنين "في تقديري، هناك خطر حقيقي وداهم على الخليج من فتنة طائفية".
واضاف النفيسي ان ايران الشيعية "تعيش الآن حالة من غطرسة القوة بسبب حرب لبنان والملف النووي وهذا الشعور امتد نحو شيعة الخليج".
ووصف النفيسي منطقة الخليج بانها "من المناطق الرخوة سياسيا وثقافيا" وانها "تعيش كالنملة ضمن محيط تتصارع فيه الفيلة".
وتابع "الفتنة الطائفية اكتملت في العراق واذا امتلأ الكاس لا بد ان يندلق على شريط النفط الممتد بين الكويت وسلطنة عمان".
واتهم النفيسي الانظمة الخليجية بالتباطؤ في معالجة هذا الوضع.
وقال "المؤسف ان انظمة الخليج تتحرك ببطء السلاحف ولا تواكب تسارع الاحداث".
واضاف "في المقابل لايران مشروع استراتيجي يتجاوز الضفة الغربية للخليج، وهي (ايران) تنظر الى هذه البقعة (الخليج) كتحصيل الحاصل".
من جهته، اعتبر العميد المساعد لكلية الشريعة في جامعة قطر يوسف محمود محمد ان "بعض الشيعة يعملون بقوة للتبشير بمذهبهم في الخليج".
وتابع "اذا شعر شيعة الخليج بقوة نفوذهم مع تواصل المد الايراني في العراق فان ذلك سيؤدي الى توتير الاجواء في بعض الدول الخليجية".
من جهته، اعتبر الداعية الاسلامي يوسف القرضاوي في الجلسة الختامية لمؤتمر تقريب المذاهب الاسلامية الذي عقد على مدى ثلاثة ايام، ان "التبشير (الشيعي) عملية مبرمجة ولها ميزانية ويقف وراءها اشخاص (...) وقد وصلت حتى الى فلسطين".
وبعد مداخلات حامية للقرضاوي في المؤتمر اتهم فيها الشيعة بمحاولة نشر مذهبهم في بلاد سنية، تضمنت توصيات المؤتمر الختامية دعوة الى "عدم السماح بالتبشير لمذهب التشيع في بلاد السنة او للتسنن في بلاد الشيعة".
وكانت اجواء العنف الطائفي في العراق سيطرت على اعمال المؤتمر.
وفي هذا السياق، قال الشيخ القرضاوي "قطعا لا بد من ان يكون هناك نوع من تاثير لما يحدث في العراق على المجتمعات الخليجية".
وكان الداعية القرضاوي اعلن بصفته رئيسا للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ان الاتحاد "قرر ارسال وفد الى طهران "لمحادثة المسؤولين هناك"، معتبرا ان "الذي يملك المفاتيح في تحريك الامور في العراق هو ايران" .
ومع انه من منتقدي الدور الايراني في العراق، يساند الشيخ يوسف القرضاوي حق ايران في امتلاك الطاقة النووية السلمية وقال "نحن مع ايران ونقاوم اي عدوان عليها".
ومن جهته، اقر سيد ضياء الموسوي عضو مجلس الشورى البحريني بان "بعض اثار ما يحدث في العراق ستصل الى دول الخليج".
لكنه اعتبر أن الأمر "لن يصل الى حد الفتنة الطائفية لان في الخليج حكومات ومؤسسات قوية يمكن من خلالها ايجاد كوابح".
واشار الموسوي الى النموذج البحريني حيث غالبية المواطنين من الشيعة، وقال "هناك برلمان ومجتمع مدني وحسينيات ومستوى حرية يقلل من مخاطر الفتنة".
واضاف "في الخليج عموما هناك توازن و تعايش وان كان هناك بعض التشكيات لدى اقليات شيعية هنا او هناك".
وايد القرضاوي هذا التحليل وقال "البيئة الخليجية بما فيها من معطيات ايجابية تحول دون حدوث توترات طائفية".
وكان "بيان الدوحة" الذي صدر في ختام مؤتمر التقريب بين المذاهب الاسلامية الذي عقد بمشاركة اكثر من مائتي شخصية من المذاهب المختلفة، ادان "ما يحدث في العراق من حرب طائفية بين السنة والشيعة مما يؤدي الى تفتيت العراق".
كما شدد البيان الختامي للمؤتمر على "حرمة دم المسلم وماله وعرضه".
كما اقر المؤتمر "تشكيل مجمع علمي (مقره الدوحة) يضم علماء السنة والامامية والزيدية والاباضية (...) يرصد المعوقات والخروقات ويضع لها الحلول المناسبة".