التجربة الايرانية لا تزال في بداية الطريق

تاريخ النشر: 26 أكتوبر 2013 - 09:24 GMT
الرئيس الايراني حسن روحاني.
الرئيس الايراني حسن روحاني.

إيران من الداخل عالم آخر. هي أشبه بالبنية المكتفية بذاتها والمستغنية عن كل ما عداها. لا شيء مما يحصل في الخارج من الممكن أن يشوش على إيقاع يومي، منتظم ومتماسك يعيشه الإيرانيون وفق مسار يتطلع إلى التحرر والتنمية والنهوض.


لا ندم عند الإيرانيين على تبنيهم منطق الثورة. ولا قلق يدفعهم إلى الخوف من الغد. السياسات العدائية الأجنبية هي عند غالبية الشعب الإيراني زوبعة في فنجان.

ثلاثة عقود من التهديدات الغربية لم تفلح في دفع الجمهورية الإسلامية إلى التراجع ولو مرة واحدة. والنتيجة أنه لا حرب مقبلة لأن «أعداء إيران يخشون التعرض لها». ولا تصعيد جديداً لأن الخصوم استنفدوا كل أوراقهم على صعيد القطيعة والحصار. فيما المسار التفاوضي مع الغرب، بمعزل عن نتائجه، لن يغير من حقيقة أن إيران باتت قوة نووية.


لا يخفي الإيرانيون امتعاضهم من التشوهات التي لحقت بالإسلام السياسي في ظل الثورات العربية. لذا هم يحاولون رسم خط فاصل بين تجربتهم الإسلامية في السلطة وتجارب الآخرين. «نحن قدمنا تجربة مشرقة بينما أخفق الآخرون في فهم الدين وتحويله إلى سلطة ذات أبعاد حضارية»، هذا ما يقوله رجل دين بارز في حوزة قم الدينية. يضيف «نحن نعمل منذ ثلاثين سنة على أسلمة المعرفة والدولة ولما ننته بعد... بينما جاء هؤلاء إلى السلطة وهم يتصوّرون أن لديهم المعرفة الكاملة لبناء الدولة الإسلامية».


العقوبات الغربية، لا تلحظ لها أثراً في الحياة الإيرانية العامة. والتغطية الإعلامية الأجنبية لهذه العقوبات تنطوي على الكثير من المبالغة والتهويل. فما معنى أن يمتنع الغربيون عن شراء النفط الإيراني؟ يتساءل خبير اقتصادي إيراني. ثم يجيب بأن هذا الأمر يساعد على تقليص حصة قطاع النفط من الموازنة الإيرانية لمصلحة القطاعات الأخرى، وهو هدف عملت عليه كل الحكومات الإيرانية المتعاقبة. ويضيف الخبير «أن عامل الزمن لمصلحة إيران في ظل العقوبات، فمع كل يوم يمر تصبح إيران اكثر قوة وقدرة على الاستغناء بدلاً من الضعف والتبعية». ورغم التضخم المحدود الذي شهدته البلاد منذ وصول الشيخ روحاني إلى سدة الرئاسة، فإن التفاؤل يسود معظم المواطنين بأن الوضع الاقتصادي إلى تحسن وبأن الحكومة تحتاج إلى مزيد من الوقت لتحويل وعودها إلى وقائع.


حكومة الرئيس روحاني التي تضم مختلف التيارات والاتجاهات، شكلت حاضنة لأجواء وفاقية مرتقبة، بين جناحَي المحافظين والإصلاحيين.. يتوقع مراقبون أن تذهب الأمور إلى حد المصالحة الفعلية بين الجناحين مع كثرة الحديث عن إخراج الزعيمين الإصلاحيين مهدي كرّوبي ومير حسين موسوي من الإقامة الجبرية، ورفع قرار منع السفر عن الرئيس السابق محمد خاتمي، فيما يلمّح البعض إلى جهود يقوم بها الرئيس السابق أحمدي نجاد لتشكيل إطار حزبي يتيح له العودة إلى الرئاسة العام 2017.
وحده الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني يبدو كلاعب «مشاغب» على الحلبة. هو دائم الحضور في المشهد بتصريحاته التي تثير الكثير من الجدل. رفسنجاني حاول مؤخراً تسريع الخطى باتجاه التطبيع مع أميركا عندما نقل عن الإمام الخميني استياءه من تبني التلفزيون الرسمي لشعار «الموت لأميركا». الردّ جاءه من قبل مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني نافية الأمر جملة وتفصيلاً.
خلاصة الأمر أن التهديدات الخارجية لم تعد قائمة كما كانت من قبل. والسياسات الداخلية مرشحة لمزيد من الحوار والتفاهم. وثمة ما يشبه الإجماع بين ابناء الثورة على ضرورة التمسك بالأولويات. فرغم كل إنجازاتهم، يرى الإيرانيون أنهم ما زالوا في بداية الطريق. ذلك لأنهم، ربما، يبرمجون لتجربة تمتد لأكثر من مئة سنة..