من يستهدف الجيش اللبناني في شمال البلاد ؟

تاريخ النشر: 20 أكتوبر 2014 - 05:59 GMT
البوابة
البوابة

- ماهر الدنا -بسرعة فائقة دخل الصحافيون البارحة إلى موقع وكالة الأنباء السعودية، إنهمكوا جميعاً بمتابعة أحد الأخبار، بحيث أدرجوه ضمن أخبارهم العاجلة.

على المواقع الإلكترونية اللون الأحمر ينبئ بحدثٍ مهم، وكذلك هواتف المواطنين التي سُمع رنين جميع التطبيقات الإخبارية فيها، لماذا؟ "تعرّض دورية سعودية لإطلاق نار في المنطقة الشرقية".

نعم، كان لخبر تعرّض دورية من الأمن السعودي لإطلاق نار، دون جرح أي عنصر منها، هذا الوقع المدوي في الإعلام اللبناني، بالطبع لأنّ نصف هذا الإعلام يحصل على ميزانيته من المملكة العربية السعودية، بينما يسعى جزء غير صغير من النصف المتبقّي، بشكل حثيث، لنيل حصة له هو الآخر.

المزعج حقّاً في هذا، ليس التغطية التي نالها الحدث رغم سطحيته، ولكن أن يسلّط الضوء على خبر أمني سعودي، مقابل مرور خبر إستشهاد جندي لبناني من ضمن حملة إستهدافات خطرة للجيش في شمالي لبنان كسائر الأخبار السياسية اليومية في اليوم الذي سبق، هو المهزلة التي ليس بعدها مهزلة!!كيفية تعاطي الإعلام مع خبر استشهاد الجندي جمال هاشم تنعكس بواقع الحال على المجتمع السياسي اللبناني، أو في حال أردنا توخّي الدّقة أكثر، إنعكس واقع اهتمام السياسيين باستهداف الجيش في الشمال على تعاطي الإعلام معه.

نعم، فمنذ حوالي الشهر تقوم مجموعات منظّمة في طرابلس وعكار، بالهجوم على الجيش اللبناني بشكل مدروس، لتفجير عبوة تارةً، وإطلاق النار طوراً، والحصيلة دائماً شهداء من الجنود لا ذنب لهم سوى أنّ دولتهم، صاحبة القرار السياسي عليهم، لم تتخذ حتى الآن قراراً حاسماً بإنهاء كل أشكال الشذوذ الأمني والعسكري في الشمال.هذه المرّة لم يكن استهدافاً لقوة قد تزعج المسلحين في تمركزها، أو لدورية تحاول مداهمة مكان وجودهم، بل كان الهجوم على حافلة تقل الجنود لمراكز خدمتهم، وهو استهداف يحصل بنوعه للمرة الأولى بعد تطبيق الخطة الأمنية.

هذه النقلة النوعية تؤكد الشكوك التي أشيعت سابقاً، عن أنّ ثمة مجموعات في الشمال لا تريد الجيش اللبناني بينها.من هي هذه المجموعات وهل يديرها حزب الله؟في الواحد والعشرين من آذار من العام الماضي، رأى النائب الشمالي معين المرعبي "أنّ قيادة الجيش اللبناني تقوم بتنفيذ مخطط عصابات الأسد وحزب الله لتهجير أهل السنة من مناطق البقاع والهرمل من خلال جعلهم مكشوفين ولقمة سائغة لهذه العصابات".زميله النائب خالد الضاهر كان قد هاجم بشدة مخابرات الجيش اللبناني مطالباً الحكومة اللبنانية بعدم صرف الأموال لها.هذان التصريحان ليسا كل ما أدلى به الضاهر والمرعبي، بل إنّ مئات التصريحات المشابهة لما ورد أعلاه تزيّن كل يوم صفحات الجرائد وشاشات التلفزة، من قبل نائبين في المجلس النيابي اللبناني، وليس بالإئتلاف السوري المعارض إن أراد القارئ أن يفهم التصريحات بشكلها السليم!!بعد كل هذا الهجوم على الجيش اللبناني، خرج النائب خالد الضاهر في الخامس عشر من هذا الشهر، أي يوم الأربعاء، ليتّهم حزب الله بالإعتداء على الجيش اللبناني في الشمال!! هنا لا بدّ للمنطق أن يتجسّد برجلٍ ثاقب العينين، مندهش بدرجة كبيرة، يعتقد أنّه سمع بالخطأ جملة ما، ليتبيّن له أنّ ما سمعه صحيح، فينتحر على الفور!!إنّ الطريقة الفضلى للرد على الرجل هي بلسانه، ففي السادس من تمّوز 2012، أي عندما كانت سوريا على مشارف أزمتها وحزب الله لم يتوجه إليها بعد، قال الضاهر "السنّة في لبنان لن يرضوا الا بالكرامة، وأقسم أنه ليس لسلاح وميليشيا حزب الله أي سيطرة على مناطقنا وخصوصاً طرابلس".

هنا يؤكّد الرجل أن لا وجود لحزب الله في طرابلس في العام 2012، فكيف اليوم وبعد مرور سنتين ونيّف على التحريض المذهبي والطائفي، علاوةً على مشاركة قوى عسكرية مركزها طرابلس بالحرب السورية، هي نفسها التي يشتبك معها الجيش إلى جانب حزب الله في جرود السلسلة الشرقية.

فهل من المنطق أن يترافق سلاح الجيش والمقاومة في جرود عرسال حيث يحمي الواحد منهما ظهر الثاني في المعارك، ليعود طرف منهما يعتدي على الآخر في الشمال، وهو بالأصل غير موجود عسكرياً أو سياسياً في المنطقة بأكملها؟ لا حاجة للتبرير هنا.بالطبع من يهاجم الجيش اللبناني في الشمال معروف، ومن يدعم هذا الهجوم بات معروفاً.

أمّا عن المحاسبة، فهنا تكمن صعوبة المسألة، فالمحاسبة بمجملها غائبة عن لبنان منذ سنوات طوال، فلا قوانين إنتخابية تسمح بمحاسبة الشارع لممثليه، ولا قرارات قضائية صارمة تحاسب من يخلّ بالأمن، ولا قرارات سياسية تنتفض لهيبة الدولة والمؤسسات وتتخذ قراراً بالهجوم المضاد على كل من يعرّض حياة العسكريين والمدنيين ومعهم سيادة البلاد واستقرارها الأمني للخطر من عكار وطرابلس، إلى كل لبنان.يقول السيّد جان الهاشم والد الجندي الشهيد جمال الهاشم أثناء تشييع نجله بالأمس: "موت جمال لن يمر بهذه البساطة وعلينا أن نحافظ على الجيش والوطن".

 

اقرأ أيضا:

شكوى لبنانية لمجلس الامن ضد اطلاق النار الاسرائيلي

الانتخابات البرلمانية اللبنانية ستتأجل حتى عام 2017

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن