تحتشد القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد حول حلب استعدادا لهجوم لاستعادة المدينة انطلاقا من المكاسب الميدانية التي حولت اتجاه رياح الحرب السورية الى شراع الأسد وحلفائه من جماعة حزب الله اللبنانية.
وأفاد مقاتلو المعارضة بوجود دلائل على تدفق اعداد كبيرة من المقاتلين الشيعة من العراق لمساعدة الأسد في انهاء الحرب الأهلية التي حصدت ارواح ما لا يقل عن 80 ألف شخص وأجبرت 1.6 مليون سوري على الفرار للخارج.
ويأتي التحرك إلى تلك الجبهة الشمالية وتأثير الحرب في سوريا على جيرانها العراق ولبنان والأردن وإسرائيل يزيد ويوسع فجوة الشقاق الطائفي بين السنة والشيعة في المنطقة.
وللمرة الاولى منذ بداية الانتفاضة في مارس اذار 2011 أشار وزير إسرائيلي اليوم الاثنين إلى ان الأسد قد ينتصر في الحرب بفضل الدعم الذي يتلقاه من إيران وجماعة حزب الله اللبنانية.
لكن مهمة طرد مقاتلي المعارضة من حلب ستكون اصعب كثيرا من سيطرة الجيش السوري على بلدة القصير الاسبوع الماضي حيث يتوقع محللون عسكريون ان يستمر الصراع لأشهر أو سنوات مرجحين أن تحفز الانتكاسات التي تعرضت لها المعارضة في الاونة الاخيرة أعداء الأسد الكثيرين.
وقال مسؤول أمريكي إن واشنطن تشعر بالانزعاج لتقدم الأسد السريع وقد تتخذ قرارا في وقت لاحق هذا الاسبوع بخصوص تسليح المعارضة أملا في تحويل دفة الحرب.
وذكرت صحيفة الوطن السورية شبه الرسمية ان جيش الأسد يعد لرفع الحصار عن بعض المناطق القريبة من حلب قبل ان يهاجم المدينة نفسها.
وقال تشارلز ليستر المحلل في مركز الارهاب والتمرد التابع لمؤسسة آي.اتش.اس جينز "أي معركة في حلب ستكون كبيرة ومن المؤكد ان تستمر طويلا."
وأضاف "ثمة أعداد كبيرة من مقاتلي المعارضة في عدة مناطق في المدينة. وسيدور كثير من القتال المتلاحم الذي يأخذ دائما وقتا طويلا ويخلف كثيرا من القتلى والجرحى."
وتدفقت كتائب للمعارضة على حلب في يوليو تموز الماضي وباتت تسيطر على اكثر من نصف المدينة. والخطوط الأمامية في المدينة مستقرة إلى حد بعيد وانضم عدد كبير من المقاتلين الأجانب من الاسلاميين المتشددين إلى صفوف المعارضة.
وقال نشطاء بالمعارضة ومصادر عسكرية إن الجيش ينقل جوا قوات إلى مطار حلب وإلى منطقة عفرين الكردية خلف خطوط مقاتلي المعارضة كما يرسل تعزيزات إلى منطقتي الزهراء ونبل الشيعيتين شمالي المدينة.
وقال قائد بالمعارضة في الشمال يدعى ابو طه "النظام يقوم على ما يبدو بحركة كماشة (تطويق) لمحاولة استعادة المدن الكبيرة عبر شمال سوريا وشرقها قبل مؤتمر جنيف" في اشارة إلى محادثات السلام الدولية المقترحة.
وتأمل الولايات المتحدة وروسيا في انعقاد المؤتمر في سويسرا الشهر القادم لكن بريطانيا حذرت من ان الانتصارات الأخيرة للأسد قد تجعله يحجم عن تقديم تنازلات تبدو ضرورية لانهاء القتال.
وبعد ان بدا ان المعارضة تمتلك زمام المبادرة العام الماضي فقد تعرضت لسلسلة من الانتكاسات هذا العام في الوقت الذي ارتفعت فيه الروح المعنوية لقوات الأسد بوصول مقاتلين مدربين جيدا من حزب الله لدعمهم.
وقال مسلحو المعارضة إن مقاتلي حزب الله قاموا بدور حاسم في النصر الذي تحقق للقوات الحكومية الاسبوع الماضي في بلدة القصير التي تتحكم في طرق امدادات حيوية عبر سوريا وإلى لبنان.
وذكر مصدر أمني في لبنان ان حزب الله سيواصل مساعدة الأسد ولكن خلافا للمعركة التي دارت في القصير وهي بلدة قريبة من الاراضي اللبنانية فإنه قد لا يرسل قواته شمالا إلى حلب حيث يفضل بدلا من ذلك المساعدة في مجال التدريب.
وهاجم مقاتلو المعارضة يوم الاثنين موقعين عسكريين كبيرين في شمال سوريا -على اطراف مدينة الرقة ومطار منغ في محافظة حلب- في محاولة على ما يبدو لتخفيف الضغط المتزايد على حلب.
وقال عبد الرزاق شلاس العضو بالمجلس الاداري للمحافظة التابع للمعارضة "كثف مقاتلو المعارضة الضغط...في اليومين الماضيين لاستباق اي هجوم على حلب.
وقال ناشطون إن الجيش رد على ذلك بقصف الرقة مما اسفر عن مقتل ما لا يقل عن 20 من المدنيين والمقاتلين.
وقال شلاس "هناك خسائر كبيرة في الارواح لكن الهدف هو خفض الروح المعنوية التي ارتفعت لدى النظام بعد (معركة) القصير وعدم السماح له بالذهاب إلى جنيف كمنتصر."
ولكن في تطور يثير قلق مقاتلي المعارضة قال شلاس إن هناك انباء عن تدفق رجال ميليشيا موالين لرجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر على سوريا لدعم مقاتلي الأسد.
وسيسلط وصولهم الضوء على ان الحرب تكتسب طبيعة اقليمية متزايدة في اعقاب مشاركة حزب الله في المعركة.
وقال ليستر الذي يراقب منتديات جهادية سنية على الانترنت ان عددا متزايدا من الرجال السنة باتوا جاهزين فيما يبدو للاشتراك في الحرب في سوريا إلى جانب مقاتلي المعارضة.
وتابع "اذا صدقت ما تقرأه في المنتديات فهناك الكثير من الاشخاص المتجهين إلى سوريا للاشتراك في القتال" مضيفا ان هناك عددا متزايدا ايضا من اعلانات وفيات لمقاتلين اجانب على المواقع الالكترونية بما في ذلك ستة في يوم واحد الاسبوع الماضي.
وتنبأت إسرائيل مرارا بسقوط الأسد. لكن وزير المخابرات الإسرائيلي يوفال شتاينيتز أبدى رأيا مخالفا للغاية اليوم.
وقال لصحفيين اجانب في القدس إن حكومة الأسد "ربما لا تبقى فحسب بل وتستعيد أراضي أيضا" من مقاتلي المعارضة.
وتقول دول غربية منها الولايات المتحدة إن على الأسد ان يتنحى لكنها ترفض حتى الان تسليح المعارضة بسبب المخاوف من وصول الأسلحة إلى ايدي عناصر متطرفة بما في ذلك جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة.
وخلال زيارة لحلب هذا الشهر رأى مراسل لرويترز زيادة ملحوظة في عدد الجماعات الإسلامية المتشددة والتي اصبحت لها الهيمنة على ما يبدو على الجيش السوري الحر المعتدل الذي قاد المعركة في باديء الامر.
وزاد تركيز مقاتلي المعارضة في المدينة على حل القضايا التي تصادفهم يوما بيوم بدلا من نقل المعركة إلى الأسد.
وقال أبو أحمد رحمن قائد الشرطة العسكرية الثورية في حلب وهي منظمة اقيمت لحل النزاعات بين مقاتلي المعارضة والمدنيين "المشكلة الأكبر لدينا هي السرقة. ثمة لصوص يتظاهرون بانهم مقاتلون من المعارضة ويرتدون زيهم وبهذا يمكنهم سرقة المدنيين."
لكن هناك دلائل ايضا على ان القوات المناهضة للأسد تتخذ مواقع لها استعدادا للتصدي لهجوم للجيش في نهاية المطاف.
وقال ليستر "ليس ثمة نهاية تلوح في الافق لهذا الصراع في الوقت الراهن."