تبدأ في المنامة، الاثنين، القمة الخامسة والعشرين لمجلس التعاون الخليجي وسط خلاف سعودي بحريني حول اتفاق التجارة الحرة البحريني مع واشنطن.
وكانت وسائل اعلام سعودية ذكرت، الاحد، أن ولي العهد السعودي النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني الأمير عبدالله بن عبد العزيز لن يحضر القمة الخليجية، بعد جدل بين السعودية والبحرين في شأن اتفاق للتجارة الحرة وقعته الأخيرة مع واشنطن، وقالت إن النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام في المملكة الامير سلطان بن عبد العزيز هو الذي سيرأس وفد المملكة.
وكان متوقعاً أن يشارك الامير عبدالله في القمة السنوية لدول مجلس التعاون الخليجي، لكن بياناً للديوان الملكي السعودي أفاد أن الامير سلطان سيتوجه الى البحرين "نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز".
وشكلت هذه الخطوة تطورا بدا مفاجئا نظرا لعمق العلاقات السعودية البحرينية لكنها جاءت نتيجة طبيعية لحالة من العزلة تواجهها الرياض بين شركائها في مجلس التعاون الخليجي اثر خلافها مع البحرين.
وكانت الرياض انتقدت الاتفاق التجاري الذي وقعته المنامة مع واشنطن في أيلول/سبتمبر، قائلة إن مثل هذه الاتفاقات الثنائية ستعرقل الجهود لتوحيد اقتصادات دول الخليج الغنية بالنفط. الا أن المنامة أصرت على انه لن يضر بمجلس التعاون الخليجي.
وكان الخلاف بين البلدين ظهر الى العلن عندما وجه وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل في الخامس من كانون الاول/ ديسمبر انتقادات للبحرين.
وقال الوزير السعودي ان "بعض اعضاء مجلس التعاون تبرم اتفاقات ثنائية منفصلة مع قوى دولية سواء على الصعيد الاقتصادي او الامني متجاوزة بذلك العمل الجماعي المطلوب".
واضاف في اشارة واضحة الى البحرين ان "الاتفاقات التي ابرمت في الحقل الاقتصادي تشكل مخالفات واضحة لاتفاقيات وقرارات مجلس التعاون" الخليجي الذي يضم اضافة الى السعودية والبحرين، الامارات وقطر والكويت وسلطنة عمان.
وردا على تصريحات الوزير السعودي، اكد وزير الخارجية البحريني الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة في اليوم نفسه ان "كل الاتفاقات التي وقعتها البحرين تنسجم مع الاتفاقات الموقعة بين دول مجلس التعاون".
واضاف ان البحرين "لا تريد ان تطغى اي اتفاقية توقعها على اي اتفاقية اقليمية".
واعلن الشيخ محمد بن مبارك ظهر الاحد ان وزراء خارجية دول المجلس اتفقوا على "جميع النقاط" المتعلقة بالجانب الاقتصادي في جدول الاعمال، لكنهم لم ينتهوا من مناقشة القضايا السياسية.
وجاءت تصريحات الوزير البحريني عقب انتهاء الجلسة الاولى والاخيرة على ما يبدو من اجتماع وزراء الخارجية.
واشار الى انه سيتم بحث الجوانب السياسية في جلسة تعقد لاحقا غير انه لم يعرف حتى ما اذا كانت هذه الجلسة الثانية عقدت اصلا بعد استبعاد الصحافيين من الفندق الذي يعقد فيه الاجتماع.
ومع ذلك، بدا واضحا ان وزراء المالية والاقتصاد ووزراء الخارجية الخليجيون فشلوا في اجتماعاتهم السبت والاحد تمهيدا للقمة في اذابة الجليد بين البلدين رغم تخلي المملكة عن مطالبة بتعديل الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بين دول المجلس.
وقد اكتفت الرياض بتسجيل "تحفظ" على توجه شركائها في المجلس للتفاوض على توقيع اتفاقات للتجارة الحرة مع واشنطن.
واكد وزير الاعلام البحريني نبيل الحمر في تصريحات صحافية الاحد ان "الموضوع حسم"، موضحا ان "خمس دول خليجية اتفقت على المضي في اتفاقيات التجارة الحرة" مع الولايات المتحدة.
واضاف ان "هناك تحفظا (سعودي) ونقدر هذا التحفظ. المملكة السعودية اكتفت بتسجيل تحفظها لكن هناك مساعي لاقناع السعودية بان هذه الاتفاقية لن تضير بل تصب في مصلحة الجميع".
من جهة اخرى، قال وزير الخارجية الكويتي في تصريحات في الكويت قبل التوجه الى المنامة ان "الثوابت متفق عليها اما الوسائل فهناك من يعتقد ان التفاوض الثنائي يحقق المصلحة للجميع وهناك من يرى ان التفاوض الجماعي هو الذي يحقق المصلحة".
لكنه اشار الى ان "الامر مختلف في وضع الولايات المتحدة تحديدا"، موضحا ان واشنطن اعلنت عدم استطاعتها عقد اتفاق جماعي مع الدول الخليجية لاقامة منطقة تجارة حرة "لذلك نحن كدول مجلس للتعاون اتفقنا على ان نتفاوض ثنائيا معها في هذا الشأن".
وسيناقش القادة الخليجيون قضايا امنية وسياسية واقتصادية عدة من بينها خصوصا الارهاب والشرق الاوسط والتكامل الاقتصادي الخليجي.
وقبل يوم واحد من القمة، دعت أربع جمعيات حقوقية خليجية قادة دول المجلس إلى "تفعيل مبادئ حقوق الإنسان" و"الإسراع في الإصلاح السياسي والدستوري" في الدول الست الأعضاء فيه (السعودية والكويت وقطر والبحرين والإمارات العربية وسلطنة عمان).
ولقيت هذه الدعوة صدى لدى صحف البحرين التي أكدت اليوم الاثنين على ضرورة أن يمنح القادة الخليجيون دورا اكبر لشعوبهم.
وأعربت صحيفة "الأيام" في افتتاحيتها عن الأمل "في أن يتم العمل على دعم مسيرة التعاون من خلال إطلاق العنان للعمل الخليجي بكل الشفافية ليأخذ مساره في تحقيق طموحات أبناء المنطقة وهذا ما نرجوه للمجتمعين في البحرين".
من جانبها قالت صحيفة "الميثاق" في افتتاحيتها "من المؤمل من قادة المجلس أن تكون قراراتهم منطلقة من أهداف ومصالح الشعوب الخليجية أو بالأحرى الشعب الخليجي على اعتبار أننا نهدف إلى خلق كيان خليجي موحد".
وازدانت العاصمة البحرينية، التي تشهد طقسا باردا وصافيا، بالورود واعلام البحرين والسعودية والامارات والكويت وقطر وسلطنة عمان التي تشكل مجلس التعاون الخليجي لاستقبال الزعماء الخليجيين.
كذلك لوحظ تشديد نسبي للاجراءات الامنية في المنامة حيث انتشر جنود ورجال شرطة مسلحون في التقاطعات الرئيسية للطرق التي تسلكها الوفود المشاركة في القمة.