العراق يدفن ضحايا كارثة جسر الائمة وسط مساع للمصالحة

تاريخ النشر: 02 سبتمبر 2005 - 07:48 GMT

وارى العراقيون الجمعة معظم ضحايا كارثة جسر الائمة في مدفن تبرع به رجل الدين الشيعي المتشدد مقتدى الصدر في مقبرة النجف وسط العراق، فيما فشلت مساعي لتنظيم مسيرة للوحدة لمحاولة التقريب بين الطائفتين.

وكان السنة والشيعة يخططون لتنظيم مسيرة مشتركة في بغداد اظهارا للوحدة في علامة على ان هذه الكارثة قد تصبح حافزا للمصالحة بين اكبر طائفتين دينيتين في العراق.

ولكن رغم توافد اعداد من ابناء الطائفتين على مسجد ام القرى لاداء صلاة الجمعة معا كان السنة يفوقون الشيعة عددا بكثير ورغم دعوات زعماء الجانبين لم تفلح محاولات تنظيم المسيرة.

ونجمت الكارثة عن تدافع جراء مخاوف من تواجد مفجر انتحاري بين حشد ضخم كان متوجها الى احتفال ديني.

وقدر المسؤولون عدد القتلى بنحو 965 في اكبر خسارة في الارواح يشهدها العراق في حادث واحد منذ غزو البلاد في اذار/مارس 2003.

وكان معظم القتلى من النساء والاطفال والمسنين الذين قضوا تحت الاقدام في التدافع او غرقوا عندما اجتاحت الجموع حالة من الذعر بسبب شائعات بوجود انتحاري بينهم.

وقال حسين شكر الذي يدير احدى مؤسسات دفن الموتى في مدينة النجف (160 كلم جنوب بغداد) حيث يدفن غالبية شيعة العراق موتاهم "لم يعمل حفارو القبور ابدا بهذا القدر".

من جهته قال وارد جشعمي الذي يعمل ايضا في هذه المؤسسة "اضطررنا الى جعل الكثيرين ينتظرون".

ومنذ ساعات الصباح الاولى الخميس توالت المواكب الجنائزية في النجف واتبعت جميعها مسارها المعتاد: ضريح الامام علي مع قبته المهيبة بصفحائها الذهبية ثم مقبرة وادي السلام التي لا تبعد عن الضريح اكثر من بضع مئات الامتار.

ويتم ادخال النعوش المحمولة على الاكتاف الى داخل ضريح الامام حيث يطوف حاملوها حول المرقد قبل ان يتوجهوا الى المقبرة وسط نواح النسوة المفجوعات وبكاء الرجال بصمت والتكبيرات التي تنطلق بين حين واخر.

وخصص تيار الصدر قطعة ارض في المقبرة للضحايا الذين كانوا يقطنون مدينة الصدر وهي حي شيعي فقير في بغداد اذ ان عددا كبيرا من الضحايا كانوا من هذا الحي.

وقال مالك السرجاوي الذي كان يشرف على عملية حفر القبور في ارض المقبرة الرملية ممثلا تيار الصدر "انها ماساة لا توصف ونامل نحن الشيعة وقد اعتدنا على الموت ان تكون هذه آخر المآسي".. واضاف "لقد تبرع السيد مقتدى الصدر بقطعة الارض هذه للشهداء" مشيرا بيده الى مساحة طولها حوالى 50 مترا وعرضها حوالى اربعين فيما كان متطوعون من جيش المهدي وهي ميليشيا الصدر يقومون بحفر القبور تحت شمس حارقة.

وتكفل تيار الصدر بتكاليف الجنازات مما يبرهن مرة اخرى عن مدى تنظيم هذا التيار ومدى ولاء اتباعه لمقتدى الصدر الذي خاض مواجهة مسلحة مع القوات الاميركية في الصيف الماضي.

ومقتدى الصدر هو نجل آية الله محمد صادق الصدر الذي كان رمزا للشيعية الثورية والذي قتل ابان حكم الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين.

وخيم الحزن والهدوء على المدينة التي وضعت تحت مراقبة مشددة بسبب المخاوف من تنفيذ اعتداءات فيما وضعت جميع اجهزة التلفزيون في المحلات والفنادق المخصصة للزوار على قناة الفرات التابعة للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق الحزب الشيعي النافذ الذي يشارك في الحكم.

وكان جرى في انحاء مختلفة من العراق الخميس تشييع العديد من ضحايا حادث التدافع على جسر الائمة خصوصا في مدينة الصدر في بغداد التي اتشحت بالسواد.

وجرح في الحادث 815 شخصا لا يزال نحو 200 منهم يعالجون في المستشفيات طبقا للمسؤولين.

ونصبت مئات خيم العزاء في شوارع الاحياء الشيعية وسط العاصمة بغداد فيما واصل العديد البحث بين الجثث في المستشفيات عن احبائهم المفقودين. وقال محمد جعفر "انا ابحث عن ابني بين الجرحى منذ امس لكنني عثرت للتو على جثته في المشرحة ..".

وقال الناطق باسم الحكومة العراقية ليث كبة في مؤتمر صحافي ان هناك توجيها من رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري بتشكيل "لجنة قضائية عليا لبحث ملابسات حادث جسر الائمة". كما امر الجعفري بتقديم مبلغ ثلاثة ملايين دينار (2055 دولارا) لكل عائلة من عائلات الضحايا وسوف يتم النظر بتقديم مساعدات اخرى وفق المسؤولين العراقيين.