القرم في احضان روسيا: اوربا تفرض عقوبات واوباما يتوعد بالمزيد

تاريخ النشر: 17 مارس 2014 - 04:40 GMT
اعتماد سكان القرم على روسيا في هذه الظروف العصيبة له أسباب
اعتماد سكان القرم على روسيا في هذه الظروف العصيبة له أسباب

منذ اندلاع الأزمة في أوكرانيا في نوفمبر /تشرين الثاني الماضي كان شبح التفكك يحوم فوق البلاد، نتيجة احتدام التناقض الجوهري بين تصاعد النزعة القومية الأوكرانية، ومصالح غالبية سكان المناطق الشرقية والجنوبية المنتمية لغويا وثقافيا إلى الفضاء الروسي. وقد بلغ هذا التناقض ذروته بعد انقلاب 22 فبراير /شباط الماضي الذي أرغم الرئيس الأوكراني الشرعي فيكتور يانوكوفيتش على مغادرة البلاد، وحمل إلى الحكم في العاصمة كييف تحالفا من الأحزاب والتيارات المعارضة، لعب فيه التيار القومي المتشدد دورا بارزا منذ بدء الأحداث في "ميدان الاستقلال". تيار لم يخف ممثلوه أبدا أنهم يعتبرون أنفسهم "أحفاد" أولئك القوميين الأوكرانيين الذين حاربوا الجيش الأحمر خلال الحرب العالمية الثانية جنبا إلى جنب مع المحتلين النازيين، كما لم يخفوا كراهيتهم لروسيا وكل ما هو روسي في أوكرانيا. وإذا كان بعضهم يحظى بالتمثيل الشرعي في البرلمان (كحزب "الحرية" بزعامة أوليغ تياغنيبوك)، فإن الجزء الآخر منهم نشط تحت اسم تنظيم "القطاع الأيمن" كقوة ضاربة في اشتباكات مع عناصر الشرطة خلال أحداث الميدان، إضافة إلى مشاركتهم في الاستيلاء على المباني الحكومية ومخازن الأسلحة في مدن غرب أوكرانيا ووسطها.

اعتماد سكان القرم على روسيا في هذه الظروف العصيبة له أسباب خاصة، وذلك نظرا لتاريخ هذه المنطقة التي كانت جزءا من روسيا منذ ضمها لإمارة القرم على أثر الحرب بين الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية عام 1783.بعد انهيار النظام القيصري في روسيا والثورة البلشفية عام 1917 باتت شبه الجزيرة جزءا من روسيا السوفييتية حتى عام 1954، حين وضعت تحت إدارة الجمهورية الأوكرانية السوفييتية المجاورة بقرار الزعيم السوفييتي الأسبق نيكيتا خروشوف. قرار لا تزال دوافعه غامضة حتى يومنا هذا، لكنها لم تكن سياسية في أي حال من الأحوال، إذ لم يكن لخروشوف – أن يتصور نهاية الدولة السوفييتية.بعد انهيار الاتحاد السوفييتي نال الإقليم صفة جمهورية ذاتية الحكم نص دستورها الأول (1992) على أنها "دولة ذات سيادة" واسعة الصلاحيات (بما في ذلك ممارسة السياسة الخارجية الخاصة بها)، ولها رئاسة وبرلمان. صفة حرمت القرم منها عام 1995 مع سنّ أوكرانيا لقانون ألغى دستور الجمهورية وعددا من قوانينها. ومنذئذ كانت تطلعات الجالية الروسية الأكبر عددا في القرم (والممثلة بعدد من الحركات السياسية) إلى استعادة الوضع القانوني السابق، ناهيك عن فكرة إجراء استفتاء جديد حول إمكانية عودة الجمهورية إلى نطاق روسيا الاتحادية، تواجه معارضة شديدة، بل قمعا أمنيا ضد النشطاء الروس من قبل السلطات المركزية في كييف.
اوباما يتوعد بالمزيد

هدد الرئيس الأميركي باراك أوباما روسيا الاثنين بمزيد من العقوبات والعزلة الدولية بعدما أصدر أمرا تنفيذيا بحظر تأشيرات سفر لمسؤولين روس بسبب التدخل الروسي في إقليم القرم.

وقال أوباما في مؤتمر صحفي إن الولايات المتحدة بالتعاون مع حلفائها ستتخذ مزيدا من العقوبات بما يؤثر على اقتصادها إذا لم تتراجع عن خطواتها التصعيدية في القرم.

وأضاف: "سنعزل روسيا دوليا إن استمرت بسياستها الراهنة". وأوضح أوباما أن طبيعة الخطوات الأميركية ستتحدد بناء على التصعيد الروسي. وأكد الرئيس الأميركي في الوقت ذاته أن الحل الدبلوماسي للأزمة الأوكرانية لا يزال ممكنا. وأكد أن المجتمع الدولي لن يعترف بضم روسيا لإقليم القرم الأوكراني.

وكان أوباما قد أصدر في وقت سابق الاثنين عقوبات تستهدف منع السفر وتجميد أصول 11 مسؤولا روسيّا من بينهم مستشاران رفيعان للرئيس فلاديمير بوتن بالإضافة إلى الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش.

عقوبات أوروبية

كما اتخذ الاتحاد الأوروبي خظوة مماثلة شملت منع السفر وتجميد أصول 21 مسؤولا روسيا على أن يتبع ذلك "المزيد من الإجراءات مستقبلا".

وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إن الاتحاد سيوقع بعد أيام اتفاق شراكة مع أوكرانيا وسيعطيها تفضيلات تجارية وسيدعمها على مستوى الطاقة والاقتصاد.

وذكرت أن الاتحاد يدعم إرسال بعثة من المراقبين إلى أوكرانيا، موضحة أنه على استعداد إلى دعم الحوار بين روسيا وأوكرانيا من أجل إنهاء تلك الأزمة.

وكان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ قال إنه واثق من أن الاتحاد الأوروبي سيصعد من ضغوطه على روسيا لدورها في انفصال منطقة القرم الأوكرانية، بفرضه عقوبات على من لهم صلة.

وقال هيغ إنه على ثقة تامة من التوصل الى إتفاق حول قائمة المسؤولين الذين ستفرض عليهم عقوبات، وألمح إلى احتمالية اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد روسيا في قمة قادة الإتحاد التي تبدأ أعمالها يوم الخميس المقبل.

وكان برلمان جمهورية القرم أعلن استقلال شبه الجزيرة عن أوكرانيا وطلب الانضمام إلى روسيا رسميا مؤكدا تأميم جميع أملاك الدولة الأوكرانية فيها، في الوقت الذي تعالت فيه أصوات القوى الغربية بالتنديد والتهديد بفرض عقوبات.

وغداة الفوز الساحق لأنصار الانضمام إلى روسيا في الاستفتاء الذي جرى في القرم، صوت النواب الـ85 بالإجماع على إعلان جاء فيه "أن جمهورية القرم تدعو الأمم المتحدة وجميع دول العالم إلى الاعتراف بها كدولة مستقلة".