دعت المانيا الى نقل كامل للسلطة في العراق غداة بدء مجلس الامن بحث مشروع قرار اميركي بريطاني يقر بمنح السيادة لحكومة انتقالية وبوجود قوات اجنبية في هذا البلد لكن دون تحديد موعد لانسحابها. ويتزامن طرح المشروع مع بدء الرئيس الأميركي جورج بوش تحركات مكثفة لاعادة الثقة بسياسته في العراق.
وحث المستشار الالماني جيرهارد شرودر الولايات المتحدة الاثنين على المضي قدما في نقل كامل للسلطة لحكومة انتقالية عراقية بما في ذلك السيطرة على الموارد والامن.
وقال شرودر للصحفيين مشيرا الى قضايا السيطرة على الموارد والامن "عندما أتحدث عن نقل السيادة فانا أعني ذلك. المسؤوليات يجب ان تعلن بشكل مباشر."
وأضاف انه بغير ذلك لن تكون هناك سيادة وأعرب عن شكوكه في أن يزيد وجود حلف شمال الاطلسي مستوى الامن وناشد الدول الاسلامية المشاركة في قوة محتملة للامم المتحدة في العراق.
واقترحت المانيا وغيرها تشكيل "مجلس أمن وطنى" عراقي يضم زعماء حكوميين والقيادة المركزية الاميركية لحل النزاعات المتعلقة بالعمل العسكري.
وقال شرودر ان المانيا والولايات المتحدة متفقتان على الرغبة في تحقيق الاستقرار في العراق وان الخلاف على ما اذا كان للحرب ما يبررها أصبحت مسألة تتعلق بالتاريخ.
وأدت معارضة ألمانيا الشديدة لشن الحرب على العراق الى توتر العلاقات بين برلين وواشنطن.
وقال وزير الخارجية يوشكا فيشر ان المانيا لن تعطل اضطلاع حلف شمال الاطلسي بدور في تحقيق الاستقرار في العراق اذا قرر الحلف القيام بذلك رغم أنه تساوره "شكوك عميقة" حول هذه الفكرة.
قرار لا يحدد موعدا لسحب القوات الاجنبية
وتاتي الدعوة الالمانية لنقل السلطة بالكامل الى حكومة عراقية انتقالية مع بدء مجلس الامن الدولي بحث مشروع قرار تقدمت به الولايات المتحدة وبريطانيا ويقر بمنح السيادة لمثل هذه الحكومة، وببقاء القوات الاجنبية في العراق عاما اخر بعد نقل السلطة، لكنه لا يحدد موعدا لانسحاب هذه القوات.
ويتضمن مشروع القرار الذي وزع على الاعضاء الاثنين تشكيل "حكومة مؤقتة ذات سيادة" تتولى السلطة يوم 30 حزيران/يونيو ويقول ان الحكومة "ستتولى المسؤولية والسلطة لادارة شؤون عراق يتمتع بالسيادة."
وتعريف السيادة من أكثر المسائل المثيرة للجدل في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن الى طمأنة أعضاء مجلس الامن الى أنهم لن يطلب منهم اقرار احتلال حتى تحت مسمى اخر.
وأبلغ السفير البريطاني ايمير جونز بيري الصحفيين أن القرار "يؤكد بوضوح ان السيادة الكاملة ستعاد للعراقيين وأن الحكومة العراقية المؤقتة ستتولى المسؤولية الكاملة عن سيادتها."
لكن من المتوقع أن يتعرض نص مشروع القرار لانتقادات من جانب فرنسا والمانيا وروسيا وغيرها. فهو لا يتضمن جدولا زمنيا محددا لنشر القوات التي تقودها الولايات المتحدة بل يدعو الى مراجعة وجودها بعد عام وهو ما قد تطلب الحكومة العراقية تقديم موعده.
والمراجعة ستكون بمثابة تفويض غير محدد المدة ولن تعني ان القوات ستغادر البلاد ما لم يصدر مجلس الامن الذي تتمتع الولايات المتحدة بحق النقض (الفيتو) فيه قرارا بذلك.
وعلى عكس المتوقع لا يتضمن مشروع القرار بندا يسمح للقوات العراقية برفض قيادة الجيش الاميركي لها. بل يدعو الى ترتيبات "لضمان التنسيق بين الاثنين."
وقال دبلوماسيون انه فور تشكيل حكومة عراقية جديدة سيمكن لقادتها تبادل الخطابات مع قيادة الجيش الامريكي ومجلس الامن بشأن الترتيبات العسكرية.
ولم يذكر المشروع كذلك شيئا عن السجون التي تديرها الولايات المتحدة وقوات أخرى أو عن مصير المحتجزين حاليا أو من سيحتجزون في المستقبل.
وفيما يتعلق بالنفط يقول المشروع ان العراق سيسيطر على عائدات نفطه. لكنه سيبقي على مجلس استشاري دولي يراقب الحسابات لطمأنة المستثمرين والمانحين بأن اموالهم تنفق دونما فساد.
ويقضي قرار مجلس الامن الصادر في ايار/مايو 2003 بعد سقوط حكم صدام حسين بأن توضع جميع عائدات بيع النفط والغاز العراقية في حساب خاص يحمل اسم صندوق تنمية العراق تسيطر عليه سلطة التحالف المؤقتة التي تقودها الولايات المتحدة في العراق.
ويدعو الاجراء الجديد كل الدول الاعضاء في الامم المتحدة لاتخاذ خطوات لضمان عدم رفع دعاوى قضائية ضد العراق أو أي من شركاته الحكومية لمدة 12 شهرا.
وسيسمح مشروع القرار باستيراد الاسلحة سواء من جانب القوة متعددة الجنسيات أو الحكومة العراقية.
حملة مكثفة لبوش
ويترافق تقديم مشروع القرار الجديد الى مجلس الامن مع بدء الرئيس الأميركي جورج بوش سلسلة من التحركات واللقاءات الدبلوماسية الرامية الى اعادة الثقة في سياسته في العراق.
ويستهل بوش هذه التحركات بخطاب يلقيه في وقت لاحق الاثنين في الاكاديمية العسكرية في كارلايل (بنسلفانيا، شرق) لاعلان "استراتيجية واضحة عن افضل طريقة للتقدم" من اجل نقل السيادة الى العراقيين في 30 حزيران/يونيو.
وسيضاعف بوش في حزيران/يونيو لقاءاته مع قادة دول العالم حيث يفترض ان يكون العراق على رأس القضايا المطروحة في المحادثات.
وسيزور خصوصا ايطاليا وفرنسا ثم يستضيف مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى (المانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وايطاليا واليابان وروسيا) في قمة ستعقد من الثامن الى العاشر من حزيران/يونيو في جورجيا (جنوب شرق).
وفي نهاية حزيران/يونيو سيتوجه الى ايرلندا لحضور القمة السنوية بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ثم الى تركيا للمشاركة في قمة حلف شمال الاطلسي.
والى جانب قضية تعذيب المعتقلين العراقيين في سجن ابو غريب تواجه الادارة الاميركية جدلا حادا مع السياسي العراقي احمد الجلبي الذي كان يتمتع بحماية وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ومتهم اليوم بنقل معلومات سرية الى ايران.
لكن الجلبي نفى اليوم بشدة هذه المعلومات.
واثارت هذه القضية من جديد التساؤلات حول الثقة التي اولتها الادارة الاميركية لبعض المعارضين العراقيين المتهمين اليوم بتسميم معلوماتها بشأن اسلحة الدمار الشامل العراقية او بالتواطؤ مع نظام طهران.
وقبل ستة اشهر من الانتخابات الرئاسية تشير استطلاعات الرأي الى تراجع كبير في شعبية بوش يعكس القلق من استمرار الصعوبات العسكرية والسياسية في العراق.—(البوابة)—(مصادر متعددة)