على مدار عام كامل كان المركز العربي للخدمات السمعية والبصرية ، كما في كل عام ، يعد برنامجه الدرامي لشهر رمضان المبارك بمسلسلات راعت التنوع ما بين التاريخي والمعاصر ، والجاد والكوميدي الهادف ، من دون أن يغفل تناول قضية معاصرة ملحة تشغل وقت الناس جميعا في العالم العربي الكبير ، بأبعد من النظرة الآنية المستعجلة .
ولقد أخذت الأعمال ، كما شأن جل أعمال المركز العربي ، مداها في التحضير والإعداد ، بالرجوع إلى المادة التاريخية من مصادر متعددة ، أو دراسة ظاهرة معاصرة بأكثر من قراءة لا تتنافر فيها النتائج على نحو يُظهر نتيجة تفترق عن المشترك في عقل المشاهد العربي . والأهم من كل ذلك أن الأعمال قد أخذت أبعد من الوقت المفترض تنفيذا بهدف استيفاء النص كافة العوامل الحقيقية التي تجعل منه عملا مرئيا يضاهي الواقع مهما أوغل في الماضي ، أو التصق باللحظة الراهنة ، أو استشرف مستقبلا متوقعا . وبذلك تغيب عن هذه الأعمال صفة الاستعجال للحاق بموسم شهر رمضان كما درجت العادة ..
غير أن ذلك كله لم يكن ليتأتى لولا السخاء الإنتاجي الذي وفر كل فرص النجاح للمخرجين والمنفذين بدءا من النص الذي يتم تقديره والاحتفاء به عبر إيجاد معادل بصري له يجعل دخوله إلى عقل المشاهد الباطن أمرا يسيرا ، وذلك بخلق مناخ يحاكي النسخة الأصلية لذلك الزمان .
في هذا العام أعد المركز خمسة أعمال درامية ضخمة تجسد الانتاج التلفزيوني الضخم هي : المرابطون والاندلس ، آخر أيام اليمامة ، الشمس تشرق من جديد ، الطريق الوعر ، وشو هالحكي
في المرابطون والاندلس. يحاول العمل الإجابة على سؤال يتبادر إلى الذهن، في استحضار ، حقبة من أكثر حقب التاريخ العربي الإسلامي تميزاً ، وأشدها إضطراباً .. وكانت ذات تأثير واسع وعميق ، في فترتها ، وفي المسار التاريخي ، وبعدها..وهو محاولة جادة وواعية من جمال ابو حمدان مؤلفا وناجي طعمي مخرجا.
وهي الفترة العاصفة ، في تاريخ الأندلس ، والتي أدت عواصفها العاتية ، إلى تفتت دولة الأندلس الواحدة القوية إلى ممالك ودويلات متصارعة ، متناحرة فيما بينها ، تكيد كل منها للأخرى .. مما أعطى للإسبان المتربصين بالأندلس المسلمة ، فرصة الإنقضاض عليها ، فيما يسمى بحروب الاسترداد، والتي مهدت فيما بعد للحروب الصليبية في المشرق...
وعلى الجانب الآخر ، للبحر الأبيض المتوسط، كانت لعواصف التاريخ منحى آخر.. إذ راحت القبائل المتناحره المتصارعة في المغرب ، تتداعى أمام حركة الجهاد التي انطلقت من رباط عبدالله بن ياسين .. ثم تتوحد ثانية ، تحت راية الإسلام وتحول كلمة الله، لتنشأ دولة المرابطين..... التي لم يعرف النابعة من تمسكها بشرع الله وسنة نبيه.
بين هذه المحاور الثلاثة ، تدور أحداث هذا العمل ، المشحون بالدلالات والدروس التاريخية .
دولة تعصف بها الفرقة وتنهار وتتفتت إلى دويلات ضعيفة ، هزيلة ، لابتعادها عن الثوابت والمبادئ التي قامت عليها، في حقبة مجدها وإزدهارها .. وإنحلالها والسياسي والديني والإجتماعي وتذللها لعدوها الطامع بها، والساعي إلى زوالها وهو ما آلت إليه الأندلس في تلك الحقبة من التاريخ.
ثلاثة محاور تبدو في البداية متباعدة لكنها تتقارب عبر الأحداث التاريخية وتحتك ثم تندمج في معركة الزلاقة واحدة من أشهر معارك التاريخ الإسلامي في مجرياتها وآثارها.
الزلاقة ليست معركة عادية فهي معركة المصير... فلانها حقاً حددت مصير الأندلس ... فبعد أن كانت الأندلس مقضياً عليها بالزلازل، تحت ضربات الأسبان ، وحروب الاسترداد، جاءت هذه المعركة الفذة .. وبقيادة القائد التاريخي الفذ يوسف بن تاشفين ، لتمد في عمر الدولة الأندلسية ، وإبقاءها إسلامية لمئات السنين من عمر التاريخ .
يشارك في العمل نخبة من الممثلين الاردنيين والسوريين من الاردن ,وائل نجم نبيل المشيني هشام هنيدي محمد القباني زهير النوباني منذر رياحنة محمد المجالي علي عليان عبد الكريم القواسمي احمد العمري انور خليل ومن سوريا سامر المصري باسم ياخور مرح جبر رضوان عقيلي عبد الهادي الصباغ عابد فهد سلوم حداد سهيل جباعي سعد مينة ديما الجندي نادين من تونس فتحي الهداوي ومن السعودية حسن العسيري من لبنان رفيق علي احمد عمار شلق الن زغبي من المغرب فاطمة بالخير سهام اسيف رشيد الوالي محمد العاطفي فدوى المامون .
في آخر أيام اليمامة نجد محاولة جادة وواعية من المؤلف جمال ابو حمدان لاستحضار التاريخ العربي واستقراؤه من منطلق ان التاريخ قد يكرر نفسه بمآسيه .
وعلى الرغم من ان حكاية اليمامة ظلت مخبوءة في ثنايا التاريخ بتواضع فان اخراجها اليوم الى الضوء ،يقدم عبرة عميقة الدلالة ، من الماضي البعيد للعرب في حاضرهم المعاش.
والعمل الذي يخرجه أحمد دعيبس هو قصة مملكة اليمامة في مرحلتي ازدهارها وانهيارها المفجع والصراع غير المجدي بين القبيلتين العربيتين الكبيرتين طسم وجديس ، فقد وقعت اليمامة في حمأة هذه الصراعات لكنها ظلت محافظة على استقلالها وازدهارها لزمن طويل الى ان حلت فيها افة الظلم والتجبر واستشرى بين اهلها وباء الفرقة والتنازع والتناحر .
وقد استطاعت القبيلتان ساكنتا اليمامة التي تتخذ في التاريخ اسماء الحجر وعاصمتها "جو" ان تجعلا من هذه المملكة اكثر ممالك زمانها تحضرا وازدهارا وخصبا وثراء.، الى ان تتصاعد حالة الفرقة والتمزق بين القبيلتين الناتجة عن الظلم وافتقار العدالة والتجبر والهيمنة وفهر فئة لفئة دون حق.
والعمل أيضا محاولة جادة ، من قبل الكاتب جمال أبو حمدان ، تتمثـل محنـة الـواقـع العربي والاسلامـي الراهنـة وان آفـة التنـازع والتنـاحـر الداخلـي ، فـي المجتمع ، بعنـاصـره واسسـه السياسيـة والاقتصـاديـة والاجتماعيـة...
فـرغـم الاتكـاء علـى ذهنيـة المـؤامـرة ، ونقصـد هنــا المؤامـرة الخارجيـة ، الا أن التآمـر والأطمـاع الخارجيـة ، لا تنفـذ الى تحقيق أهـدافهـا وغاياتهـا في القضـاء على الامـة العربيـة والاسـلاميـة ، او اضعـافهـا والهيمنـة عليهــا ، الا عبـر الفـرقـة والتنـازع والتنـاحـر داخـل المجتمـع والاقطار والامة العربيـة والاسلامية برمتها ..
ويقوم بأداء الأدوار فيه نخبة من الفنانين الأردنيين والسوريين مثل : مي اسكاف ، فايز قزق ،غسان مسعود،زهير النوباني ،صبا مبارك.
وربّما قد يسجل لمسلسل " الطريق الوعر " ريادته في إعادة تصويب مجرى صورة الإسلام السمحة في ظل الاضطراب الذي اعتراها نتيجة المفاهيم الدخيلة التي ألصقها به جماعات ألبست نفسها رداء الإسلام لتلتبس الرؤي في غير قاعدة شرعية في الدين الحنيف ، ولعل الأخطر في حرْف مفهوم الجهاد الذي تجلى في الفتوحات الإسلامية ، عن مساره الأخلاقي من قبل مشوهي الفكر والرؤيا الذين يعملون في خندق مجاور لأعداء الأمة والمتربّصين بها ..
والعمل الذي يخرجه شوقي الماجري ، من حيث الشكل العام يأخذ الطابع و الشكل الحضاري الحالي لمجتمعنا العربي ضمن مدينة عربية " افتراضية " تصلح لأن تكون في أي دولة في المجتمع العربي الكبير . ومن خلال شخصية مراسل صحفي كان يغطي احداث افغانستان قبل التدخل الامريكي تدور الاحداث بشكل متقاطع متوازي لحياة هذا المراسل الصحفي و من هم حوله و حياة جماعة متطرفة تعد العدة لتنفيذ عملية تفجير ضخمة لأحد المجمعات السكنية في المدينة "الافتراضية".
تلقي الصدفة بالمراسل الصحفي بين براثن هذه الجماعة المتطرفة حين يراه احدهم في الشارع و يتذكره فيتم الاتفاق بين افراد هذه الجماعة و بمباركة اميرها على التخلص من المراسل الصحفي الذي اعتبروه صوتاً من اصوات الكفر و الشر التي تنعق ضدهم بعد ان تولى مهمة فضح تفكيرهم المنغلق بسبب ما يقومون به من اعتداءات على الابرياء ، تنفذ العملية بتفخيخ سيارته و لكنه ينجو منها و يذهب ضحية لهذه العملية ثلاثة اطفال و تتشوه امهم التي تكون صديقة زوجة المراسل الصحفي و تستعير سيارته بغية توصيل ابناءها الى المدرسة .
و في خط درامي آخر نرى العلاقة بين أفراد هذه الجماعة المتطرفة و ما يشوبها من قلق دائم يتحول احياناً الى عنف أو قتل للآخر او حتى للنفس ، و يتفرع من هذا الخط خطوط درامية أخرى تتعلق بعلاقات أفراد هذه الجماعة المتطرفة بعائلاتهم و معارفهم لنجد انهم لا يقيمون وزناً لرابطة الدم حيث يكون الأخ مستعداً لقتل اخيه بدم بارد اذا تطلب منه ذلك .
و من الخطوط الدرامية الهامة التي تناقشها احداث المسلسل عبر حلقاته الثلاثين هو التأثيرات النفسية للعمليات التي تقوم بها الجماعات المتطرفة سواء كان هذا التأثير النفسي على مرتكبي العملية او على الضحايا الذين ينجون من الموت لكنهم يعيشون ما تبقى من حياتهم على ذكرى هذا الحادث الأليم .
ويأتي اختيار المركز العربي الكاتب الكبير جمال أبو حمدان الذي امتاز بكتابة العديد من الاعمال الضخمة و المميزة بداية بذي قار مروراً بزمان الوصل، امرؤ القيس ، الحجاج ، شهرزاد و كان اخرها الطريق الى كابُل ، للتصدي لهذا الموضوع الشائك ثقة كبيرة بالكاتب المعروف جمال ابو حمدان الذي استعد لهذا العمل الضخم من خلال جهود مضنية وحثيثة استمرت على مدى الاشهر الماضية بعد ان استوفى كافة متطلبات البحث والاعداد المرجعي المحترف لهذه المرحلة الهامة والحساسة من واقعنا العربي .
و يصل عـدد الشخصيـات الرئيسية وشبـه الرئيسية إلـى أكثر من مئة شخصية ممثلة عــدا عــن الكومبـارس ومن أكثر من دولة عربية " سوريا ولبنان وتونس والمغرب والأردن حيث يقوم بالبطولة الممثلون :
عباس النوري
باسم ياخور
غسان مسعود
وائل نجم
نجاح سفكوني
هناء نصور
رنا الأبيض
قاسم ملحو
إياد نصار
سهيل جباعي
ناريمان عبد الكريم
ناديا عودة
ياسر المصري
مارغو حداد
محمد المجالي
محمد الابراهيمي
أحمد العمري
جيني اسبر
عبد الكريم الجراح
علي عليان
لونا الحسن
علاء الجمل
خالد الغويري
رائد عودة
علي المومني
مازن جباعي
جمال مرعي
يوسف كيوان
يزن سليم
ضيوف الشرف
عاكف نجم
مانيا النبواني
ديانا رحمة
زهير حسن
رفعت النجار
عثمان الشمايلة
وفاء العبدالله
عايدة يوسف
يوسف يوسف
علي عبد العزيز
أنور خليل
ابراهيم أبو الخير
ربيع زيتون
في " الشمس تشرق من جديد " الذي يخرجه المخرج المعروف هيثم حقي قد تبدو المواضيع للوهلة الأولى مشابهة لما تم معالجته سابقا لكن جرأة الطرح واسلوبيته الجديدة في المعالجة و اقترابه من المشاكل اليومية التي تؤرقنا كأفراد داخل مجتمعاتنا الكبيرة الصغيرة ، و الدخول الفعلي إلى عمق هذه المشاكل و سبر أعماقها و كشف كل ملابساتها و الدوافع التي أدت لها هو ما حثنا على المضي قدماً في هذا المشروع .. لكن العمل الذي كتبته أمل حنا وعلى مدى ثلاثين حلقة يعالج يوميات نمر بها و لا نلتفت إليها كوننا سلمنا بأنها أمر واقع لا محالة و يصعب تغييره . العلاقات بين البشر ، نظرة المجتمع الى المرأة ، اللامبالاة و فقدان الحس بالمسؤولية ، صعوبة التعامل مع المعاقين وصعوبة إندماجهم في المجتمع ، العلاقات الرومانسية و فهمها الخاطىء ، الإندفاع وراء العاطفة دون العقل .. الخ .
يشارك في العمل نخبة من الممثلين السوريين "عبد الهادي الصباغ و عابد فهد ومن الاردن الفنانة صبا مبارك التي تركت اثرا واضحا في اعمالها التلفزيونية السابقة كما يشارك في العمل الفنانة الكبيرة منى واصف ومي اسكاف وسهيل جباعي وندين تحسين بك وعدد آخر من الممثلين .
أما مسلسل " شو هالحكي " للمخرج للمخرج ناجي طعمي فيعتمد اسلوب اللوحات القصيرة غير المترابطة، بحيث تصبح الحلقة الواحدة منه مجموعة من الحلقات الصغيرة التي تحمل فكرة وكياناً دراميين مستقلين. وتطرح المواضيع بشكل كوميدي هادف وتناقش أحوال المواطن العربي ضمن نطاق حالته ومجتمعه وبيته وتعالج ما يتعرض له المواطن المهمش المستهدف من تداعيات مشاكل ومواقف يومية بطرافة وخفة ظل.
تتفاوت الكوميديا التي يقدمها العمل من لوحة إلى أخرى وهذا ما يساعد على خروجه بصورة مميزة تتيح للمشاهد التنقل عبر اللوحات بين أساليب كتابة كوميدية مختلفة ضمن رؤية إخراجية موحدة.
ويشارك في العمل نخبة من الممثلين الأردنيين والسوريين منهم: محمود صايمة، وأندريه سكاف، وعبد الهادي الصباغ، وسامر المصري، وشكران مرتجى، وعلي عبد العزيز، وأحمد العمري، وهالة عودة، ورنا أبو غالية، ووائل نجم، وعاكف نجم، وناريمان عبد الكريم، وديانا رحمة، وإياد نصار، ومحمد المجالي، وياسر المصري، وعثمان الشمايلة، ويوسف يوسف، ونجلاء عبد الله، ومارغو حداد، ومحمد الشيخ نجيب، ورانيا اسماعيل، وأسماء مصطفى، وسعد الدين عطية، وإبراهيم أبو الخير، وعلي عليان، وعبد الكامل الخلايلة، ومازن عجاوي، وزهير حسن، ومنذر رياحنة ورنا ابيض.