دعت المعارضة السورية الثلاثاء المجتمع الدولي الى "نجدة" الشعب السوري مما يتعرض له من قمع على يد النظام وذلك قبل ساعات من اجتماع مجلس الامن الدولي المنقسم في مسعى لوقف حمام الدم.
وناشد المجلس الوطني السوري، ابرز قوى المعارضة، في بيان "منظمات وهيئات الإغاثة الدولية والضمير العالمي، المسارعة إلى نجدة الشعب السوري الذي يذبح ويقتل ويعتقل ويعذب وسط ظروف لا إنسانية".
واضاف البيان "مع تسارع وتيرة الهمجية التي تعامل بها النظام السوري مع مدنيين عزل وصلنا الآن مرحلة يبدو فيها النظام مصرا على إبادة الشعب السوري بكافة السبل".
وتابع "شعبنا يباد في جريمة انسانية سيظل العالم كله يتذكرها لعقود مقبلة .. لا تكونوا شركاء النظام السوري بصمتكم، فالصمت أحد أدوات القتل.. أغيثوا شعبنا".
وكان المجلس دعا في وقت سابق الى "يوم حداد وغضب" الثلاثاء في سوريا بعد مقتل المئات في تصعيد للقمع.
واوقعت اعمال العنف الثلاثاء 22 قتيلا على الاقل مع عمليات امنية دامية ومعارك بين الجيش النظامي وجنود منشقين انضموا الى حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس بشار الاسد.
وافاد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن خلال اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس "ان النظام يستخدم القوة المفرطة الان في عدة مواقع في سوريا حيث ان العمليات العسكرية والقوة النارية التي يستخدمها النظام هي الاعنف منذ انطلاق الثورة السورية".
من جانبه اعلن قائد "الجيش السوري الحر" العقيد رياض الاسعد ان "خمسين في المئة من الاراضي السورية لم تعد تحت سيطرة" نظام الرئيس بشار الاسد، واصفا العمليات التي يقوم بها الجيش الحر بانها "حرب عصابات" تعتمد على توجيه ضربات الى قوات النظام والانسحاب.
وقال الاسعد في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس الثلاثاء من تركيا ان "خمسين في المئة من الاراضي السورية لم تعد تحت سيطرة النظام، من دون ان يعني ذلك وجود امكانية للجيش الحر بالسيطرة الكاملة على اي منطقة".
واضاف ان "العمليات التي يقوم بها الجيش الحر في سوريا بمثابة حرب عصابات تقوم على توجيه ضربات سريعة الى المواقع الاسدية ثم الانسحاب التكتيكي الى مناطق آمنة".
واوضح ان الجيش الحر "لا يمكنه السيطرة بشكل كامل على اي منطقة، خوفا من حصول تدمير كبير في حال رد النظام باسلحته الثقيلة وبالتالي الحاق مزيد من الضرر بالمدنيين".
وبحسب المرصد قتل ستة مدنيين في محافظة ادلب (شمال غرب) على ايدي قوات الامن بينهم ثلاثة شبان ضحايا كمين لمسلحين موالين للنظام.
وفي المنطقة نفسها، ادى انفجار شاحنة عسكرية الى مقتل جندي على الاقل في اريحا حيث قتل مدني برصاص طائش في معارك بين قوات الامن ومجموعة من المنشقين، وفقا للمصدر نفسه.
وفي منطقة حمص (وسط) قتل 14 مدنيا بينهم سبعة تحت قصف مدافع الهاون في الرستن حيث مني الجيش بخسائر فادحة في الارواح والمعدات بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وتكثفت اعمال العنف في المناطق القريبة من العاصمة. وقال ناشطون ان الضاحية الشمالية الشرقية لدمشق محاصرة ويتمركز جنود خلف سواتر من اكياس الرمل في حين يراقب آخرون السيارات.
وبمحافظة ريف دمشق وتحديدا في بلدة رنكوس التي تبعد 40 كلم عن دمشق، قامت قوات النظام ب"تفجير منازل بعيد خروج سكانها منها" و"تنفذ القوات السورية حملة مداهمات واعتقالات في بلدة رنكوس" المحاصرة، بحسب ناشطين.
وفي محافظة درعا جرت العديد من التظاهرات المناهضة للنظام وشارك آلاف الاشخاص في تشييع جنازة احد القتلى مطالبين باسقاط النظام.
من جانبها ذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) الثلاثاء ان "مجموعة ارهابية مسلحة" استهدفت خطا لنقل النفط في حمص (وسط) فيما اتهمت لجان التنسيق المحلية التي تشرف على الحركة الاحتجاجية قوات الامن بالتفجير.
ومنذ اسبوع قتل ما لا يقل عن 400 شخص في اعمال العنف في سوريا حيث قتل مدنيون برصاص قوات الامن وقتل عسكريون ومنشقون في مواجهات مسلحة باتت تثير مخاوف من سقوط البلاد في اتون حرب اهلية.
وكثف نظام الرئيس السوري بشار الاسد القمع في محاولة للقضاء سريعا على الاحتجاجات مستفيدا من الدعم الروسي واستمرار الانقسامات في مجلس الامن الدولي بشان الملف السوري. ويقول الاسد ان شعبه يدعمه في سعيه للقضاء على الانتفاضة الشعبية التي يرى فيها عمليات تنفذها "مجموعات ارهابية".
وقالت وزارة الخارجية السورية انه "تم توجيه ضربات موجعة منذ ثلاثة ايام للمجموعات الارهابية المسلحة" واكد النظام تصميمه على "الدفاع عن النفس في مواجهة الارهاب وعلى افشال سياسة الولايات المتحدة والغربيين الساعية الى اشاعة الفوضى" في سوريا.
ورغم الآلة الحربية التي يستخدمها النظام بلا هوادة منذ بداية الاحتجاجات في 15 آذار/مارس 2011، فان المجتمع الدولي لم يتوصل الى اتفاق حول سبل الخروج من الازمة، وفي حين يدعو الغربيون الى فرض عقوبات وضغوط على النظام فان روسيا والصين تدعوان الى عدم التدخل في الشؤون السورية.
ويبدأ الاجتماع عند الساعة 20,00 ت غ بعرض يقدمه نبيل العربي امين عام جامعة الدول العربية ورئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني للخطة العربية التي تدعو الى وقف العنف ونقل سلطات الرئيس الاسد الى نائبه قبل بدء مفاوضات مع المعارضة وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
ومن المقرر ان يتحدث اثر ذلك وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا للمطالبة بالتنديد بالقمع الذي اوقع اكثر من خمسة آلاف قتيل في حوالي 11 شهرا وبتبني عملية انتقال ديموقراطي في سوريا.
وفي عمان عبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي يقوم بجولة في الشرق الاوسط، عن أمله بان يؤتي اجتماع مجلس الامن الثلاثاء "ثماره سريعا" واصفا الاوضاع في سوريا بأنها "تشكل تهديدا للسلام الإقليمي والدولي".
من جانبه اعتبر جيمس كلابر مدير الاستخبارات القومية الاميركي الثلاثاء ان سقوط نظام الاسد حتمي في مواجهة الاحتجاجات الحاشدة في بلاده. وقال "لا ارى كيف يمكن ان يستمر (الاسد) في حكم سوريا .. انا شخصيا اعتقد ان المسالة مسالة وقت، لكن القضية هي ان ذلك يمكن ان يستغرق وقتا طويلا".
ويدعو مشروع القرار المطروح في الامم المتحدة بشان سوريا والذي اطلعت وكالة فرانس برس عليه، النظام السوري الى الوقف الفوري لاعمال العنف ضد المتظاهرين، كما يدعو الرئيس بشار الاسد الى نقل سلطاته الى نائبه، فاروق الشرع.
ويؤكد النص كذلك على عدم التدخل العسكري الخارجي في النزاع الدائر في سوريا والذي تقول الامم المتحدة انه ادى الى مقتل اكثر من 5400 شخص خلال الاشهر العشرة الماضية.
من جهتها اعتبرت روسيا الثلاثاء ان اعتماد مشروع القرار في الامم المتحدة حول سوريا الذي عرضه الغربيون ودول عربية يمكن ان يؤدي الى حرب اهلية في البلاد.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف على حسابه على تويتر ان "مشروع القرار الغربي في مجلس الامن الدولي لا يصب في اتجاه تسوية. ان فرضه سيمهد الطريق امام حرب اهلية".
وكانت روسيا الحليف التقليدي لسوريا، اعتبرت مشروع القرار "غير مقبول" ودعت الى اجراء مفاوضات غير رسمية بين النظام والمعارضة.
بيد ان رئيس المجلس الوطني برهان غليون الموجود في نيويورك للدفع باتجاه تبني مشروع القرار، اشترط ان يرحل الرئيس الاسد قبل اي تفاوض، معتبرا انه "لا يمكن ان يشرف الاسد قاتل الشعب على الانتقال نحو الديمقراطية".
وقد اجرى وفد المجلس الوطني السوري إلى نيويورك برئاسة برهان غليون سلسلة لقاءات مع وفود وممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي تركزت حول حشد الدعم والتأييد لمشروع القرار الأوروبي - العربي المقدم إلى المجلس.