اعتقلت وزارة الداخلية المغربية، اليوم الأربعاء، 409 أشخاص ووضعهم تحت الحراسة النظرية بأمر من النيابة العامة، وذلك في أعقاب موجة الاحتجاجات التي اجتاحت عددًا من المدن والأقاليم المغربية مساء أمس الثلاثاء، وأسفرت عن إصابة 263 عنصرًا من قوات الأمن، إلى جانب خسائر مادية واسعة النطاق.
وفي مستجدات القضية، كشفت رئاسة النيابة العامة مساء الأربعاء عن متابعة 193 شخصًا يُشتبه بتورطهم في الأحداث، بينما أفادت المحامية سارة سوجار عبر "فيسبوك" بأن 123 معتقلاً، من بينهم 9 شابات وقاصرين اثنين، قد أُحيلوا على المحكمة الابتدائية في الرباط، حيث تقرر إطلاق سراح 26 منهم بكفالات تراوحت بين 2000 و3000 درهم، مع إغلاق ملف 27 آخرين لعدم كفاية الأدلة، وتسليم أحد القاصرين إلى عائلته بعد عرضه على قاضي التحقيق.
الاحتجاجات، التي جاءت استجابة لدعوات شبابية عبر الإنترنت، طالبت بتحسين الأوضاع في مجالات الصحة والتعليم وتوفير فرص العمل، غير أنها شهدت تصعيدًا لافتًا في عدد من المدن، مع تحول بعض المظاهرات إلى مواجهات عنيفة مع قوات الأمن، تخللها تخريب ممتلكات عامة وخاصة، وإضرام النيران، واستخدام زجاجات حارقة وأسلحة بيضاء.
ووفق بيان رسمي، توسعت رقعة الاحتجاجات إلى مدن كبرى وصغرى من بينها تمارة، وخميس آيت عميرة، ووجدة، وبني ملال، وإنزكان، التي شهدت أحداثًا وصفت بـ"الليلة الصعبة"، إثر أعمال شغب طالت وكالات بنكية ومحال تجارية، وصولًا إلى تفجير عبوة غاز وسط الشارع.
من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية المغربية، رشيد الخلفي، إن القوات العمومية باشرت تدخلات "مضبوطة ومهنية" لضمان الأمن العام وحماية المواطنين، مشيرًا إلى أن بعض الأشكال الاحتجاجية شهدت "تصعيدًا خطيرًا" تسبب في جرح 263 عنصرًا أمنياً و23 محتجًا، بينهم حالات حرجة.
وأضاف الخلفي أن المحتجين قاموا بأعمال تخريب ونهب داخل مؤسسات إدارية وتجارية في مناطق متعددة، من بينها آيت عميرة، إنزكان، أغادير، تزنيت، ووجدة، كما قام عدد من المحتجين في مدينة وجدة باعتراض طريق سيارة إسعاف ومنعها من أداء مهامها الإنسانية.
وفي ما يخص قرار منع بعض المظاهرات، أكد الخلفي أن الخطوة جاءت نتيجة عدم احترام المساطر القانونية، مؤكدًا أن السلطات العمومية تعمل على تحقيق التوازن بين الحق الدستوري في التظاهر السلمي (الفصل 29 من الدستور)، وحق المجتمع في الأمن والاستقرار (الفصل 21)، وهو ما اعتبره "ضمن صميم مهام الدولة".