البوابة-بسام العنتري
استنكر برلمانيون اسرائيليون وفلسطينيون قرار الادانة الذي اصدرته محكمة اسرائيلية ضد النائب مروان البرغوثي بعد محاكمة طويلة وصفوها بانها "مسرحية هزيلة"، لكنهم استبعدوا احتمال اخضاع اسرائيل الرئيس ياسر عرفات لمحاكمة مماثلة برغم تهديدها بذلك.
وقال العضو العربي في الكنيست الاسرائيلي، طلب الصانع في تصريحات "للبوابة"، ان الادانة التي اصدرتها المحكمة المركزية في تل ابيب الخميس "قرار سياسي لدولة محتلة ومسرحية هزيلة تحت شعار محاكمة".
واعتبر ان "الذي كان يجب ان يكون في قفص الاتهام ليس مروان البرغوثي وانما الاحتلال الاسرائيلي الذي هو السبب الرئيسي للعنف وسفك الدماء في المنطقة".
ووصف الصانع محاكمة البرغوثي (43 عاما) التي استمرت عامين وشهرا، بانها "وسام شرف" للاخير، معربا عن ثقته بان "مروان سيخرج من السجن وسيكون ان شاء الله رئيس الدولة الفلسطينية المستقلة".
والمحت اسرائيل الخميس، الى انها قد تحاكم عرفات(75 عاما)، وأعلن وزير العدل يوسف لابيد ان اسرائيل قد تفكر في محاكمته بعد ادانة البرغوثي.
وتحدثت تقارير اسرائيلية عن ان هذه الادانة ستشكل سابقة تفتح الطريق امام محاكمة الرئيس الفلسطيني المحاصر في مقره في رام الله في الضفة الغربية.
غير ان الصانع، وهو محام كان ترافع سابقا عن زعماء فلسطينيين معتقلين في اسرائيل من بينهم مؤسس حماس الشهيد احمد ياسين الذي اغتالته اسرائيل مؤخرا، استبعد مثل هذا الاحتمال.
وقال ان "اسرائيل ليست بحاجة الى سابقة من اجل ان تحاكم أي قيادي فلسطيني، وعمليا، هي بامكانها ان تقوم بذلك، لكن انا استبعد كليا ولا اتوقع ان تتم عملية محاكمة الرئيس عرفات".
ولجهته، اكد العضو العربي في الكنيست، عزمي بشارة انه لم يفاجأ بقرار ادانة االبرغوثي، الذي اعتبر انه كان معدا سلفا.
وقال "لم نفاجأ على الاطلاق..جرت حملة دعائية مكثفة ضد مروان البرغوثي، وواضح انه كان لديهم قرار بادانته كاداة لاداة الانتفاضة ومن شارك فيها. الادانة كانت متوقعة".
وادانت المحكمة الاسرائيلية البرغوثي المعتقل في اسرائيل منذ نيسان/ابريل 2002، بشن هجمات "ارهابية" قتل فيها 5 اسرائيليين والتواطؤ لقتل اخرين، والانتماء الى تنظيم "ارهابي"، في اشارة الى كتائب شهداء الاقصى التابعة لحركة فتح.
وروجت اسرائيل مطولا الى ان البرغوثي، وهو امين سر حركة فتح في الضفة الغربية، هو قائد هذه الكتائب، كما تنظر اليه على انه القائد الفعلي للانتفاضة المستمرة منذ اكثر من ثلاث سنوات.
وفي هذا السياق، راى بشارة الذي سبق ان ترشح لمنصب رئاسة الوزراء في اسرائيل ان "الاساس الان التنويه الى ان البرغوثي اعتقل قبل عامين وشهر، ومنذ ذلك الحين لم تتوقف الانتفاضة، وازدادت حاجة اسرائيل لاستخدام القوة اكثر من السابق..اسرائيل تحتاج الان الى مذابح كي توقف مناهضة للاحتلال".
والبرغوثي، الذي ياتي في المرتبة الثانية من حيث الشعبية لدى الفلسطينيين بحسب استطلاعات الراي، تنظر اليه اوساط سياسية في اسرائيل على انه الخليفة المحتمل لعرفات، وتجد فيه ايضا قياديا براغماتيا يمكن ان يكون شريكا في اية مفاوضات مقبلة لانهاء النزاع الفلسطيني الاسرائيلي.
وبرغم ان ادانته بارتكاب جرائم قتل وضعت علامات استفهام على احتمالات لعبه دور الشريك في مفاوضات مؤملة، الا ان العضو العربي في الكنيست، محمد بركة، اعرب عن اعتقاده بان هذه الاحتمالات ما تزال قائمة بقوة، وذهب الى حد وصفها بانها امر "حتمي".
وقال للبوابة "هو لن يمضي الفترة التي امضاها (الزعيم الجنوب افريقي نلسون) مانديلا، ولكن النتيجة ستكون واحدة، وهي ان من يحاكمونه اليوم هم من سيضطر الى مفاوضته في المستقبل. والذي سيجلس في كرسي الاتهام هم مجرمو الحرب الذين ارتكبوا المجزرة امس في رفح من (رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل) شارون الى اصغر ضابط".
وكانت القوات الاسرائيلية قتلت 8 فلسطينيين وجرحت اكثر من 60 اخرين بعد ان قصفت الاربعاء تظاهرة في رفح خرجت احتجاجا على العملية العسكرية الواسعة التي شنتها اسرائيل في المنطقة بعد مقتل خمسة من جنودها بعد تفجير ناقلتهم المدرعة.
واكد بركة "نحن لا نطرح (السيناريو الذي اورده بالنسبة لمستقبل البرغوثي) في الاطار اللفظي، نحن نطرحه في اطار حتمية التاريخ ونضال الشعوب ضد الاحتلال".
وتابع"انا لا اقول ان لدي معلومات او اشك بان اسرائيل سيهبط عليها وحي الاخلاق وتطلق سراحه، وانما ستضطر لان تطلق سراحه وتفاوضه، لانها لن تصمد امام مقاومة الشعب الفلسطيني".
ووصف بركة المحاكمة التي جرت للبرغوثي بانها "سياسية صورية لا علاقة لها بالمحاكم الجنائية كما حاولت اسرائيل تصويرها".
واضاف ان "المحاكمة التي حاولت عقد مقارنات بين البرغوثي وزعماء عصابات اجرام، وهو كلام مردود على من يقوله، لا تمت الى اصول المحاكم في شئ..فلائحة الاتهام جرى تفصيلها في دهاليز واقبية المخابرات العامة الاسرائيلية الشاباك، والنيابة العامة لم تكن اكثر من اداة لترويج الاكاذيب التي وردت في لائحة الاتهام".
واكد بركة ان "مروان البرغوثي هو قائد سياسي وعضو برلمان يتمتع بحصانة، ومناضل ضد الاحتلال، وهو ليس العنوان ليكون في مقاعد المتهمين في محكمة اسرائيلية صورية".
وعلى صعيده، فقد وصف عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عبد الجواد صالح محاكمة زميله البرغوثي بانها "غير شرعية".
وقال صالح للبوابة ان محاكمة البرغوثي "غير شرعية، والحكم غير قانوني، لانه ممثل للشعب الفلسطيني وليس من حق سلطة الاحتلال ان تحاكمه..ليست هناك ولاية لاية محكمة اسرائيلية وخاصة عسكرية، لان تحاكم نائبا في المجلس التشريعي".
واعتبر صالح ان حالة الشلل التي تعاني منها السلطة التنفيذية الفلسطينية تستدعي ان يتحرك المجلس التشريعي في المحافل الدولية في ازاء الادانة التي صدرت ضد البرغوثي.
وقال "السلطة التنفيذية شبه مشلولة، ولا تقوم بواجبها لا اتجاه مروان ولا اتجاه حسام خضر (عضو مجلس اخر معتقل في اسرائيل) ولا تجاه المعتقلين بشكل عام. المجلس التشريعي في اعتقادي عليه مسؤولية ان يعبئ البرلمانات العالمية" في هذا الصدد.
واضاف ان المجلس يجب ان "ويعمل من اجل عقد اجتماع للبرلمان الدولي من اجل بحث الاجراءات الاسرائيلية ضد مروان البرغوثي وحسام خضر وايضا محاولات الاحتلال الاسرائيلي المستمرة لقويض عمل المجلس".
واختتم قائلا ان "سلسلة من الاجراءات يجب ان تتخذ ونبدأ بها على كافة المستويات".