في تطور لافت يأتي عشية مغادرته الى مقر الامم المتحدة في نيويورك، اعلن الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي السبت انه قرر "وقف عمل بعثة المراقبين العرب في سوريا بشكل فوري" متهما الحكومة السورية بـ"تصعيد الخيار الامني" ما ادى الى ارتفاع اعداد الضحايا.
وسارعت دمشق الى اعلان "اسفها واستغرابها" لصدور هذا القرار الذي رأت فيه "استدعاء للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية" من قبل العربي وقطر.
وفي موازاة موقف العربي اعلن المجلس الوطني السوري المعارض ان رئيسه برهان غليون سيتوجه الاحد الى نيويورك لمطالبة الامم المتحدة بتأمين "حماية دولية"، كما شن المجلس الوطني حملة على ايران متهما اياها بـ"المساهمة في قتل" السوريين، ودعا الى التظاهر امام السفارات الروسية في العالم.
وتأتي هذه التطورات وسط تواصل ارتفاع وتيرة العنف في سوريا، حيث سجل السبت سقوط 39 قتيلا بينهم 23 عسكريا.
وقال العربي في بيان رسمي انه قرر بعد مشاورات مع عدد من وزراء الخارجية العرب "وقف عمل بعثة المراقبين العرب في سوريا بشكل فوري".
واوضح ان هذا القرار اتخذ ب"النظر الى تدهور الاوضاع بشكل خطير في سوريا والى استمرار استخدام العنف وتبادل القصف واطلاق النار الذي يذهب ضحيته المواطنون الابرياء، وبعد ان لجأت الحكومة السورية الى تصعيد الخيار الامني في تعارض كامل مع الالتزامات المنصوص عليها في خطة العمل العربية وبروتوكول بعثة مراقبي جامعة الدول العربية، ما زاد من تدهور الاوضاع الامنية بشكل خطير وارتفاع عدد الضحايا واتجاه الاحداث نحو منحى يبتعد تماما عن طبيعة مهمة بعثة الجامعة التي كانت كلفت بالتحقق من التزام الحكومة السورية بتعهداتها".
واكد العربي في بيانه انه اصدر "تعليمات لرئيس البعثة باتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لضمان امن وسلامة افراد البعثة".
ومن المقرر ان يعقد مجلس الامن اجتماعا خاصا لمناقشة الوضع في سوريا الثلاثاء المقبل.
ويتوجه العربي الاحد الى نيويورك مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بتفويض من الجامعة العربية لابلاغ الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بالمبادرة العربية الاخيرة لحل الازمة في سوريا وطلب دعمه لها.
وبعد ساعات على صدور قرار العربي اعلنت سوريا انها "تأسف وتستغرب" لصدور هذا القرار واتهمت الامين العام للجامعة العربية مع قطر بالسعي "لاستدعاء التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية" في مجلس الامن.
وافادت وكالة الانباء السورية الرسمية نقلا عن مصدر مسؤول ان "سوريا تأسف وتستغرب قرار العربي وقف عمل بعثة المراقبين بعد ان وافقت على تمديد عملها شهرا اخر".
واعتبر المصدر ان قرار العربي جاء "تمهيدا لاجتماع مجلس الأمن الثلاثاء القادم بناء على طلب قطر والامانة العامة للجامعة للتأثير السلبي وممارسة الضغوط في المداولات التي ستجري هناك بهدف استدعاء التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية وتشجيع الجماعات المسلحة لزيادة العنف الذي تمارسه ضد المواطنين".
وراى هذا المصدر ان قرار العربي "يتماهى مع قرار دول مجلس التعاون الخليجي بسحب مراقبيها في البعثة كرد فعل على تقرير بعثة المراقبين العرب وليس بسبب ما ادعاه الأمين العام من استمرار استخدام العنف وتبادل القصف واطلاق النار".
واسفرت اعمال العنف عن مقتل اكثر من 200 شخص منذ الثلاثاء في سوريا، معظمهم من المدنيين، وفقا لحصيلة اعدتها فرانس برس استنادا الى مصادر حقوقية والى المرصد السوري لحقوق الانسان.
وكان 165 مراقبا من الجامعة العربية بدأوا مهمتهم في 26 كانون الثاني (يناير) الماضي اثر اتفاق مع الحكومة السورية يقضي بأن يتحققوا من التزام دمشق بخطة عمل عربية تنص على وقف العنف ثم بدء حوار وطني سوري يضم الحكومة والمعارضة للتوصل الى تسوية سياسية للازمة.
وفي مواكبة للحراك الدبلوماسي الواسع الجاري في مقر الامم المتحدة اعلن المجلس الوطني السوري المعارض السبت ان وفدا برئاسة رئيسه برهان غليون سيكون الاحد في نيويورك لمطالبة مجلس الامن الدولي بتأمين "حماية دولية" للمدنيين السوريين.
وقال المجلس في بيان تلاه سمير نشار عضو المجلس الوطني السوري امام الصحافيين في اسطنبول انه "قرر التوجه الى مجلس الامن الدولي غدا الاحد من خلال وفد برئاسة الدكتور (برهان) غليون لعرض قضية الشعب السوري على مجلس الامن ومطالبته بتأمين الحماية الدولية للمدنيين".
وفي اعنف موقف له ضد نظام الجمهورية الاسلامية في ايران اعلن المجلس الوطني انه "يستنكر مساهمة النظام الايراني في قتل المواطنين السوريين المطالبين بالحرية ويدعوه الى التوقف عن المشاركة في قمع الثورة السورية حرصا على مستقبل العلاقات بين الشعبين".
وفي موقف مرتبط برفض روسيا المتواصل للموافقة على مشروع قرار في مجلس الامن يندد بعنف النظام ضد الحركة الاحتجاجية المناهضة له، دعا المجلس الوطني "جميع المواطنين السوريين في جميع بلدان الاغتراب الى التضامن مع شعبهم بالداخل احتجاجا على الموقف الروسي عبر الاعتصام امام سفارات قنصليات روسيا الاتحادية وامام مراكز الامم المتحدة الاحد الساعة الثانية بعد الظهر في اماكن تواجدهم".
ومقابل الهجوم على ايران وروسيا، اعلن المجلس الوطني انه "يتوجه بجزيل الشكر الى السعودية وقطر وسائر دول مجلس التعاون الخليجي والمغرب وباقي الدول العربية الشقيقة التي تسعى من خلال مواقفها الى مساعدة الشعب السوري ووقف سفك الدماء".
كما دعا المجلس الوطني مؤسسات الامم المتحدة الى تقديم المساعدة الى المدن السورية التي تشهد اعمال عنف دامية ارتفعت حدتها كثيرا خلال الايام القليلة الماضية.
وتوجه البيان بالشكر "الى كافة اطراف المجتمع الدولي التي تسعى الى مناصرة قضايا الحرية والديموقرطية وحقوق الانسان في سوريا مطالبين جميع مؤسسات الامم المتحدة بالعمل على تقديم المساعدات الانسانية والاغاثية للمدن السورية المنكوبة حمص وحماه وادلب وريف دمشق ودرعا ودير الزور".
من جهتها صعدت السلطات السورية لهجتها مؤكدة الخيار الامني بوجه الحركة الاحتجاجية المناهضة لنظام الرئيس الاسد.
وقال وزير الداخلية السوري محمد الشعار السبت ان اجهزة وزارته ماضية في "تطهير" البلاد من "رجس المارقين والخارجين عن القانون"، مشددا على ان سوريا "ستبقى قوية بعزيمة ابنائها ودماء شهدائها".
ونقلت وكالة الانباء الرسمية (سانا) تاكيد وزير الداخلية خلال اقيم لتكريم اسر قتلى قوات الامن الداخلي على "حرص قوى الامن الداخلي على المضي في مسيرة الكفاح والنضال لتطهير التراب السوري من رجس المارقين والخارجين على القانون لاحقاق الحق واعادة الامن والامان الذي كانت تعيشه سوريا".
وحمل الشعار على "مجموعات تعمل على ارهاب وقتل المواطنين الأبرياء وسلبهم ممتلكاتهم وزعزعة امنهم" مشيرا الى ان "هذا الاجرام لن يثني افراد قوى الامن الداخلي عن التفاني بأداء واجبهم المقدس بالتصدي لهذه المجموعات وارساء مناخ الامن والامان".
ميدانيا، قتل 39 شخصا في سوريا السبت في انحاء عدة من البلاد بينهم 23 عسكريا.
فقد قتل سبعة جنود قرب دمشق في هجوم استهدف باصا للجيش قامت به "مجموعة ارهابية مسلحة" حسب ما نقلت وكالة الانباء السورية (سانا).
وفي وسط البلاد اوقعت المعارك بين الجيش والمنشقين ثمانية قتلى هم خمسة عسكريين قتلوا في الحولة وثلاثة منشقين في الرستن، حسب ما اعلن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لفرانس برس.
وذكر ناشط من الرستن فضل عدم الكشف عن هويته في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان "الاشتباكات استمرت من الساعة السابعة صباحا (5,00 ت غ) حتى الواحدة ظهرا (11,00 ت غ) لكن الاجواء هادئة الآن".
واشار الناشط الى ان "عددا من الجنود الذين كانوا يتمركزون على حواجز الجيش المنتشرة في المدينة انشقوا واشتبكوا باسلحتهم الرشاشة مع الجنود".
واضاف ان ناشطين والسكان المتعاطفين مع المنشقين "يحاولون تأمين طرق آمنة لهم لكي يتمكنوا من الخروج والانضمام الى صفوف الجيش السوري الحر خارج الرستن"، مشيرا الى انهم "نقلوا نحو عشرة منشقين مصابين الى اماكن آمنة لتقديم العلاج لهم".
وفي منطقة الغوطة الواقعة على بعد نحو عشرة كيلومترات من العاصمة جرت معارك عنيفة بين عناصر من الجيش ومنشقين عنه ادت الى مقتل 11 جنديا وستة مدنيين، كما جرح خمسة منشقين وعشرات المدنيين حسب المرصد.
كما قتل اربعة مدنيين، اثنان منهم في محافظة ادلب، الاول على طريق قرية المسطومة "برصاص قناصة" والثاني في قرية صلوة ب"رصاص عشوائي"، في حين قتل مدني في محافظة درعا في جنوب البلاد وآخر في دير الزور في شرقها.
وفي مدينة تلكلخ في محافظة حمص اعلن المرصد ان ثلاثة مواطنين قتلوا "بينهم مساعد منشق من محافظة درعا وذلك اثر اطلاق على سيارتهم خلال كمين نصب لهم على جسر الجعفريات" في المدينة.
وفي اسطنبول اعلن وزراء خارجية دول الخليج العربي وتركيا في ختام اجتماع عقد في اسطنبول انه لم يتم احراز تقدم يذكر على صعيد خطة السلام العربية "في الاغلب بسبب الاتجاه المتعنت الذي اظهرته السلطات السورية".
وحث الوزراء "بشدة السلطات السورية على الوفاء دون ارجاء بكافة التزاماتها بموجب مبادرة السلام التي طرحتها الجامعة العربية".
وفي برلين طالب وزير الخارجية الالماني غيدو فيسترفيلي السبت بسرعة تبني قرار في الامم المتحدة بشأن سوريا. وقال في بيان صادر عن وزارته ان "رد فعل واضحا من مجلس الامن يزداد الحاحا" امام التصعيد الجديد لاعمال العنف في سوريا.
كما طالب الوزير "كل من تردد حتى الان بعدم الوقوف في وجه اعتماد قرار" لادانة سياسة دمشق، في اشارة خصوصا الى موقفي روسيا والصين.