بوش وشافيز: صراع على الجنوب

تاريخ النشر: 10 مارس 2007 - 10:37 GMT

فيما بدا رئيس الولايات المتحدة الاميركية جورج بوش جولة في اميركا اللاتينية اعتبارا من البرازيل قادة الرئيس الفنزولي البوليفاري حملة مضادة لهذه الزيارة وترأس بنفسه تظاهرة في الارجنتين ويخوض الزعيمان سباقا على كسب عقول وبطون وقلوب سكان اميركا.

ويهدف الرئيس الأميركي من جولته في بلاد القارة اللاتينية خوض حملة ديبلوماسية لكسب قلوب المتشككين وعقولهم ومواجهة شعور متزايد بالعداء للولايات المتحدة يغذيه الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، الذي بادر الى القيام بجولة منافسة منتقدا خطط نظيره الأميركي للطاقة ومكافحة الفقر ومتهما اياه بالسعي الى وقف حركة التكامل بين دول المنطقة.

ويسعى بوش الى التغلب على شعور بتجاهل الولايات المتحدة أميركا اللاتينية حيث اضرت المعارضة للحرب في العراق ايضا بموقف الادارة وهو ما اعطى تشافيز فرصة للشكوى مما يصفه بالامبريالية     الأميركية.                                     متظاهرة في البرازيل ضد زيارة بوش وقد كتبت على جسدها "ارحل يا بوش"

"ديبلوماسية الايثانول"

وينفي البيت الابيض ان تكون جولة بوش مناهضة لتشافيز، لكنه يرى بوضوح ان "ديبلوماسية الايثانول" وتعهد مساعدات أميركية جديدة وسيلتان لمنافسة استخدام فنزويلا الثروة النفطية لاستمالة جيل جديد من الزعماء اليساريين في أميركا اللاتينية.

وفي المحطة الاولى من جولته الاقليمية التي تشمل خمس دول، حاول بوش التواصل مع اليسار المعتدل من طريق التركيز على اتفاق مزمع على الايثانول مع الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا وهو حليف ترى واشنطن انه منافس لتشافيز.

وقبل وصول الرئيس الاميركي، رشق نحو 200 شخص ينتمون الى منظمة يسارية متطرفة بضع دقائق واجهة القنصلية الأميركية في سان باولو بالحجار والخشب والطلاء الاحمر احتجاجا على الزيارة.

كما تحولت مسيرة نسائية في يوم المرأة العالمي تظاهرة معادية لبوش وضمت اكثر من 30 الف شخص وتخللتها مواجهات تسببت باصابة اشخاص بجروح.

وحاول البيت الابيض تقليل اهمية حركة الاحتجاج. وصرح الناطق باسم البيت الابيض غوردون جوندرو: "يشعر الرئيس بالارتياح لزيارة دول تزدهر فيها الديموقراطية وتسود حرية التعبير".

تنويع الطاقة

وزار بوش مستودعا كبيرا لوقود الايثانول، مشددا على رسالة مفادها ان تزايد استخدام الطاقة البديلة لا يمكن ان يكون مفيدا من الناحية الاقتصادية فحسب، بل يمكن ان يقلص اعتماد المنطقة على منتجي نفط خارجيين مثل فنزويلا.

وأبرز الرئيس الأميركي في مؤتمر صحافي مشترك ونظيره البرازيلي أهمية تنويع مصادرالطاقة، فضلا عن توسيع نطاق استخدام مصادر الطاقة النظيفة لحماية البيئة من التلوث. وعزا اهتمامه بتنويع مصادر الطاقة الى اسباب عدة من ابرزها ان اعتماد أي دولة على مصدر طاقة مستورد من دولة اخرى (كالنفط) يجعل أمنها القومي في خطر، نظرا الى انها بذلك تكون مرهونة بقرارات الدولة المصدرة، بينما يمكنها تجنب ذلك من طريق تنويع مصادر الطاقة التي تستخدمها. وقال ان الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للطاقة يولد مشكلة اقتصادية كبيرة نظرا الى ان ارتفاع سعر برميل النفط يؤدي بدوره الى ارتفاع سعر البنزين مما يزيد العبء المادي على كاهل المواطنين، لذا فان تنويع مصادر الطاقة من مصلحة الدولة من الناحية الاقتصادية. واضاف أنه نظرا الى أهمية الحفاظ على البيئة من الملوثات الناتجة من مصادر الطاقة التقليدية، يجب توسيع نطاق استخدام مصادر الطاقة النظيفة لمحاولة تحسين نوعية البيئة.

ووقع الجانبان اتفاقا في شأن تبادل تكنولوجيا الايثانول والمساعدة في توسيع الانتاج في أميركا الوسطى والكاريبي.

كما تطرق بوش في محادثاته في البرازيل الى المفاوضات الدولية المعروفة بدورة الدوحة والهادفة الى الغاء الحواجز الجمركية الاخيرة بين الدول.

بوش في الاورغواي

وزادت حدة التناحر الأيدلوجي مع وصول بوش الى اوروغواي في ثاني محطة له في اطار جولته في الوقت الذي اجتذب فيه شافيز تأييدا من آلاف الارجنتينين خلال اجتماع حاشد"مناهض للامبريالية" عبر ريفر بليت في الارجنتين المجاورة.

وقاد شافيز حشد العمال النقابيين واليساريين في الهتاف ضد بوش.

وقاد شافيز وهو حليف للزعيم الكوبي الشيوعي فيدل كاسترو تكتلا ناميا مناهضا للولايات المتحدة في السنوات الاخيرة ونادرا ما يفوت فرصة للتنديد ب"الامبريالية" الاميركية.

وخرج آلاف من مواطني اوروغواي الى الشوارع يوم الجمعة وبعضهم يهتف"ارحل يا بوش ".

وقام عشرات من المحتجين الملثمين الذين كان كثيرون منهم يمسكون بعصي ويلقون بالحجارة بتحطيم نوافذ ثلاثة متاجر لمكدونالدز.

وعندما سئل بوش عما اذا كانت جولته ستساعد في الحد من تأثير شافيز تملص من الرد على السؤال ولكن رسالته كانت واضحة.

وقال في انتقاد غير مباشر لسياسات شافيز المناهضة للرأسمالية" جولتي هنا تهدف الى تذكير بلدنا بأن اميركا الجنوبية واميركا اللاتينية اماكن جيدة من اجل الاستثمار ولاسيما في الدول التي تلتزم بسيادة القانون والشفافية وتؤمن بالمباديء الاساسية للحرية."

وتشكك ادارة بوش في التزام شافيز بالديمقراطية وتنتقد سياسته بشأن التأميم.

وتعهد بوش بجعل اميركا اللاتينية احدى اولوياته عندما تولى السلطة في 2001 ولكن العراق جذب اهتمامه وهو صراع جعله لا يتمتع بشعبية بين جيران واشنطن الجنوبيين بشكل اكثر من الداخل .

وحاول بوش اعادة تصوير نفسه على انه مصلح اجتماعي ملتزم بتخفيف حدة الفقر في محاولة للرد على تحدي شافيز.

وأصر على ان واشنطن لم تدر ظهرها لاميركا اللاتينية قائلا ان المساعدات الاميركية للمنطقة وصلت الى 1.6 مليار دولار العام الماضي اي مثلي ما كانت عليه عند بداية توليه السلطة.

ووسط الشعور المناهض للولايات المتحدة بشكل متزايد فليس من المرجح ان يقتنع الكثير من مواطني اميركا اللاتينية بهذا الكلام. وحتى الان اكد بوش الذي كانت اخر زيارة له لاميركا اللاتينية عام 2005 على التجارة ومكافحة المخدرات والسيطرة على الهجرة.

ورغم ان معظم دول اميركا اللاتينية تتبع نموذجا اميركيا لديمقراطية السوق الحرة الا ان الشكوى تستمر ضد واشنطن لدعمها دكتاتورية عسكرية قمعية كانت مسيطرة ذات يوم.

وقبل وصول بوش يوم الخميس اطلقت الشرطة في ساو باولو الغاز المسيل للدموع وضربت بالهراوات بعض المتظاهرين خلال احتجاجات في الشوارع كانت سلمية في اغلبها وشارك فيها 6000 شخص.

ووصف المتظاهرون بوش بانه داعية حرب وملوث لكوكب الارض.

ويختتم بوش جولته التي تستمر ستة ايام بزيارة حلفائه المحافظين في غواتيمالا والمكسيك.

وفي المقابل يسافر تشافيز جوا الى بوليفيا لزيارة مناطق غمرتها الفيضانات اليوم.

تشافيز

وذا كان الرئيس الاميركي القادم من الشمال يهدف بزيارت محاصرة نفوذ اليسار المتنامي في القارة اللاتينية فان خصمه العنيد الرئيس الفننزويلي هوغو شافيز سافر الى الارجنتين لالقاء كلمة امام تظاهرة لليسار في محاولة لمضايقة بوش.

وشهدت دول في اميركا اللاتينية اخيرا فوز يساريين او مناهضين للولايات المتحدة في الانتخابات، كما في بوليفيا والاكوادور ونيكاراغوا وفنزويلا حيث يطلق تشافيز على بوش اسم "الشيطان".

وسافر تشافيز الى الارجنتين لالقاء خطاب امام تجمع يساري في ملعب لكرة القدم يقع مباشرة عبر نهر ريو دو لا بلاتا في مواجهة مونتيفيديو عاصمة الاوروغواي التي كان مقررا ان يصل اليها الرئيس الأميركي في زيارة رسمية في وقت متقدم أمس.

ورفض شافيز وعد بوش بتقديم مساعدات جديدة .

وقال للحشد ان"زعيم الامبريالية جاء ليقدم عروضا تدعو للسخرية والضحك في محاولة لكسر الحركة التي أقمناها."

وكثيرا ما يشن الزعيم اليساري هجمات كلامية ضد بوش ووصفه بالشيطان في كلمة القاها في الامم المتحدة العام الماضي .

وقبل اجتماعه مع الرئيس الارجنتيني نستور كيرشنر، وصف تشافيز الرئيس الأميركي بأنه "رمز للهيمنة... يحاول خداع شعوبنا ليفرقنا". وقال إن محاولة بوش تشجيع انتاج الايثانول في البرازيل ودول أخرى في أميركا اللاتينية "غير معقولة وغير أخلاقية". واعتبر ايضا ان خطط الرئيس الأميركي لمكافحة الفقر في المنطقة ليست سوى "ذئب في ثياب حمل" وسخر من مشروع أميركي موازنته 75 مليون دولار لمساعدة شباب أميركا اللاتينية على تعلم الانكليزية والدراسة في الولايات المتحدة. وصرح للتلفزيون الارجنتيني: "لا نريد نصائح من الامبراطورية".

وكان الرئيس الاميركي في حديث الى التلفزيون الكولومبي: "زيارتي فرصة لابلاغ الناس ان الولايات المتحدة تهتم كثيرا بالاحوال الانسانية".