فوجئت الأوساط السياسية ووسائل الإعلام في إسرائيل بقرار إقالة رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، ما أثار موجة تساؤلات عديدة حول الأسباب الكامنة وراء هذا التحرك المفاجئ، وعما إذا كانت هذه الخطوة نتاج خلاف سياسي محض.
مواقف هنغبي المعلنة وولاؤه الشديد لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووقوفه معه والدفاع عنه في قضية الفساد، بل ورافقه إلى المحكمة، كلها لم تحمِ هنغبي من قرار الفصل أو الإقالة، بل كان من المفترض أن يكون "آخر من ينبغي التفكير في فصله"، هكذا قال الإعلام الإسرائيلي.
وأردف، وفق تقرير نشرته "يديعوت أحرونوت" أن هذا لم يكن كافياً في نظر عائلة نتنياهو مشيرة إلى أن سارة نتنياهو كانت تعتبر ولاءه منقوصاً، وأن ابنه يائير كان يرى أنه "ضعيف الإيمان" بوالده، واتهمه بأنه لا يقف معه بـ"إخلاص".
هيئة البث الإسرائيلية نقلت عن مصادر قولها إن "هنغبي شعر بأجواء غير مريحة من حوله في الأيام الأخيرة"، فتوجه إلى نتنياهو يوم الأحد الماضي وسأله عن وضعه، فأجابه: "هذه شائعات مغرضة... اطمئن. أنت مستمر في رئاسة مجلس الأمن القومي لفترة طويلة".
ولكنه، وبعد يومين فقط، أبلغه أنه قرر تعيين شخص آخر في المنصب.
هنغبي، أصدر بياناً مساء الثلاثاء، أعلن فيه انتهاء ولايته، قبل أن يصدر نتنياهو بياناً بهذا الصدد.
وقال هنغبي في بيانه: "أُبلغت اليوم بنية رئيس الحكومة تعيين رئيس جديد لمجلس الأمن القومي، وبناءً على ذلك ستنتهي ولايتي اليوم كمستشار للأمن القومي ورئيس للمجلس".
وشدد هنغبي في بيانه على أن "المعركة المتعددة الجبهات لم تنتهِ"، وعلى أن مهمة إعادة جميع الأسرى "لم تكتمل بعد".
هنغبي؛ وفق إعلام إسرائيلي، مسَّ وتراً حساساً عندما دعا في بيانه إلى إجراء تحقيق شامل في إخفاقات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قائلاً: "أنا شريك في الإخفاقات؛ يجب إجراء تحقيق جذري لضمان استخلاص العِبَر واستعادة الثقة التي تصدّعت".
وفي أعقاب هذا البيان، أعلنت رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن نتنياهو قرر تعيين نائب رئيس المجلس، غيل رايخ، قائماً بأعمال رئيس مجلس الأمن القومي اعتباراً من الأربعاء.
وهنغبي واحد من عدد من الوزراء الذين يؤيدون تشكيل لجنة تحقيق رسمية في "إخفاقات" السابع من أكتوبر، ومن بينهم أيضاً وزير الزراعة.
ويخشى نتنياهو تشكيل لجنة كهذه؛ فهي بموجب القانون تابعة لرئاسة المحكمة العليا، خصمه اللدود. كما أن هذه اللجنة لها صلاحيات من بينها توجيه اتهامات جنائية والتوصية بإقالة مسؤولين سياسيين وعسكريين.
وهو يخشى أن توصي بمحاكمته بسبب إخفاقات السابع من أكتوبر. ولذلك، ولكي لا تنتشر هذه الظاهرة في "الليكود"، قرر إقالة أهم شخصية تؤيد إقامة لجنة تحقيق رسمية، حسبما أشار بعض التقارير.
وانطلقت موجة عاصفة من ردود الفعل، حول الإقالة التي لم تأتِ صدفة في هذا الوقت بالذات، الذي يشهد حالة من عدم الرضا عن نتنياهو في اليمين عموماً، وفي حزب "الليكود" خصوصاً.
وقد حذر مراقبون من أن هذه الإقالة قد تدفع قادة الأجهزة والهيئات الأمنية إلى التردد في إعلان آرائهم المهنية إن هي خالفت توجّهات نتنياهو، بما يمسّ نقاشات غرف اتخاذ القرار.
المصدر: وكالات