على الرغم من انتهاء المهلة التي حددتها جميع الأطراف، اتفقت السداسية مع إيران على تمديد فترة المفاوضات حول الملف النووي للأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي.
هذا التمديد، وعلى الرغم من التصريحات الساخنة المتبادلة بين الطرفين قبل انتهاء المهلة المحددة، يعني أنه تم التوصل بالفعل إلى نسبة اتفاق "لا بأس بها" تسمح بالتمديد وبرغبة كل الأطراف.
ومع ذلك لا توجد إلى الآن أي ضمانات للتوصل إلى هذا الاتفاق النهائي، أو حتى الحديث عن وقت محدد، فالتمديد والتأجيل تكرر أكثر من مرة.
وفي كل مرة كان التمديد مصحوب بتهديدات وإنذارات متبادلة، لم ينفذ أي طرف منها شيئا.
كل المؤشرات تؤكد أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية تسعى بالفعل إلى تسوية هذا الملف والتوصل إلى اتفاقات نهائية.
مراقبون يرون أن الغرب عموما معني بإنهاء هذا الملف لعدة أسباب، على رأسها إشراك إيران في مكافحة الإرهاب، وتعويض جزء من الدور التركي الذي بدأ يتراجع بسبب التناقضات الكثيرة بين أنقرة من جهة وبين كل من واشنطن وبروكسل من جهة ثانية.
إضافة إلى ملامح التقارب الروسي – التركي من جهة ثالثة. وكذلك وجود بعض التناقضات بين واشنطن والعواصم الخليجية التي دفعت بالعديد من دول الخليج، وعلى رأسها السعودية للبحث عن بدائل، أو في أحسن الأحوال عن تنويع للعلاقات.
المنعطفات الشائكة لا تزال على طريق تسوية الملف النووي الإيراني. ففرنسا لا تزال تتمسك بمسألة تفتيش المواقع العسكرية، الأمر الذي ترفضه إيران بشكل قاطع. ومنذ أيام أعلنت الولايات المتحدة أنها توصلت إلى آلية لتفتيش المواقع الإيرانية "المشبوهة" بطريقة لا تثير انزعاج طهران أو إثارة شكوكها.
ولكن لم يعلن أحد عن هذه الآليات أو تفاصيلها أو مدى الاتفاق حولها، كما أن الحديث عن رفع العقوبات وتوقيت وآليات ذلك لا يزال محل خلافات شديدة، ما قد يتطلب وقتا يفوق 36 ساعة أو حتى أسبوعا.
إن حضور وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يعد مؤشرا مهما على إيجابية مسارات التفاوض إلى الآن. ولقاءاته مع نظرائه الإيراني والألماني والفرنسي قد تعكس أيضا مدى مرونة المفاوضات، لكنها في الوقت نفسه لا تعد ضمانة لأي شيء. إذ أن مراقبين قريبين من تلك المفاوضات يتحدثون عن إمكانية التمديد لعدة أسابيع أو شهور.
من جهة أخرى، فإن لقاء لافروف مع نظيره الأمريكي جون كيري على هامش مفاوضات التسوية النووية، من أجل بحث سبل مواجهة ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية" بناء على توصيات الرئيسين الروسي بوتين والأمريكي أوباما خلال اتصالهما الهاتفي الأخير، يعد في غاية الأهمية.
ويتعلق الأمر بعدد من التحليلات والتقارير بشأن إمكانية مشاركة إيران في مكافحة الإرهاب بشكل رسمي وبالتنسيق مع أطراف أخرى.
وذلك على الرغم من أن إيران لم ترد في تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو في تصريحات وزير الخارجية سيرغي لافروف بشأن إمكانية تشكيل تحالف من السعودية وتركيا وسوريا والأردن لمكافحة "داعش".
في ظل هذين المشهدين الإقليمي والدولي، يرى بعض التقارير أنه من الصعب الحديث الآن عن عملية الإحلال أو الاستبدال.
بمعنى أن لا روسيا ولا الولايات المتحدة تفكران في عملية استبدال الحلفاء أو الأصدقاء.
كل ما هناك أن كل طرف يسعى لدعم حلفائه وضمان أكبر قدر من مصالحه مع أكبر عدد من الأطراف في مراحل ما بعد التسوية.
كما أن كل طرف يطرح سيناريوهات إقليمية ودولية تتوافق مع أجنداته ومصالحه من حيث مد علاقات الصداقة أو توسيع العلاقات أو تقليصها مع هذا الطرف أو ذاك.
وفي سياق مقابل يجري الحديث أيضا عن إمكانية قيام الولايات المتحدة بإغراء إيران بالمشاركة رسميا في الحرب ضد "داعش" ضمن تحالفات أو أشكال بعينها.
وهو ما يراه البعض شكلا من أشكال التوريط الأمريكي لإيران بشكل رسمي وعلني. إذ من المتوقع في هذه الحال أن تنشب حرب مذهبية معلنة تقف وراءها الولايات المتحدة لتعيد تواريخ الحروب الدينية والمذهبية في المنطقة.
إن تسوية الملف النووي الإيراني خطوة في غاية الأهمية بالنسبة لاستقرار المنطقة والعالم، على الرغم من أن الولايات المتحدة أعلنت على سبيل المثال أنها لن تتراجع عن نشر عناصر درعها الصاروخية حتى إذا تم التوصل لتسوية مع إيران. غير أن هذه التسوية يجب أن تقف على أرض قانونية صلبة، والتزامات واضحة، وصيغ دقيقة.
أشرف الصباغ