أثارت سلسة تفجيرات بالقنابل نفذها متشددون اسلاميون شكوك منتقدين بشأن مدى فعالية جهود الجزائر في مجال مكافحة الارهاب والتساؤل اذا ما كان يتعين توجيه اللوم جزئيا الى برنامج طموح للعفو العام.
واستهدفت سبع قنابل انفجرت على نحو متزامن تقريبا مراكز للشرطة في منطقة القبائل بشرق الجزائر وبالقرب منها يوم الثلاثاء مما اسفر عن مقتل ستة اشخاص على الاقل واصابة عشرات.
واعلن تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي الذي كان يعرف في السابق باسم الجماعة السلفية للدعوة والقتال المسؤولية عن التفجيرات وهي أحدث هجوم في حملة عنف متصاعدة تشنها جماعة التمرد الاسلامية الرئيسية في البلاد.
وقال معلقون في عدد من الصحف ومنتقدون من المعارضة ان السبب الاساسي لاتساع قدرة الجماعة على العمل هو ما وصفوه بانه الضعف في تنفيذ سياسة للمصالحة الوطنية تهدف الى انهاء سنوات من العنف.
واشاروا الى أن الافراط في التساهل ازاء المتمردين الاسلاميين السابقين أسهم في اضعاف تأهب الشرطة ورفع معنويات المتمردين الذين تتزايد جرأتهم والساعين الى اقامة حكم اسلامي في الدولة المصدرة للنفط والغاز.
وقال حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية وهو حزب معارضة علماني مقره في منطقة القبائل "المصالحة الوطنية أنهت حالة التعبئة في صفوف أجهزة الامن والشعب."
وأنحت صحيفة ليبرتي باللائمة على "تردي اليقظة من جانب الجميع... بما فيهم الدولة التي اصبحت غير قادرة على الحفاظ على الدافع واليقظة الحيوية بسبب وعود بابداء الندم في المستقبل."
ودعا حزب جبهة التحرير الوطني وهو شريك رئيسي في الائتلاف الحاكم الى توخي يقظة مشددة في مكافحة الارهاب.
ويقول منتقدون ان حملة دعائية صاخبة للحكومة عام 2006 تدعو المتمردين الى نزع سلاحهم بموجب عفو عام دفعت الجزائريين الى التساؤل عن لماذا يتعين على الشرطة البقاء في حالة تأهب في الوقت الذي يتوقع فيه ان يستسلم المتمردون وان ينخرطوا ثانية في المجتمع.
وبدأ الاسلاميون تمردا مسلحا في عام 1992 بعد أن ألغت السلطات المدعومة من الجيش في ذلك الوقت والتي كانت تخشى من اندلاع ثورة على غرار الثورة الاسلامية في ايران انتخابات كانت جبهة الانقاذ الاسلامية على وشك الفوز فيها.
وسقط ما يصل الى 200 ألف قتيل في أعمال عنف تلت ذلك.
ولا يشكل المتمردون الذين اضمحل شأنهم طويلا تهديدا وطنيا على الرغم من انه لايزال بمقدورهم تهديد منطقة القبائل الجبلية والجنوب بفضل عوامل محلية مثل صلاتهم الاجرامية والعائلية والاستفادة من المناطق النائية وفقا لجزائريين.
وقال معارضون للحكومة ان المسؤولين شجعوا المتمردين بشكل غير متعمد باساءة استخدام عفو عام عن المتمردين عام 2006.
وبموجب القانون فان عرض الاعفاء من الملاحقة القضائية لمدة ستة اشهر الذي رفضته الجماعة السلفية للدعوة والقتال في البداية انقضى اجله في اغسطس اب.
لكن لم يعلن اي مسؤول انقضاءه.
وبدلا من ذلك قال المسؤولون انه من اجل مصلحة استقرار البلاد سيستمرون فعليا في عرض الاعفاء من الملاحقة القضائية لاي مقاتل مستعد لنزع سلاحه.
وقال منتقدون ان مواصلة العفو العام كأمر واقع انطوى على ضعف ومحاولة تحسين رد فعل المتمردين الفاتر وكان عرض العفو الاصلي اسفر عن استسلام عشرات من ضمن ما يقدر بنحو 500 مقاتل لايزالون مطلقي السراح.
ويعتقد ان عددا قليلا استسلم منذ اغسطس اب.
والعفو العام جزء من خطة للمصالحة تضمنت ايضا الافراج عن متمردين سابقين مسجونين وتعويض المتضررين ومساعدة المتمردين على الانخراط مجددا في المجتمع.
وانتاب العلمانيين الجزائريين فزع من رؤية عدد من ابرز قياديي المتمردين الاسلاميين يخرجون بحرية من السجن في اذار /مارس 2006.
وقال حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية ان احداث العنف الاخيرة هي نتاج للسياسة التي اتبعتها الحكومة منذ عام 2004 وخطتها للمصالحة التي طهرت الارهابيين من جرائمهم بينما تطلب من الجزائريين احتواء احزانهم.
ويقول الجزائريون انه بسبب العفو العام فان قوات الامن التي لم تكن تتردد في السابق في اعتقال مشتبه به عليها الان ان تذعن للمسؤولين الذين يتولون ادارة نظام العفو العام والتعويضات.
وبعض هؤلاء المسؤولين اجروا مفاوضات مع اقارب متمردين في منطقة القبائل الجبلية.
وقال رزاق بارة مستشار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ان تفجيرات القنابل يوم الثلاثاء جزء من تهديد عالمي يتطلب ردا دوليا منسقة.
واضاف "هذا يتطلب تعاوننا." واوضح ان الجزائر شأنها شأن كثير من الدول الافريقية عرضة لخطر الارهاب. وتابع "نعرف نقاط ضعفنا الخاصة...الحدود المليئة بالثغرات وتجارة الاسلحة الصغيرة والفقر وتلقين مباديء الاسلاميين السلفيين هي بعض العوامل التي تساعد في ترسيخ الارهاب."