عزز الحوثيون الشيعية سيطرتهم على اليمن حيث الغالبية من السنة، باصدارهم الجمعة اعلانا دستوريا قضى بحل البرلمان واقامة مجلس رئاسي يتولى قيادة البلد، وذلك في خطوة ادانتها واشنطن وعبرت الامم المتحدة عن القلق ازاءها، في حين رفضتها قوى سياسية رئيسية في البلاد واعتبرتها "انقلابا".
واليمن، حليف الولايات المتحدة في حربها ضد القاعدة، غارق في ازمة سياسية حادة منذ 22 كانون الثاني/يناير اثر استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته بعد يومين من سيطرة الحوثيين على مقر الرئاسة.
وفي "اعلان دستوري" صدر من القصر الرئاسي، قررت المليشيا الشيعية ايضا تشكيل مجلس وطني من 551 عضوا سيحل مكان البرلمان.
وسيقوم المجلس الرئاسي لاحقا بتشكيل حكومة كفاءات وطنية لفترة انتقالية حددتها ميليشيا انصار الله في الاعلان الرئاسي بسنتين.
ونص الاعلان على ان "يتولى رئاسة الجمهورية في المرحلة الانتقالية مجلس رئاسة مكون من خمسة اعضاء ينتخبهم المجلس الوطني وتصادق عليهم اللجنة الثورية، في حين يكلف مجلس الرئاسة من يراه من اعضاء المجلس الوطني او من خارجه بتشكيل حكومة انتقالية من الكفاءات الوطنية".
واشار الى "تفرع اللجنة الثورية لجانا ثورية في المحافظات والمديريات في انحاء الجمهورية".
ويلزم الاعلان الدستوري "سلطات الدولة الانتقالية خلال مدة اقصاها عامين بالعمل على انجاز استحقاقات المرحلة الانتقالية من مرجعيتي الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة، ومنها مراجعة مسودة الدستور الجديد وسن القوانين التي تتطلبها المرحلة التأسيسية والاستفتاء على الدستور تمهيدا لانتقال البلاد الى الوضع الدائم واجراء الانتخابات النيابية والرئاسية وفقا لاحكامه".
وتمت تلاوة هذا الاعلان الرئاسي خلال حفل اقيم في القصر الرئاسي بمشاركة شخصيات قبلية وعسكرية ووزيري الدفاع والداخلية في الحكومة التي استقالت قبل اسبوعين.
كما حضرت ايضا شخصيات مقربة من الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي اضطر الى التخلي عن السلطة بسبب ضغوط مارسها الشارع وبات حليفا للحوثيين.
وياتي الاعلان عن هذه القرارات غداة تعليق المفاوضات بين مختلف الفصائل السياسية للخروج من الازمة الحالية باشراف موفد الامم المتحدة الى اليمن جمال بن عمر بعد فشل التوصل الى اتفاق. وكان من المفترض ان تتواصل هذه المفاوضات السبت، حسب ما اعلن المشاركون.
وكان الحوثيون دخلوا العاصمة صنعاء في العشرين من ايلول/سبتمبر قادمين من شمال البلاد وسيطروا على الكثير من المباني الحكومية بالقوة ما دفع الرئيس والحكومة الى الاستقالة.
ووسع الحوثيون سيطرتهم باتجاه وسط البلاد واصطدموا بقبائل سنية ومقاتلي القاعدة.
ادانة وقلق ورفض
وقد سارعت الولايات الى ادانة خطوة الحوثيين، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف إن الوزارة تدينها، لكنها اشارت الى ان بلادها تواصل العمل مع قوات مكافحة الإرهاب في اليمن.
كما قال متحدث باسم الأمم المتحدة يوم الجمعة إن المنظمة الدولية قلقة مما وصفته بفراغ السلطة في اليمن بعدما حل الحوثيون البرلمان واعلنوا تشكيل مجلس رئاسي جديد.
وقال المتحدث ستيفان دوجاريتش للصحفيين "هذا الفراغ في السلطة مبعث قلق شديد لنا... يتابع الأمين العام (بان جي مون) وكل الأطراف المعنية باليمن الوضع عن كثب."
وأضاف أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن جمال بن عمر يعود الآن للعاصمة صنعاء بسبب تفاقم الأزمة.
وفي حين دعا الحوثيون السكان الى الاحتفال بالاعلان مساء الجمعة في شوارع صنعاء الخاضعة لسيطرة الميليشيات الشيعية، اصدر مجلس شباب الثورة بيانا يرفض الاعلان الدستوري الحوثي ويصفه ب"الاغتصاب للسلطة ومصادرة لارادة اليمنيين".
ودعا البيان اليمنيين الى "مقاومة سلطة هيمنة ميليشيات الحوثي" واصفا الاعلان بانه "خطوة هيسترية تعبر عن استهتار بالغ بتاريخ الشعب اليمني، ونضالاته، وطموحاته".
ورات انه "لم يكن سوى إعلان الاستيلاء على الدولة اليمنية، معرضا سلامة ووحدة البلاد للخطر (...) مجلس شباب الثورة السلمية يعتبر إعلان الحوثي اغتصابا لحق اليمنيين في اختيار حكامهم ومصادرة لحرياتهم ومستقبلهم، وهو ما سوف يرفضه شعبنا اليمني الذي لن تتحكم في مصيره قلة تحكمها نزعات السيطرة والهيمنة".
واضاف انه "يعتبر صنعاء عاصمة محتلة من قبل ميليشيات مسلحة طائفية اغتصبت السلطة وقوضت الدولة اليمنية، ويرى ان كل ما يصدر عنها وما تتخذه من اجراءات باطلة وغير مشروعة وغير ملزمة لبقية المحافظات".
ودعا الى "مقاومة هذا الانقلاب بكل السبل" وطالب "جميع اليمنيين باختلاف ميولهم ومواقعهم الوقوف صفا واحد ضد هذا العربدة الحوثية ومقاومة سلطة هيمنة ميليشيات الحوثي التي تبدو مصرة على المضي بمخططاتها الانفرادية والاستعلائية، في محاولة منها لتغيير هوية البلد السياسية".
من جهتها، اعلنت قبائل منطقة مأرب رفضها لإعلان الحوثي. واكد الشيخ القبلي صالح الأنجف أن "قبائل مأرب المتواجدة في مطارح نخله والسحيل بمحافظة مأرب ترفض رفضا قاطعا ما أعلنه الانقلابيون في صنعاء ونعلن التزامنا بمخرجات الحوار ووقوفنا إلى جانب القيادة السياسية المنتخبة وسنصدر بيانا في الساعات القادمة".
كما رفضت قيادات سياسية وشعبية في جنوب اليمن الإعلان الدستوري مؤكدين عدم تعاملهم معه.
واعتبر رئيس الكتلة البرلمانية الجنوبية فى البرلمان النائب فؤاد واكد أن إعلان الحوثيين الدستورى انقلاب مكتمل الأركان. مشككا في قدرة الحوثيين على إدارة البلاد وسط رفض واسع من العديد من المحافظات وعلى رأسها المحافظات الجنوبية.
وأوضح واكد أن "الجنوب يقف مع كافة القوى السياسية المعارضة للانقلاب الحوثي".
وقال محافظ عدن عبد العزيز بن حبتور لمحطة "سكاي نيوز عربية" إن قيادة السلطة المحلية في عدن "لن نتعامل مع الإعلان الدستوري الذي أعلن اليوم من قبل جماعة الحوثي في صنعاء باعتباره انقلابا على الشرعية الدستورية.
وقال حبتور "لن نتعامل مع سلطة انقلابية استولت على السلطة، ونحن في المجلس المحلي والتنفيذي والسلطات المحلية لأربع محافظات جنوبية والتي يطلق عليها إقليم عدن ويضم محافظة لحج والضالع وأبين على تنسيق دائم وسنعمل على إدارة هذه المحافظات بعيد عن تأثيرات السلطة الانقلابية في صنعاء".
وقال القيادي في الحراك الجنوبي وضاح الحالمي إن ما حدث في صنعاء "هو انقلاب على الدولة وعلى ما تبقى من الوحدة اليمنية، وانقلاب على مساعي المجتمع الدولي الذي كان يحاول إيجاد دولة مدنية في صنعاء".
تظاهرات
وقال شهود إن مئات الشبان تظاهروا مساء اليوم (الجمعة) في صنعاء وغيرها من المدن اليمنية احتجاجاً على إعلان ميليشيا "أنصار الله" الشيعية التابعة لـ "الحوثيين" سلسلة من الخطوات التي من شأنها أن تعزز سيطرتهم على البلاد.
وفي صنعاء، أطلقت عناصر جماعة "الحوثيين" النار في الهواء وأوقفوا ستة ناشطين، بينهم صحافي في محطة تلفزيون محلية، أثناء محاولتهم تفريق تظاهرة في مكان قريب من الجامعة، بحسب شهود.
وسارت تظاهرات مماثلة في الحديدة وتعز وعدن، حيث رفع المتظاهرون لافتات تندد بـ "انقلاب الحوثيين"، وفقاً لما ذكره عدد من السكان. وفي تعز، أكبر مدن اليمن، نصب متظاهرون خيمة أمام مقر حاكم المحافظة مشيرين إلى اعتصام للتنديد بـ "الانقلاب".
مقتل مرشد القاعدة
وأعلن تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" ومقره اليمن أمس، مقتل مرشده القيادي البارز حارث النظاري في غارة لطائرة أميركية من دون طيار استهدفت سيارة تقله مع ثلاثة آخرين في محافظة شبوة السبت الماضي. معروف أن النظاري كان رحّب باعتداءات باريس، مهدداً فرنسا بمزيد من الهجمات.