قالت إحدى منظمات الإغاثة الدولية يوم الاثنين إن الحرب الأهلية في سوريا تسبب "أزمة إنسانية صادمة" في منطقة الشرق الأوسط مع استمرار فرار آلاف اللاجئين من أعمال العنف التي تشمل الاغتصاب الجماعي.
وقال ناشطون من المعارضة إن غارة جوية على إحدى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة جنوب غربي العاصمة دمشق أسفرت عن مقتل 20 شخصا بينهم نساء وأطفال وإن عدد القتلى خلال الصراع المستمر منذ 21 شهرا يقدر بزهاء 60 ألف قتيل.
وفر ما لا يقل عن 600 ألف سوري إلى الخارج ولجأ كثير منهم إلى تركيا ولبنان والأردن مع اتساع نطاق أعمال العنف وتراجع الجهود الدولية الرامية لإيجاد حل سياسي.
وذكرت لجنة الإنقاذ الدولية التي مقرها نيويورك في تقرير يقع في 23 صفحة عن الأزمة نشر يوم الاثنين أن بعض اللاجئين الذين التقت بهم تحدثوا عن وقائع عنف جنسي قالوا إنها السبب الرئيسي لفرارهم من سوريا.
وذكرت اللجنة أن كثيرا من وقائع الاغتصاب الجماعي حدث أمام أفراد أُسر الضحايا وأن نساء خطفن واغتصبن وعذبن ثم قتلن.
وجاء في التقرير "بعد العمل في مناطق الحرب والكوارث عشرات السنين تدرك لجنة الإنقاذ الدولية أن النساء والفتيات يعانين من عنف بدني وجنسي في كل صراع. وسوريا ليست استثناء."
ووجهت اتهامات إلى مقاتلي المعارضة وجنود الجيش النظامي بانتهاك حقوق الإنسان خلال الصراع الذي بدأ باحتجاجات سلمية على حكم الرئيس بشار الأسد في آذار/ مارس 2011.
وآلت الاضطرابات إلى أعمال عنف عندما أطلقت قوات الحكومة النار على المحتجين وباتت حربا أهلية شاملة منذ ذلك الحين.
وزاد طقس الشتاء من معاناة مئات الآلاف من اللاجئين. ودعت لجنة الإنقاذ الدولية المانحين إلى تكثيف الخطط وزيادة التمويل مع توقع فرار المزيد من السوريين.
وجاء في تقرير اللجنة "بعد مرور نحو عامين على الأزمة السورية تواجه المنطقة كارثة إنسانية صادمة."
ورغم زحف قوات المعارضة السورية في شمال وشرق البلاد وحصولها على دعم من قوى إقليمية مثل تركيا والسعودية لم يتمكن المقاتلون من كسر حالة الجمود العسكري مع قوات الحكومة في مناطق أخرى.
وناضلت المعارضة بصفة خاصة لمواجهة القوة الجوية للحكومة التي تجعل من الصعب عليها الاحتفاظ بمناطق حيوية لاستمرار إحكام قبضة الأسد على السلطة بعد السيطرة عليها ومنها مدن رئيسية.
وذكر ناشط في بلدة المعضمية التي تسيطر عليها المعارضة جنوب غربي دمشق إن 20 شخصا لاقوا حتفهم هناك في غارة جوية يوم الاثنين.
وظهرت في لقطات مصورة جثة هامدة لصبي يسحب من بين أنقاض خرسانة وظهره مغطى بالتراب والدم يغطيه من الأمام.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان من مقره في لندن أن ما لا يقل عن 13 شخصا لاقوا حتفهم في الغارة الجوية لكن العدد يرجح أن يزيد.
وقال التلفزيون الرسمي السوري إن "أرهابيين" -وهو التعبير الذي تستخدمه الحكومة لوصف المعارضة- أطلقوا قذيفة مورتر من ضاحية الدرعية قرب دمشق على مبان مدنية في المعضمية الأمر الذي أدى إلى مقتل نساء وأطفال.
ولم يتسن التحقق من التقارير من جهة محايدة بسبب القيود التي تفرضها الحكومة على وسائل الإعلام المستقلة داخل سوريا.
كما ذكر المرصد أن طائرات حربية سورية قصفت قاعدة تفتناز الجوية الاستراتيجية التي سيطرت عليها قوات المعارضة الأسبوع الماضي.
وفي علامة أخرى لتزايد إراقة الدماء ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان أن لديها أدلة على استخدام قوات الحكومة قاذفات صواريخ متعددة الفوهات لإطلاق قنابل عنقودية في هجمات في الآونة الأخيرة.
وقالت المنظمة "تكثف سوريا وتوسع نطاق استخدامها للذخائر العنقودية رغم الإدانة الدولية لحيازة هذا النوع المحظور من الأسلحة."
ولم يؤد تزايد أعداد القتلى في سوريا إلى احتمال تدخل دولي وشيك إذ لا يزال الخلاف قائما بين الولايات المتحدة وروسيا على طريقة إنهاء الأزمة.
وتواصل موسكو دعم حليفها الأسد الذي أبرم معها عددا من صفقات الأسلحة. ودعت روسيا المعارضة السورية أمس الأحد إلى طرح أفكار من جانبها للحوار مع دمشق ردا على مقترحات طرحها الأسد في خطاب ألقاه قبل أسبوع.
ولم يتضمن الخطاب أي تنازلات وانتقدته الأمم المتحدة والولايات المتحدة ووصفته المعارضة السورية بأنه إعلان جديد للحرب.
وفشلت محادثات بين روسيا والولايات المتحدة في جنيف يوم الجمعة في تحقيق اتفراج.
ورغم توقف المساعي الدبلوماسية فلا يزال الصراع يمتد إلى دول مجاورة لسوريا.
وذكرت وسائل إعلام حكومية تركية اليوم أن قذيفة مورتر أطلقت فيما يبدو من سوريا سقطت في حقل في تركيا خلال الليل قرب مخيم للاجئين يضم آلاف السوريين على الحدود.
وبدأت قوات حلف شمال الأطلسي نشر صواريخ باتريوت الدفاعية في تركيا تحسبا لهجمات محتملة من سوريا جنوبا. ويتوقع أن تدخل الصواريخ الخدمة بحلول نهاية الشهر.
وتساند نركيا المعارضة السورية بقوة.
وذكر الحلف أن القوات الحكومية السورية أطلقت صاروخا غير موجه قصير المدى على غرار صواريخ سكود ليرتفع بذلك عدد الصواريخ التي اطلقتها القوات المسلحة السورية خلال الشهر المنصرم إلى أكثر من 20 صاروخا.
وقالت متحدثة باسم الحلف في بروكسل إن الصواريخ التي أطلقت فيما يبدو صوب أهداف للمعارضة سقطت في الأراضي السورية وأغلبها في شمال سوريا. لكن المتحدثة ذكرت أن بعض الصواريخ سقط "قريبا جدا" من الحدود التركية.