"ثقافة الإفلات من العقاب" المهيمنة تعيق السلام في ليبيا

تاريخ النشر: 28 مارس 2022 - 07:37 GMT
"ثقافة الإفلات من العقاب" المهيمنة تعيق السلام في ليبيا

حذرت لجنة تحقيق دولية مستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا من أن الانتهاكات المتعددة والواسعة النطاق تهدد نزاهة العملية الانتخابية وجهود التحرك نحو الديموقراطية.

وعبرت اللجنة في تقرير حديث عن الأسف لاستمرار الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في معظم أنحاء ليبيا والتي تشمل جرائم محتملة ضد الإنسانية وسط انتشار ثقافة الإفلات من العقاب، ما يعرقل انتقال البلاد إلى السلام والديموقراطية.

رئيس اللجنة المكونة من ثلاثة أعضاء محمد أوجار قال للصحافيين "لن يكون هناك سلام دون وضع حد لهذه الانتهاكات، ولن تكون هناك ديموقراطية دون وضع حد للإفلات من العقاب".

وفي تقريرها، أشارت اللجنة التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في حزيران/يونيو عام 2020، إلى ترهيب ومضايقة النشطاء والاعتداء على المحامين والقضاة والانتهاكات الجماعية ضد الفئات الضعيفة مثل المهاجرين والنساء والمحتجزين.

جرائم ضد الإنسانية

في تقريرها الأول الصادر في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كانت اللجنة قد خلصت إلى أن أعمال القتل والتعذيب والسجن والاغتصاب والإخفاء القسري في السجون الليبية قد ترقى إلى أن تكون جرائم ضد الإنسانية.

وقال أوجار أنه منذ ذلك الحين "كشفنا المزيد من الأدلة على أن انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها المعتقلون في ليبيا واسعة النطاق أو ممنهجة أو الإثنين معا".

ويغطي التقرير الثاني للجنة الفترة منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي التي تزامنت مع اضطرابات سياسية متزايدة قبل وبعد الانتخابات المنتظرة التي تم تأجيلها.

وكان من المقرر أن تجرى انتخابات في ليبيا في كانون الأول/ديسمبر الماضي كجزء من عملية سلام بقيادة الأمم المتحدة تهدف إلى إخراج البلاد من أزمة معقدة نشأت بعد الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011.

ولكن بسبب الخلافات بين الفصائل السياسية حول الأسس القانونية وأهلية المرشحين تم تأجيل الانتخابات لأجل غير مسمى.

وقال أوجار إن لجنة تقصي الحقائق لن تعلق على التطورات السياسية في البلاد. ومع ذلك ركزت اللجنة بشكل مكثف على الانتهاكات والجرائم "التي يمكن على وجه الخصوص أن تعرقل انتقال ليبيا الى حالة السلم والديموقراطية وحكم القانون".

وأضاف "من وجهة نظرنا ثقافة الإفلات من العقاب التي تهيمن في أجزاء مختلفة من ليبيا تعيق هذا التحول".

وقالت اللجنة أنها تلقت "تقارير مقلقة عن اعتداءات على منظمات المجتمع المدني ونشطاء في ليبيا". مشيرة إلى أن "النشطاء يتعرضون للتهديد بشكل روتيني على الإنترنت (...) ويعيشون في ظل خوف دائم من الاختطاف والاعتقال والاحتجاز التعسفي".

وكشف أنه تم نشر "تسجيلات فيديو مروعة لاعترافات نشطاء" على صفحة فيسبوك الخاصة بالأمن الداخلي في طرابلس، مضيفا ان "اللجنة تخشى أن تكون مثل هذه +الاعترافات+ قد تم الحصول عليها بالإكراه وتهدف إلى ترهيب النشطاء".

وسلط الخبراء الضوء على مسألة الإفلات من العقاب في الاعتداءات على النساء العاملات في السياسة، بما في ذلك الإخفاء القسري للنائبة سهام سرقيوة عام 2019 ومقتل المحامية والناشطة حنان البرعصي عام 2020.

استقلالية المؤسسات السيادية

الى ذلك، دعت كل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا الإثنين، إلى الحفاظ على استقلالية وسلامة المؤسسات السيادية في ليبيا.

جاء ذلك في تغريدات منفصلة عبر "تويتر" لمستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني وليامز والسفارتين الأمريكية والبريطانية لدى طرابلس.

وتتصاعدت محاولات أطراف متنازعة على الحكم في ليبيا من أجل استخدام هذه المؤسسات السياسية لصالحها.

وقالت وليامز إنه "يجب حماية استقلالية ونزاهة المؤسسة الوطنية للنفط والمؤسسة الليبية للاستثمار ومصرف ليبيا المركزي من الاضطرابات السياسية".

وأكدت أن "هذه المؤسسات السيادية هي في المقام الأول ملك للشعب الليبي ولا يجوز أن تتعرض لضغوط تعسفية أو استخدامها كسلاح لمنفعة طرف أو آخر". ودعت إلى أن "تكون الإدارة والتوزيع الشفاف لثروة الشعب الليبي هدفا مشتركا".

كما قالت السفارة الأمريكية إن "الولايات المتحدة تدعم بشدّة استقلال ونزاهة هذه المؤسسات السيادية غير المسيّسة التي تعمل لصالح جميع الليبيين".

واتفقت بريطانيا "تماما مع المستشارة الخاصة للأمين العام على الحاجة إلى الحفاظ على استقلالية ونزاهة المؤسسة الوطنية للنفط والمؤسسة الليبية للاستثمار ومصرف ليبيا المركزي وحمايتهم"، وفق السفارة البريطانية.

وتشهد ليبيا حالة انقسام سياسي على خلفية تنصيب مجلس النواب بطبرق (شرق) فتحي باشاغا رئيسا لحكومة جديدة، مطلع مارس/ آذار الجاري.

بينما يرفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي وفق برلمان جديد منتخب، تنفيذا لمخرجات ملتقى الحوار السياسي.

ويأمل الليبيون إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية تساهم في إنهاء نزاع مسلح عانى منه لسنوات بلدهم الغني بالنفط.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن