جدل فلسطيني حول تجنيد الامهات لتنفيذ العمليات الاستشهادية

تاريخ النشر: 15 يناير 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

البوابة-بسام العنتري 

اثار تجنيد حركة حماس لاول ام فلسطينية في عملية استشهادية ردرود فعل متباينة، فبينما بررت الحركة للخطوة بانها جاءت تحت الحاح من قبل الشهيدة نفسها، الا ان حقوقيين وسياسيين ابدوا تحفظات وراوا ضرورة ان تكون لدى الفصائل ضوابط تاخذ بالاعتبار الوضع الاجتماعي لمن يتم تجنيدهن في العمليات. 

وتعد الشهيدة ريم الرياشي (21عاما)، التي نفذت العملية التي اسفرت عن مقتل اربعة جنود اسرائيليين عند حاجز بيت حانون (ايريز) في قطاع غزة الاربعاء، اول ام فلسطينية تنفذ عملية استشهادية. 

وتبنت كتائب شهداء الاقصى، التابعة لحركة فتح، وكتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس العملية، واعلنت الاخيرة ان الشهيدة هي من اعضاء جناحها العسكري. 

وقالت حماس انها جندت الشهيدة بهدف التغلب على الاجراءات الوقائية الاسرائيلية. وقال الشيخ احمد ياسين مؤسس الحركة ان هذا تطور جديد "في المقاومة ضد العدو". 

وخلفت الرياشي، وهي سابع فلسطينية تنفذ عملية استشهادية، طفلين احدهما عبيدة الذي لم يتجاوز سنة ونصف السنة، وضحى ذات الاعوام الثلاثة.  

وكانت الشهيدة، وهي من عائلة ميسورة تقيم في مدينة غزة، قد تزوجت قبل نحو خمسة اعوام من زياد عواد، 24 عاما، وهو عاطل عن العمل.  

واكد احد افراد عائلتها ان العائلة "صعقت كثيرا وصدمت لدى سماعها نبأ العملية التفجيرية"، مشيرا الى ان عائلته "مسالمة وضد اي شيء يعارض السلام". وقال اخر ان ريم "لم تكن متدينة عندما تزوجت".  

وقد سعت حركة حماس الى تبرير تجنيدها للشهيدة في العملية، في مواجهة تحفظات ابداها حقوقيون وسياسيون راوا ضرورة ان تكون لدى الفصائل ضوابط تاخذ في الاعتبار الوضع الاجتماعي والاسرى لمن يتم تجنيدهن في العمليات. 

وقال المتحدث باسم حركة حماس، محمد غزال في اتصال هاتفي مع "البوابة" ان "هذه القضية (المشاركة في عمليات استشهادية) تعتمد على الشخص بحد ذاته، ولا تعتمد على صفة الجهة المنفذة"، في اشارة للجهة التي تتبنى العملية. 

واستشهد غزال بشريط الفيديو الذي وزعته كتائب القسام ويظهر الشهيدة وهي تتحدث عن العملية قبل تنفيذها. 

وقال "واضح من الشريط انها تتحدث عن انها حاولت منذ سنوات الوصول الى هذه المرحلة، وبالتالي القضية هي قضية شخصية وقرار لشخص وليس قرارا لاحد يفرضه على أي انسان اخر". 

واتفق قيادي بارز في حركة الجهاد الاسلامي، التي سبق ان جندت استشهاديات، مع ما ذهب اليه غزال من ان المشاركة في العمليات تكون في الدرجة الاولى بناء على موقف الشخص نفسه، الا انه اعرب عن تفضيله لان يكون منفذو العمليات من الذكور. 

وقال القيادي في الجهاد، نافذ عزام للبوابة "لا اعرف الاسباب التي دعت الى وجود استشهادية ام لولدين، لا اعرف، لكن ربما هذه كانت رغبة شخصية لها (الرياشي)، ربما كان الامر كذلك". 

واضاف "في الغالب، يفترض ان يتم التركيز على عنصر الرجال والشباب (في تنفيذ العمليات) لاعتبارات عديدة تتعلق بطبيعة العادات وطبيعة التقاليد وطبيعة الصراع ذاته". 

وكانت حركة الجهاد الاسلامي جندت استشهاديتين في السابق لتنفيذ عمليات داخل اسرائيل هما هبة ضراغمة وتهاني جرادات. 

ونفذت هبة، وهي طالبة بجامعة القدس المفتوحة، وتتحدر من بلدة طوباس، قرب جنين، عملية استشهادية في مدينة العفولة في 19 ايار/مايو الماضي. واسفرت العملية عن مقتل ثلاثة اسرائيليين وجرح العشرات. 

اما هنادي، وهي محامية، فنفذت عملية مطعم مكسيم في حيفا في 4 تشرين الاول/اكتوبر 2003، وهي العملية التي اسفرت عن مقتل 20 إسرائيليا وجرح أكثر من مائة. 

وفي الوقت الذي اعتبر فيه مصطفى البرغوثي، وهو سياسي فلسطيني وناشط بارز في مجال حقوق الانسان، تنفيذ العمليات الاستشهادية عموما دليلا على "الضيق والغضب" الفلسطيني بسبب ممارسات الاحتلال، الا انه راى وجوب ان تاخذ الفصائل في الاعتبار "خصوصية الام" عند تجنيد الاستشهاديات. 

وقال البرغوثي لـ"البوابة" ان العمليات الاستشهادية تدل على مدى "الضيق والغضب الذي ينتاب الشعب الفلسطيني الذي يصل الى درجة ان اما كهذه تقوم بهذه العملية..هذا تعبير عن مستوى الضغط الهائل". 

لكنه راى ضرورة ان تكون لدى الفصائل محددات وضوابط لمن يتم تجنيدهم في العمليات الاستشهادية، مؤكدا ان "هناك خصوصية للام والاطفال وهذا امر يجب ان اخذه في الاعتبار". 

وحمل البرغوثي رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون "المسؤولية عن كل ما يجري" وعن "استشهاد 2780 فلسطينيا ومقتل 900 اسرائيلي" خلال سنوات الانتفاضة الثلاث الماضية. 

ومن جهتها، رات النائب في البرلمان الاردني ناريمان الروسان ان تضحية المراة بنفسها هو من "اسمى" درجات الدفاع عن الوطن، وان الفصائل لا تستطيع سوى تقديم "النصيحة" للام الفلسطينية المصرة على الاستشهاد عبر تذكيرها بابنائها.  

وقالت لـ"البوابة" ان "قيام امراة بتنفيذ عملية هو من اسمى ما يكون في الدفاع عن الوطن..احيانا القهر يدفع الشخص الى نسيان الامور الاخرى ومن بينها الامومة والعائلة، والى القيام بعمل غير طبيعي وغير مالوف من اجل وطنه". 

واضافت "في تصوري ان من الممكن ان تقوم التنظيمات السياسية او العسكرية بتقديم النصيحة وتذكير المراة بابنائها وعائلتها، لكن اذا كانت مصرة ان تقدم نفسها فداء لوطنها، فلا اتصور ان احدا يستطيع منعها". 

جدل علماء المسلمين 

تؤكد الفصائل الفلسطينية، وبخاصة الدينية منها، ان الشرع الاسلامي لا يمنع مشاركة المراة في المقاومة وفي تنفيذ العمليات الاستشهادية. 

الا ان هذه العمليات عموما، كانت مثار جدل حاد بين علماء المسلمين في مطلع الانتفاضة، بعد ان ادانها شيخ الازهر، الشيخ محمد سيد طنطاوي، والذي وصفها "بالعدوان على المدنيين الابرياء". 

ورد مفتي مصر الدكتور نصر فريد واصل على موقف الطنطاوي مؤكدا في فتوى شرعية "إن العمليات الاستشهادية التي يقوم بها الفلسطينيون في الأراضي المحتلة لرفع الظلم عنهم هي عمليات مشروعة مائة في المائة، ولا يستطيع أي امرئ أن يقول إن مقاومة الاحتلال بكافة السبل والوسائل غير مشروعة بحال من الأحوال". 

ورفض الداعية الاسلامي يوسف القرضاوي بدوره موقف شيخ الأزهر وقال "كيف للأزهر أن يجرم المجاهدين الذين يقاومون المحتل؟". وبرر القرضاوي العمليات الفدائية باعتبار أن "الشعب الإسرائيلي عسكري في تركيبته".  

غير أن شيخا من هيئة كبار العلماء في السعودية المخولة إصدار الفتاوى الشرعية أيد الشيخ الطنطاوي في موقفه. وقال الشيخ محمد بن عبد الله السبيل إن أي هجوم على الأبرياء يتعارض مع نصوص الشريعة. 

واعتبر مراقبون رايي الطنطاوي والسبيل نابعين من إيعاز من قبل السلطات بشجب العمليات الفدائية من أجل إرضاء الولايات المتحدة. 

وترى غالبية العلماء المسلمين ان تحريم استهداف المدنيين في العمليات يستثني إسرائيل التي لاتزال من الناحية النظرية في حالة حرب مع العرب، في حين لايزال الجيش الإسرائيلي والمستوطنون يهاجمون المدنيين الفلسطينيين. 

استشهاديات واخريات لم يحالفهن النجاح 

سبق ريم الرياشي منفذة عملية ايريز سبع استشهاديات فلسطينيا نفذن خلال الانتفاضة الحالية عمليات تسببت في مقتل وجرح عشرات الاسرائيليين. 

فقد قامت الاستشهادية وفاء إدريس، العاملة في الهلال الاحمر الفلسطيني، بتدشين موكب الاستشهاديات، حيث نفذت عملية شارع يافا في 27 كانون الثاني/يناير 2002، والتي اسفرت عن مقتل اسرائيلي واحد وجرح 90 آخرون. 

كما نفذت الطالبة في جامعة النجاح بنابلس، دارين ابو عيشة (24 عاما) وهي من قرية بيت وزن قضاء نابلس عملية اخرى على حاجز مكابيم بين القدس وتل ابيب في 27 شباط/فبراير2002 حيث جرح خلال العملية جنديان. 

وقامت آيات الأخرس (18 عاما) من مخيم الدهيشة في بيت لحم بعمليتها في 29 اذار/مارس 2002 بأحد أسواق القدس الغربية، وهو ما أدى إلى مقتل إسرائيليين اثنين وجرح 22 اخرين. وتبنت كتائب شهداء الاقصى العملية. 

ثم نفذت عندليب طقاطقة (23 عاما)، وهي طالبة من بيت فجار في بيت لحم، عملية في القدس في 12 نيسان/ابريل 2002، أسفرت عن مقتل ستة إسرائيليين، وإصابة 85 اخرين. واعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مسؤوليتها علن العملية. 

وتلا ذلك تنفيذ الطالبة في جامعة القدس المفتوحة، هبة عازم ضراغمة، من طوباس قرب جنين، عملية في العفولة شمال اسرائيل في 19 ايار/مايو 2003، اسفرت عن مقتل ثلاثة اسرائيليين وجرح عشرات آخرين.وتبنت حركة الجهاد الاسلامي العملية. 

ونفذت المحامية، هنادي جرادات عملية قتلت فيها 20 إسرائيليًّا وجرحت أكثر من مائة حينما فجرت نفسها في مطعم مكسيم بحيفا في 4 تشرين الاول/اكتوبر 2003. 

هذا، وقد كشف تقرير اعده الجيش الاسرائيلي القبض على عشرات الفلسطينيات ممن كن ينوين القيام بعمليات استشهادية ومن هؤلاء: 

- شفاء القدسي (25 عاما) من طولكرم مطلقة وام لطفلة، وقد اعتقلت في منزل والديها في 11 نيسان/ابريل 2002 بينما كانت تجهز نفسها للقيام بعملية خططت لها كتائب الاقصى. 

- ثورية حمود (26 عاما) من جبع اعتقلت من منزل عمتها في طولكرم بعد ان كانت في طريقها لتنفيذ عملية استشهادية في القدس. 

- تهاني الطيطي (24 عاما) من مخيم العروب اعتقلت على يد جهاز المخابرات "الشاباك" بعد ان اعلنت رغبتها القيام بعملية استشهادية. 

- عبير حمدان (27 عاما) من نابلس وقد استشهدت في 31 تموز/يوليو، اثر انفجار العبوة التي كانت تنقلها في سيارة عمومية بين طولكرم ونابلس. 

- ايمان عيشة (28 عاما) من نابلس متزوجة وام لطفلين، اعتقلت خلال وضعها عبوة ناسفة موجودة داخل حقيبة في المحطة المركزية للباصات في تل ابيب وذلك في 3 تموز/يوليو2001. 

- نورا غانم (16 عاما)، وهي طالبة من طولكرم واعتقلت في 24 شباط/فبراير 2002 بعد ان تركت في بيتها وصية تعرب فيها انها قامت بعملها تضامنا مع ابطال المقاومة. 

- آمنة منى 26 عاما طالبة في جامعة بيرزيت، من بلدة بيرنبالا القريبة من رام الله, وخططت مع ناشط فلسطيني لاختطاف وقتل اسرائيلي عن طريق شبكة الانترنت.  

- عرين احمد (20 عاما) طالبة من بيت ساحور، كان من المفترض ان تنفذ عملية مزدوجة مع نشيط فتح عيسى بدير في ريشون ليتسيون، لكنها تراجعت في اللحظة الاخيرة ورجعت الى منزلها حيث اعتقلت لاحقا بتاريخ 22 ايار/مايو 2002.  

- سناء شحادة (27 عاما) من مخيم قلنديا كانت تعمل مساعدة لناصر الشاويش من نابلس, ادخلت استشهادي الى شارع يافا بتاريخ 21/3/2002 مع قاهرة سعدي, وقد اسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة اسرائيليين وعشرات الجرحى. 

- ايمان ابو خوصة (21 عاما) من جباليا خرجت بتاريخ 25 نيسان/ابريل 002 لمنطقة رفح وهناك اختبأت في مبنى ثم زحفت باتجاه احدى المستوطنات من اجل تفجير نفسها، وقد اعتقلها الجنود.