اثار التطرق الى احتمال اقرار المحكمة الدولية الخاصة بكشف قتلة رفيق الحريري في مجلس الامن تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة بعد تعذر اقرارها داخل المؤسسات الدستورية اللبنانية جدلا سياسيا حادا في لبنان.
وتراوحت ردود الفعل على ذلك بين الرفض المطلق والتخوف من انعكاسه على الاوضاع الداخلية الهشة اصلا.
وما اثار هذا الجدل الحاد الذي اضاف توترا جديدا الى العلاقة المتأزمة بين الحكومة والمعارضة هو نشر نص رسالة الثلاثاء الماضي بعث بها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون مؤرخة في الثامن من كانون الثاني/يناير.
وعرض السنيورة في هذه الرسالة عجز المؤسسات الدستورية اللبنانية عن اقرار المحكمة ذات الطابع الدولي بسبب موقف رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس المجلس نبيه بري الرافضين لاقرارها والمواليين للمعارضة.
ويقول السنيورة في هذه الرسالة متوجها الى بان كي مون "امام هذا الوضع (العجز عن اقرار قانون المحكمة داخل المؤسسات الدستورية اللبنانية) علينا البحث عن بدائل تمكننا من تخطي الصعوبات الحالية" الامر الذي فسرته المعارضة وخصوصا حزب الله بانه دعوة للامين العام للامم المتحدة ليباشر البحث في اقرار المحكمة مباشرة داخل مجلس الامن وتحت الفصل السابع.
النائب في حزب الله حسن حب الله قال لوكالة فرانس برس ان السنيورة في رسالته الى الامين العام للامم المتحدة "يصور الوضع على ان قانون المحكمة لم يعد ممكنا اقراره في لبنان ويدعوه الى اقراره بموجب الفصل السابع".
وراى ان هذا الامر في حال حصوله سيكون "تجاوزا لكل السلطات الدستورية وصولا الى فرض محكمة من الخارج على الشعب وعلى الدولة وهذا منطق غير مقبول".
عن ماهية مخاوف حزب الله من انشاء محكمة دولية من هذا النوع تحت الفصل السابع قال النائب حب الله "المخاوف بالنسبة الينا هي تسييس المحكمة واقرارها بهذه الطريقة يجعلنا نشك بشكل كبير الى انها ستكون مسيسة وليست جنائية" مضيفا "نريد محكمة جنائية بحتة لا علاقة لها بعالم السياسة".
من جهته ابدى النائب بطرس حرب القيادي في قوى 14 آذار المناهضة لسوريا تخوفا من انعكاسات اقرار المحكمة الدولية حسب الفصل السابع على الوضع الداخلي اللبناني.
وقال لوكالة فرانس برس "قد يكون من الافضل ان يصار الى اتفاق بين اللبنانيين على موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي التي تقر تحت الفصل السادس (لا يتيح استخدام القوة) بدلا من السابع".
واعتبر ان "اللجوء الى الفصل السابع سيضع لبنان بالنظر الى عدم اتفاق اللبنانيين على كلمة واحدة في مواجهة المجتمع الدولي وسيخضع اللبنانيين لقرارات على حساب سيادتهم لكي تمارس المحكمة الدولية مهامها".
ورأى انه "حتى لو قرر مجلس الامن اعتماد الفصل السابع يجب ان يكون مستعدا لاتخاذ كل التدابير التي لا تجعل من المحكمة الدولية محكمة شكلية مع انعكاسات هذا الامر على صعيد الداخل في لبنان وهي بالطبع انعكاسات غير ايجابية".
من جهته اعتبر استاذ القانون سامي سلهب في حديث لوكالة فرانس برس ان السنيورة في رسالته الى بان كي مون كان يقول ضمنيا "اذا كانت لديكم بدائل اعطونا اياها". واعتبر سلهب ان مجلس الامن "له سلطة استنسابية وحسب المادة 29 من ميثاق الامم المتحدة يحق له ان ينشىء محكمة اذا اعتبر ان السلم في اي دولة او السلم الاقليمي او الدولي مهدد".
وراى انه بالنسبة الى لبنان يستطيع مجلس الامن "ان ينشىء هذه المحكمة تحت الفصل السابع اذا اعتبر ان مؤسسات لبنان الدستورية غير قادرة على تنفيذ الالتزامات المتوجبة عليها بموجب قرار مجلس الامن 1664 الصادر في اذار/مارس 2006 الذي قضى بانشاء هذه المحكمة واذا اعتبر ايضا ان عدم انشاء هذه المحكمة قد يزعزع الاستقرار في لبنان او يهدد الاستقرار الاقليمي".
ويعتبر سلهب "ان ميثاق الامم المتحدة في المادة الثانية من الفقرة السابعة يقر بشكل واضح بعدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول الا انه جعل اللجوء الى الفصل السابع الاستثناء الوحيد لمسألة التدخل في الشؤون الداخلية".
وفي حال قرر مجلس الامن الاستناد الى الفصل السابع في انشاء المحكمة راى سلهب انه "يكون قد استنتج ان عدم انشائها يشكل تهديدا للاستقرار في لبنان او للاستقرار الاقليمي" ويكون تدخله في هذه الحالة مشروعا ولا يخالف ميثاق الامم المتحدة.
حول فرص اقرار المحكمة الدولية تحت الفصل السابع راى نائب حزب الله "ان هذا الاحتمال ممكن لكنه مستبعد لانه سيكون سابقة خطيرة على المستوى الدولي وتجاوزا لسيادة لبنان" مضيفا "اذا كانت هناك مصلحة للولايات المتحدة واسرائيل في انشاء هذه المحكمة قد لا تكون هناك مصلحة لدى اي دولة اوروبية اخرى".
كما اعتبر الخبير القانوني سلهب ان اقرار المحكمة بموجب الفصل السابع "مستبعد جدا" استنادا "الى ما نسمعه في كواليس الامم المتحدة وما يتم التداول به" مضيفا ان "لا احد في مجلس الامن يتكلم عن الفصل السابع" بالنسبة لانشاء هذه المحكمة.
وفي السياق نفسه قال النائب حرب ان "اقرار المحكمة الدولية تحت الفصل السابع ليس بالامر السهل بلوغه لان بعض الدول المصنفة عظمى والتي تتمتع بحق الفيتو ليست كلها مقتنعة بوجوب اللجوء الى الفصل السابع".
وكان المتحدث باسم الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتيي قال في السادس من الشهر الجاري ردا على سؤال حول احتمال اللجوء الى الفصل السابع لانشاء هذه المحكمة "ان موقفنا لم يتغير ونعتبر اننا لا نزال في اطار عملية يجب ان يتم التوصل في اطارها الى اتفاق بين الامم المتحدة والسلطات اللبنانية". واضاف "لقد سلم المشروع (المحكمة) الى السلطات اللبنانية ولا نزال ننتظر ان تصل العملية الى خواتمها لدى الجانب اللبناني وهذه هي الصيغة التي نعتبرها الافضل الى حد كبير".