مقالة بقلم كريستي هوفمان السويسرية، الأمينة العامة لإتحادUNI العالمي (الصورة أدناه)على موقع International Politics and Society:
ترجمة وائل منسي
لقد جعل الوباء شركة أمازون أقوى شركة في العالم. نحن بحاجة إلى وضع حد لممارساتها الضارة:
يدخل العالم حقبة تغيير لا يمكن إنكارها، ستحدده استجابتنا الجماعية للدمار البشري والاقتصادي الذي خلفه الوباء. ومع استمرار انتشار Covid-19في جميع أنحاء العالم ، فإن صعود أمازون إلى قمة الاقتصاد الرأسمالي ، ويحصد كل شيء، هي دعوة للعمل للقوى التقدمية التي لا تزال تؤمن بالسياسات الإشتراكية الإجتماعية ، ومستعدة للنضال من أجل التأكيد على كرامة العمل.
نتيجة للإغلاقات لمدد طويلة نسبيا والمتكررة، ضاعفت أمازون تقييمها السوقي إلى أكثر من 1.5 تريليون دولار أمريكي، وأرباحها في الربع الثالث زادت بنسبة 200 في المائة. وفي الولايات المتحدة وحدها خلال فترة العطلة، من المتوقع أن تربح أمازون 42 سنتًا من كل دولار يتم إنفاقه.
أصبح جيف بيزوس، أغنى رجل في العالم، أكثر ثراءً ويقوم بتوسيع إمبراطوريته في الأمازون بمعدل غير مسبوق.
ولطالما كانت وتيرة العمل في مستودع أمازون قاسية ولا ترحم ، ومع الإصابات المتعلقة بالعمل تفوق بكثير الأعمال المماثلة الأخرى. ولكن بمجرد إجتياح Covid-19 وتحول العملاء إلى التجارة الإلكترونية، أصبحت ظروف العمل داخل هذه المستودعات أسوأ، مع تضاعف حجم الطلبات.
وأصبح التباعد الاجتماعي ونظافة اليدين واتخاذ إجراءات الوقاية غير متوافقين مع طبيعة وأهداف الإنتاج والتصنيع.
وأدت الإجراءات النقابية إلى تغييرات في سلوك إدارة أمازون مع العاملين، في بعض البلدان الأوروبية، بينما في دول أخرى مثل الولايات المتحدة، إذا تحدث العمال عن السلامة المهنية فقط ، يتم فصلهم، بما يتفق مع سياسات أمازون المناهضة للنقابات المهنية.
فيقوم أكبر مستفيد من الوباء "جيف بيسوس رئيس أمازون/أنظر الصورة أدناه" بطرد العمال أو إسكات الإنتقادات، بدلاً من حل المشكلات المتعلقة بالسلامة المهنية وتحسين بيئة العمل، والتفاوض مع الشركاء الاجتماعيين.
إمبراطورية أمازون تتوسع:
هذا الأسبوع فقط ، أصدرت الحكومة الفيدرالية الأمريكية شكوى ضد أمازون، لإقالة عاملة مستودع لأمازون "كورتني بودين" التي دافعت عن تحسين بيئة وشروط العمل.
في أبريل ، فصلت الشركة عاملين في مجال التكنولوجيا بعد أن دعيا الشركة إلى اتخاذ إجراءات سلامة وظروف مهنية عاجلة.
وكشف موقع الأخبار الأمريكي Viceمؤخرًا عن مخطط مكثف لشركة Amazon يستخدم محققين خاصين للتجسس على العمال والمدافعين عن البيئة العمالية، وغيرهم من القادة الاجتماعيين الذين يجرؤون على انتقاد الشركة.
إن عملاق التكنولوجيا أمازون، الآن ليس قوة للتجارة الإلكترونية فحسب ، بل هو أيضًا رائد في نظم التخزين والحوسبة السحابية، والفيديو Video Streaming والمساعدة الافتراضية للعملاء، والإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي، وتجارة البضائع الإستهلاكية والصيدلة، وقد أظهر طموحات للتوسع في الشبكات اللاسلكية، والرعاية الصحية، وتوفير خدمات الإنترنت.
لا تمثل أمازون تهديدًا للعمال فحسب، بل تهدد أيضًا أولئك الذين يؤمنون بالخصوصية والحريات المدنية وعدالة الإقتصاد.
كما أن الحجم المتزايد للشركة يجعل من السهل تحريض وتحريك أصوات المجتمع المدني المعارضة.
الخبر السار هو أننا نستيقظ وننتبه إلى الخطر الذي تشكله أمازون.
بدأ المنظمون المناهضون للاحتكار والسياسيون التقدميون في الإنتباه إلى هيمنة أمازون المتزايدة على السوق، والمنافسة غير العادلة التي تنتج عن البائعين على المنصة وغيرهم في البيع بالتجزئة. تدير أمازون وتضع القواعد لمنصتها وتبيع منتجاتها هناك، مما يمنحها ميزة غير عادلة على كل بائع آخر والمزيد من التأثير على جيوبنا ومقدراتنا، والبيانات الخاصة بنا كل يوم.
السياسيون مستعدون للتحرك:
فتحت المفوضية الأوروبية تحقيقاً بشأن مكافحة الاحتكار بحجة أن الشركة تسيء استخدام بيانات البائعين على المنصة لصالحها. وأكدت اللجنة القضائية في مجلس النواب الأمريكي المعنية بالمنافسة في الأسواق الرقمية ما تناقله الكثيرون بالفعل: "إن نمط أمازون في استغلال البائعين ، الذي مكنت من هيمنتها على السوق، يثير مخاوف جدية بشأن المنافسة."
وفي الهند ، أمرت لجنة المنافسة بإجراء تحقيق في الانتهاكات المزعومة قانون المنافسة، في حين قدم محامون أمريكيون شكاوى ضد موقع أمازون المهيمن في التجارة الإلكترونية في عدة ولايات.
تُعد هذه الجهود لكبح جماح أمازون وشركات التكنولوجيا الأخرى في أوروبا والولايات المتحدة والهند، إشارة وعلامة على أن العمال والمسؤولين والمنتخبين التقدميين والمجتمع المدني يمكنهم إيجاد طرق للشراكة لمحاسبة هذه الشركات.
في الأسبوع الماضي فقط ، تضافرت جهود UNI Global Union و Progressive International و Oxfam و Greenpeace وأكثر من 50 من منظمات المجتمع المدني وعلماء البيئة ومراقبين الضرائب في يوم الجمعة الأسود لإطلاق مبادرة #MakeAmazonPay، وهي حملة عالمية مؤثرة لمساءلة أمازون عن ديونها للعمال والمجتمعات والكوكب.
و تظاهر عمال وحلفاء من 15 دولة في تظاهرة عمالية كبيرة، بتوحيد المطالب وتحسين ظروف العمل، وقد أيدها أكثر من 400 مشرع من 34 دولة.
كبح جماح الأمازون هو اختبار لعصرنا:
نأمل أن نقترب من نهاية الوباء، لكننا بداية لا بد من التأكد أن اقتصاد ما بعد الكورونا، عادل ومستدام.
لا يمكننا أن ندع عملاقًا رقميًا يلتهم ويتحكم في تجارتنا والبنية التحتية للمعلومات وبياناتنا، ولا يمكننا السماح لشركة أمازون بتجنب دفع نصيبها العادل من تكاليف التعافي الذي تشتد الحاجة إليه والذي يدفعه جميع دافعي الضرائب. ولا يمكننا السماح لشركة أمازون برفض التفاوض مع النقابات وفرض حصص إنتاج غير إنسانية على العمال ودفع الشركات الصغيرة إلى حافة الانهيار.
سيستفيد الأغنياء والأقوياء والمسيطرين على إقتصاداتنا، بشكل متزايد، ما لم نجعل أمازون تحترم حقوق العمال وعدالة توزيع الدخل ومنافع السوق دون إحتكاره ، وتساهم بنصيبها العادل من الضرائب ونمحى بصمتها الكربونية والعالمية الهائلة.
في أوائل القرن العشرين ، واجه تحالف واسع من المجتمع المدني، الصناعيين الاحتكاريين والرأسماليين الذين سيطروا على الاقتصاد العالمي، وانتصروا بانتزاع حقوقهم وتحسين شروط وظروف العمل والإنتاج.
ستكون قدرة مجتمعنا على كبح جماح أمازون والبارونات اللصوص الآخرين في عصرنا بمثابة اختبار لعصرنا. معركة ستشكل مستقبل العمل واقتصادياتنا.

وأصبح التباعد الاجتماعي ونظافة اليدين واتخاذ إجراءات الوقاية غير متوافقين مع طبيعة وأهداف الإنتاج والتصنيع.