عاود حزب الله الشيعي اللبناني نصب اعلامه وشعاراته عند الحدود مع اسرائيل بعد نحو ستة اشهر على انتهاء الحرب بينهما، فيما تعمل سلطات الدولة العبرية بلا كلل لتوفير الحماية لسكانها في حال نشوب حرب اخرى مع هذا الحزب.
ونصب حزب الله نحو 300 علم اصفر على طول الشريط الشائك الذي يفصل بين الاراضي اللبنانية والاسرائيلية من بلدة الناقورة (جنوب صور) حتى بلدة شبعا (شرق) مرورا بمروحين وعيتا الشعب ومارون الراس ويارون وعيترون والعديسة وكفركلا.
وتقع هذه القرى قبالة البلدات الاسرائيلية ومواقع الجيش الاسرائيلي في شلومي وزرعيت وافيفيم وكريات شمونة.
وكانت القوات الاسرائيلية دمرت خلال حرب تموز/يوليو وآب/اغسطس التي شنتها على لبنان اكثر من ثمانين منصة كانت تحمل اعلام الحزب الصفراء وصور امينه العام حسن نصرالله وعناصره الذين سقطوا في عمليات ضد القوات الاسرائيلية.
واندلع هذا النزاع العسكري في 12 تموز/يوليو اثر قيام حزب الله باسر جنديين اسرائيليين في منطقة الخط الازرق الذي يعتبر بمثابة حدود بين لبنان واسرائيل وتوقفت الاعمال الحربية في 14 آب/اغسطس بموجب القرار 1701 الصادر عن مجلس الامن الدولي.
وتنفيذا لهذا القرار تم تعزيز قوة الامم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان التي بات يناهز عديدها 12 الف عنصر بقيادة ايطالية الى جانب نحو 15 الف عنصر من الجيش اللبناني انتشروا في جنوب لبنان للمرة الاولى منذ اكثر من ثلاثة عقود.
ويبدي حزب الله تعاونا مع الجنود الدوليين واللبنانيين الذين يسهرون على وقف الاعمال الحربية بموجب القرار 1701 لكنه رفض التخلي عن ترسانته العسكرية.
ويمكن مصادفة عناصر من الحزب يجولون بين القرى على دراجاتهم النارية في ثياب مدنية سوداء ولكن من دون اي مظاهر مسلحة. وعادة ما تحمل هذه الدراجات اعلام الحزب وصور امينه العام.
وقال المسؤول الاعلامي في حزب الله في الجنوب حيدر دقماق لفرانس برس "خلال الحرب قال قادة العدو انهم لن يسمحوا للحزب بمعاودة رفع راياته على الحدود".
واضاف "اعدنا بناء كل البنية الاعلامية التي دمرها العدو ورفعنا صور الاستشهاديين بحجم اكبر واضفنا لوحات للشهداء الذين سقطوا خلال حرب تموز/يوليو يتجاوز ارتفاع كل منها اثني عشر مترا مع ابراز اسم كل مقاتل وتاريخ استشهاده وعبارة +هذا شهيد سقط دفاعا عن ارضنا+".
واوضح دقماق ان "رايات الحزب يبلغ طولها خمسة امتار وعرضها اربعة امتار بحيث يراها عناصر جيش العدو وسكان المستوطنات بوضوح" مؤكدا ان "الحزب عاد اعلاميا اقوى مما كان عليه قبل الحرب الاخيرة".
ووضع الجيش الاسرائيلي عناصره في حال استنفار وهو يراقب منذ اربعة ايام رافعات كبيرة استعان بها حزب الله لنصب الاعلام وتركيب اللوحات على قواعد من الاسمنت. ورفعت على طريق الناقوة صور تظهر دبابات للجيش الاسرائيلي تم تدميرها خلال مواجهات بين مقاتلي حزب الله والاسرائيليين في سهل بلدة الخيام الجنوبية. ودمر القسم الاكبر من منازل هذه البلدة وتكفلت دولة قطر اعادة بنائها.
كما رفع الحزب لوحة كبيرة في الطرف الجنوبي لبلدة عيتا الشعب تظهر الجنديين الاسرائيليين اللذين اسرهما في 12 تموز/يوليو.
وشهدت هذه البلدة ايضا مواجهات شديدة بين الجنود الاسرائيليين ومقاتلي حزب الله. وكان الجنرال الفرنسي الان بيليغريني القائد السابق لقوة اليونيفيل صرح الاسبوع الفائت ان الوضع الامني في جنوب لبنان "لا يزال هشا" لافتا الى ان القوة الدولية "لا تملك اي مؤشر الى وجود حزب الله كتنظيم مسلح".
وجاء كلامه على هامش تسليمه قيادة اليونيفيل الى الجنرال الايطالي كلاوديو غراسيانو في الثاني من شباط/فبراير الجاري.
استعدادات اسرائيلية
وفي الجهة المقابلة تعمل اسرائيل بلا كلل لتوفير الحماية للسكان تحسبا لحرب جديدة مع حزب الله.
وفي كريات شمونة المدينة الواقعة بمحاذاة الحدود مع لبنان والتي سقطت فيها اكثر من 800 قذيفة خلال الحرب الاخيرة، تعتبر مسالة توفير الملاجئ تحت الارض الاكثر اولوية.
لكن رئيس البلدية حاييم بربيباي يعبر عن قلقه لان التجهيزات وبناء ملاجئ اضافية تمول بغالبيتها من اموال خاصة لن تنجز قبل نهاية العام 2007.
ويؤكد ان "النزاع المقبل سيطال كافة الاراضي (الاسرائيلية) ولن يكون بامكان السكان الانتقال كما حصل في الصيف الماضي"، عندما لجأ نصف مليون شخص من سكان شمال اسرائيل جنوبا.
ولفت حاييم بربيباي الى ان "الملاجىء لا يمكن ان تستوعب سوى 60% من سكان المدينة البالغ عددهم 24 الفا، كما يتوجب ان تجهز بمكيفات واجهزة تلفاز وتوصيلات للارتباط بالانترنت لكي يتمكن السكان من العيش فيها بشكل طبيعي لفترة طويلة من الزمن".
كذلك تستعد حيفا كبرى مدن شمال اسرائيل يشمل كافة الاراضي الاسرائيلية على ما اوضح شمويل غانتس المدير العام للبلدية.
ويوضح غانتس ان عدد الملاجئ في مدينته كاف مؤكدا "اننا نشدد على تحضير السكان نفسيا بانهم سيضطرون للبقاء في المدينة ومواجهة الازمة".
وفي مستشفى نهاريا على بعد نحو عشرة كيلومترات من الحدود اللبنانية بقيت غرفتان اصيبتا بقذيفة الصيف الماضي على حالتهما من الخراب لتكونا شهادة حية على الحرب الاخيرة.
وحتى اقنعة الاوكسجين ما زالت متدلية من الجدران المثقوبة من اثار كرات الفولاذ التي كانت محشوة بها القذائف، وكذلك لفافات الورق الصحي بقيت في مكانها في الحمامات وسط الحطام والقضبان المعدنية التي سقطت من السقف.
ولحسن حظهم لم يكن المرضى موجودين في المكان في ذلك الوقت بل نقلوا الى طابق تحت الارض اعد ليعمل كمستشفى في زمن الحرب.
واوضح المتحدث باسم المستشفى زئيف فاربر "قبل عشر سنوات عندما قررنا بناء المستشفى تحت الارض اعتبرونا مجانين لكن الان كل المستشفيات في المنطقة تحسدنا".
من جهته اكد كالين شابيرا المدير المساعد لمستشفى صفد في شرق الجليل حيث سقطت على مقربة منه نحو اربعين قذيفة "نحن بحاجة لمليون دولار وللوقت من اجل بناء منشآت تحت الارض".
وبدأ بالفعل وضع الامدادات الكهربائية للمعدات الطبية في هذه المؤسسة في القاعات تحت الارض المخصصة للارشيف والمغسل.
وقد قتل حوالى 160 اسرائيليا، بينهم 40 مدنيا اثر سقوط اربعة الاف قذيفة على المدن والبلدات بشمال اسرائيل اثناء الحرب التي استمرت 34 يوما الصيف الماضي بين الجيش الاسرائيلي وحزب الله اللبناني، واسفرت تلك الحرب في الجانب اللبناني عن سقوط اكثر من 1200 قتيل فضلا وعن اضرار مادية هائلة.
وفي مطلع كانون الثاني/يناير الماضي قال رئيس اجهزة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية عاموس يادلين ان حزب الله يعيد بناء ترسانته العسكرية وان القوة الدولية المنتشرة في جنوب لبنان لا تفعل شيئا لمنعه من ذلك.
وفي كانون الاول/ديسمبر اعتبر الجنرال يوسي بيداتز قائد وحدة التحقيق في الاستخبارات العسكرية من جهته ان الرئيس السوري بشار الاسد "يجهز قواته لنزاع عسكري" مع اسرائيل.
ولعل العثور على اربع عبوات ناسفة من قبل الجيش الاسرائيلي الاثنين داخل اسرائيل بالقرب من الحدود مع لبنان يشكل اشارة الى قرب استئناف المعارك.
—(البوابة)—(مصادر متعددة)