حماس بدأت رحلة 'التنازلات' باقتراحها هدنة لعشر سنوات وقبولها دولة في حدود 67

تاريخ النشر: 26 يناير 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

البوابة-بسام العنتري 

اقترحت حركة حماس هدنة لعشر سنوات مع اسرائيل مقابل انسحابها حتى حدود عام 1967، واعلنت قبولها قيام دولة فلسطينية ضمن هذه الحدود، وذلك في خطوة وصفت بانها بداية لرحلة "التنازلات" بالنسبة للحركة التي ايقنت ان سياساتها السابقة في التعامل مع واقع الصراع لم تكن صائبة. 

واوضح القيادي البارز في حركة حماس، عبد العزيز الرنتيسي، في تبريره للهدنة المقترحة، ان الحركة توصلت إلى نتيجة مفادها أن من الصعب تحرير كل الأراضي الفلسطينية في هذه المرحلة، ولذلك فهي تقبل تحريرا تدريجيا، وقيام دولة في الضفة الغربية بما في ذلك القدس وقطاع غزة. 

وفيما نظر مراقبون الى تصريحات الرنتيسي على انها تضمنت مواقف جديدة لم تكن موجودة سابقا في ادبيات حماس، الا ان قياديا في الحركة اكد انها لم تشتمل على أي جديد، وانما جاءت تكرارا لمواقف سابقة اعلنتها الحركة. 

وقال محمد غزال لـ"البوابة" ان تصريحات الرنتيسي "لا تحتوي على شئ جديد (وهو) كان تحدث عن نفس الهدنة السابقة، لكن يبدو انه سئل عن مدتها، فقال انها مدة يمكن الاتفاق عليها، وحدد السقف الاعلى بعشر سنوات، مستندا بذلك الى رأي فقهي يقول انها لا يجب ان تزيد على عشر سنوات". 

وتشترط حركة حماس وفصائل فلسطينية اخرى انسحاب اسرائيل من الضفة الغربية وقطاع غزة، من اجل الموافقة على هدنة جديدة توقف بموجبها عملياتها العسكرية ضد الاهداف الاسرائيلية. 

وحاولت مصر والسلطة الفلسطينية اقناع الفصائل خلال حوار القاهرة اواخر العام الماضي، بالموافقة على هدنة جديدة، لكن المحاولة لم تفلح، نتيجة رفض الفصائل تكرار تجربة الهدنة الاولى التي اعلنتها في اواخر حزيران/يونيو الماضي، ولم تلبث ان انهارت بعد خمسين يوما بسبب عدم التزام اسرائيل بها. 

وقال غزال انه "اذا انسحبت اسرائيل من الضفة الغربية وقطاع غزة، بمعنى اراضي 67، فمن الممكن وقف العمليات، لكن دون الاعتراف باسرائيل..وهذا موقف قديم وليس جديدا". 

واكد ان الحركة اعلنت في وقت سابق عن تاييدها لمبدأ التحرير المرحلي الذي تحدث عنه الرنتيسي، وقيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولكن ليس على اسس اتفاق اوسلو. 

وقال غزال "لا نمانع في ان تقام دولة فلسطينية او ان يزول الاحتلال عن اراضي عام 1967، بمعنى التحرير المرحلي، لا نمانع في ذلك، هذا موقف اعلنته حماس، وهو مرهون بنفس الوقت بان لا يكون هناك اعتراف بحق اسرائيل في بقية اراضي فلسطين" التاريخية الممتدة من نهر الاردن الى البحر المتوسط. 

واضاف ان اعتراف حماس بقيام دولة فلسطينية على اسس اتفاقات اوسلو "لن يتم"، وانما ستعترف الحركة بدولة تقوم "على الامر الواقع الذي احدثته الانتفاضة". 

وتابع "اوسلو فشلت في ان تصل الى شئ مما وصلنا اليه الان، اذا كان هناك نوع من التسليم الاسرائيلي بارجاع حق هو للفلسطينيين، فهذا يكون بسبب الانتفاضة وليس اوسلو". 

وفي الوقت الذي ترفض فيه حماس المشاركة في اية حكومة فلسطينية على اساس ان هذه الحكومات هي من افراز اتفاقات اوسلو، الا ان القيادي في الحركة المح الى ان هذا الموقف يمكن ان يتغير. 

وقال ان "هذه القضايا ليس فيها قرار سياسي مصيري لا يتغير، هذه ليست قضية عقيدية، وانما هي قضية سياسية، والقضية السياسية تحكمها الظروف". 

وفي الوقت الذي تصر فيه حماس على اظهار موقفها من الهدنة والدولة الفلسطينة، على انه ليس جديدأ، الا ان الباحث المتخصص في الشؤون الاسرائلية، غازي السعدي، رأى عكس ذلك تماما، واكد ان الحركة بدأت رحلة "التنازلات". 

وقال السعدي ان "هذا موقف جديد..موقف جديد ان ترضى حماس بدولة فلسطينية في حدود 67"، مضيفا ان الحركة "ارادت من خلال طرح مسالة الهدنة، تغليف هذا التنازل وهذا التحول ببعض الديكورات". 

واعتبر ان التحول في استراتيجية حماس التي كانت تستند الى قيام دولة فلسطينية من البحر الى النهر، قد جاء نتيجة للوضع الدولي الراهن ولاقتناع الحركة بانها لا تستطيع الاستمرار في سياساتها السابقة في التعاطي مع الصراع. 

وقال ان "الوضع الدولي، والوضع في الاراضي الفلسطينية، والضائقة الاقتصادية والحياتية التي يعانيها الفلسطينيون بعد ثلاث سنوات ونيف من الانتفاضة، اثبتت ان هناك تراجعا" وليس تقدما باتجاه تحقيق مطالب الفلسطينيين. 

وتابع ان "المطلب في البداية كان وقف الانتفاضة مقابل الانسحاب الكامل من الاراضي المحتلة، ثم بدات عملية التراجع من قبل حماس والجهاد الاسلامي وكل الفصائل، فهبط المطلب من سقف الانسحاب الكامل الى القبول بهدنة، واسرائيل لا تقبل هدنة..هذا تراجع كبير". 

وقال السعدي ان "كل هذا خلق باعتقادي تذمرا بين المواطنين من القيادات الفلسطينية بما فيها حماس التي لم تنجح في تحقيق شئ يذكر للفلسطينيين..صحيح ان اسرائيل دخلت في ازمة اجتماعية واقتصادية نتيجة الانتفاضة ولكن الازمة الفلسطينية اكبر بكثير". 

واضاف انه نتيجة هذه الظروف والمعطيات "اصبح مطلوبا من جميع الفصائل، بما فيها حماس، اعادة حساباتها، واعتقد انهم اعادوا حساباتهم وتوصلوا الى بداية التراجع عن مواقفهم السابقة". 

واشار السعدي الى انه "ينبغي ان ناخذ في الاعتبار ايضا، الضغط العسكري الاسرائيلي على المقاومة وبخاصة عمليات التصفية، وان كافة قيادات حماس تقريبا، لا تستطيع الان الخروج جهارا خوفا من عمليات التصفية".—(البوابة) 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن